سي إن بي سي عربية-
حظيت المملكة العربية السعودية، بدعم راسخ من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، في أعقاب مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، في مقابل ذلك، قد تقوم المملكة الغنية بالنفط بتقديم تنازلات لحليفها الأمريكي.
وقال محللون سياسيون إن الملك "سلمان" ونجله وولي عهده الأمير "محمد"، ربما يخفضان من حجم الحرب في اليمن، والحصار الذي تفرضه المملكة على قطر.
وتعليقا على ذلك، قالت "إيميلي هوثورن"، محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشبكة "سي إن بي سي"، إن مثل هذه الخطوات ستسمح للسعودية، بإظهار بعض حسن النية للولايات المتحدة الأمريكية، والاحتفاظ بمستوى الدعم الاستراتيجي العالي، الذي يمنحها إياها البيت الأبيض.
ولم يرد المسؤولون السعوديون على استفسار "سي إن بي سي" حول ماذا كانوا سيغيرون سياسياتهم في اليمن أو قطر.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أبلغ وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" المسؤولين في الرياض، بضرورة إنهاء الحصار البري والبحري والجوي المفروض ضد قطر، وكانت المملكة، إلى جانب البحرين والإمارات ومصر، قد قطعت علاقاتها مع قطر العام الماضي.
وفى الشهر الماضي زادت الولايات المتحدة من دعواتها لوقف إطلاق النار في اليمن، حيث يقاتل المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، تحالفا تقوده السعودية يدعم القوات الحكومية.
دعم "ترامب" للرياض
وفي بيان مطول، يوم الثلاثاء، قال "ترامب" إن الولايات المتحدة، تقف إلى جانب السعودية في أعقاب مقتل "خاشقجي"، كاتب العمود في صحيفة "واشنطن بوست"، والمنتقد لسياسيات العائلة المالكة السعودية، والذي قتل داخل القنصلية السعودية بإسطنبول الشهر الماضي.
وقد خلصت وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي.آي.إيه" أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" هو من أمر باغتيال "خاشقجي"، وذلك وفقا لتقارير نشرتها "إن بي سي نيوز "، و"واشنطن بوست"، لكن المملكة ترفض تلك الادعاءات.
وقال "ترامب" يوم الثلاثاء إن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "لم يكن لديها شيء محدد" بشأن تورط ولي العهد، وادعي أن "تقريرا كاملا" حول التحقيق سيصل دون أن يقدم إطارا زمنيا لهذا التقرير.
واتخذت واشنطن تدبيرا عقابيا وحيدا وهو فرض عقوبات على 17 مسؤولا سعوديا لدورهم في عملية قتل "خاشقجي".
وفي مواجهة ضجة دولية، حول دورها المزعوم في وفاة "خاشقجي"، تعتزم الرياض الآن الحفاظ على علاقتها مع الغرب، بحسب "أيهم كامل"، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية.
وأشار "كامل" إلى أن الإدارة الأمريكية ظلت لأشهر تنتقد النزاعات بين الحلفاء الخليجيين، لكنها لم تكن قادرة على تحفيز المملكة لتغيير موقفها.
ولفت إلى أن القيادة السعودية "لا ترغب في تبني أي سياسيات يمكن أن تتسبب في تدهور علاقتها بالغرب، ولذا من المرجح أن تخفف الرياض التوترات مع الدوحة وتقلل من حدة الحرب في اليمن خلال الأشهر المقبلة".
وفي حديث إلى "سي إن بي سي"، يوم الأربعاء، قال وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير"، إن بلاده تسعى إلى إنهاء الأعمال العدائية في اليمن، وأعرب عن أمله في تتفاوض القوى الحوثية على حل للأزمة خلال مباحثات السلام القادمة والمقرر عقدها في السويد.
وقال "الجبير": "الحل السياسي كان متاحا منذ اليوم الأول، لكن الحوثيين رفضوا ذلك".
وتابع "الجبير"، أن المملكة ستواصل سياستها الخارجية في محاولة لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ومحاولة ردع التطرف والإرهاب، وأيضا مواجهة سياسيات إيران الشريرة والخبيثة والعدوانية، كما رفض تقارير تشير إلى تغيير خط الخلافة في المملكة.
وفيما يتعلق بـ"خاشقجي"، احتج "الجبير" على أن الرياض أعلنت كمذنب من قبل البعض دون تقييم كامل للحقائق.
استثمار الموقف الآن
وقال "ريتشارد مورفي" السفير السابق لدى السعودية، أن "ترامب" يجب عليه استثمار نفوذه الجديد على الرياض؛ لتحقيق مكاسب في السياسة الخارجية.
وأضاف "مورفي" أنه على سبيل المثال، قد يضغط "ترامب" على الرياض لوقف إطلاق النار في اليمن في حين يحجب الأسلحة الأمريكية والمساعدات الاستخباراتية للقتال هناك.
وفيما يتعلق باختيار "ترامب" السفير الأمريكي القادم إلى الرياض، "جون أبي زيد"، أعرب "ميرفي" عن ثقته فى قدرة "أبي زيد" على التعامل مع المملكة في وقت حساس مثل الذي تمر به حاليا.
ولطالما اعتمدت الولايات المتحدة على الرياض لمواجهة إيران في الشرق الأوسط، وأيضا لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
كما اعتمدت أيضا واشنطن على الرياض في تقييد أسعار النفط وشراء أسلحة أمريكية الصنع، فالمملكة هي المنتج الأكبر للنفط في منظمة "أوبك" والمشتري الأعلى للأسلحة الأمريكية.
وخلال تاريخ العلاقات بين البلدين، تجاوزت الولايات المتحدة والرياض، العديد من التداعيات الخطيرة، مثل هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول التي كان أغلب منفذيها من الجنسية السعودية، وحتى فى ذلك الحين لم تفرض واشنطن أي عقوبات على المسؤولين السعوديين.
وترى "إيميلي هوثورن"، محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشبكة "سي إن بي سي" إن أزمة "خاشقجي"، ربما تكون أصعب قضية يجب عليهما تجاوزها.. فالبيت الأبيض لا يبحث عن شركاء في قمة هرم حقوق الإنسان وحرية الصحافة... ولكنه يبحث عن شركاء يمكنهم المساعدة في تحقيق أهداف استراتيجية أخرى".