وكالات-
يشهد الشارع الجزائري حالة من الانقسام والتناقض حول الزيارة المحتملة لولي عهد السعودية الأمير "محمد بن سلمان"، والمرجح لها 6 ديسمبر/كانون الأول القادم ، وذلك في إطار أول جولة خارجية يقوم بها منذ مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في إسطنبول الشهر الماضي الذي أدى إلى تنديد عالمي بهذه الجريمة.
وبينما اعتبر الرافضون أن الزيارة تضر بصورة الجزائر عربيا ودوليا، رأى المرحبون ما يتعرض إليه الأمير السعودي الشاب من انتقاد يدخل في إطار حملة تشويه مقصودة بسبب "السياسة الإصلاحية والتحديثية" الجديدة التي ينتهجها.
وعلق رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية "عبدالرزاق مقري" على الزيارة قائلا: "استقبال ولي العهد السعودي في هذه المرحلة لا يخدم في الحقيقة صورة الجزائر على المستوى العالمي أو العربي (..) هو استجاب لدونالد ترامب (الرئيس الأمريكي) بخفض أسعار البترول وهو يعلم أن هذا يضر بالجزائر".
وتابع: "هو بهذه الزيارة ربما يسعى لطمأنة الجزائر، وربما يطمع في أن يجعلها جمهورية أرز (تعيش على المساعدات)، لكن نحن نثق في نخوة الجزائريين بأنهم لن يقبلوا أن تتحول بلادهم إلى بلد طماع".
وأوضح: "لقد وصل الحد اليوم في السعودية إلى القتل الجماعي في اليمن وسجن كل واحد يقول كلمة حتى لو كانت لطيفة في حق ولي العهد (..) هناك أعداد هائلة من المهددين والسجناء والقتلى وآخرها قضية الصحفي جمال خاشقجي كما تعلمون".
بدوره عبر النائب البرلماني "نزيه بن رمضان" عن استغرابه من الزيارة التي وصفها بالمفاجئة لولي العهد السعودي، وتساءل عن الأسباب التي جعلت تلك الزيارة تأخذ طابعا استعجاليا مؤكدا أن الساعات القادمة "هي التي ستحمل الإجابة، مع الإعلان الرسمي عن تفاصيلها".
وامتد الرفض أيضا إلى عالم الفن والسينما حيث قال المخرج السينمائي "عبدالقادر جريو" إن الظّرف الذي يزور فيه "بن سلمان" الجزائر غير مناسب، بحكم أنه لا يزال متهما في قضية مقتل الصحفي.
وأضاف: "لا يشرفني كمواطن وفنان جزائري أن تستقبل بلادي هذا الرجل الذي يعتقل ويأمر بقتل المثقفين والصحفيين"، وشدد على ضرورة أن "تحفظ الدبلوماسية الجزائرية مصالحها في محادثاتها مع ولي العهد خلال زيارته المقررة".
وكتبت مديرة جريدة الفجر الجزائرية "حدة حازم "أن "بن سلمان جاء يوزع دم أطفال اليمن على الحكام ويورطهم في جرائمه، فهل سيرحب به رئيس الحكومة أحمد أويحيى؟".
أما الكاتب "زين العابدين بوعشة" فقد تساءل عبر صفحته في فيسبوك عن سبب اختيار ولي العهد السعودي للجزائر، مشيرا إلى أن "الزيارة جاءت لمواجهة العاصفة الدبلوماسية التي أثارتها قضية خاشقجي".
ورجّح "بوعشة" أن يكون لردود الفعل "العنيفة" تأثير على العلاقات الجزائرية السعودية.
وفيما بدى أنه رفض رسمي ضمني للزيارة، استبقت وزارة الخارجية الجزائرية زيارة "بن سلمان"، وأعلنت في بيان متأخر أمس الأحد، عن إدانة الجزائر لمقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، معربة عن قناعتها بأن "العدالة السعودية ستسلط الضوء على هذه القضية".
لكن في المقابل رحب حزب التجمع الوطنى الديمقراطي الجزائري (الأرندي) الشريك في الائتلاف الحاكم، بالزيارة .
وقال "صديق شهاب" الناطق باسم الحزب، في تصريح اليوم الإثنين، إن السعودية بلد صديق وشقيق، والجزائر لديها علاقات ممتازة معها.
كما رحبت العديد من صفحات العديد من شخصيات البارز بالتيار السلفي على مواقع التواصل الاجتماعي، بالزيارة، معتبرة أن الأمير الشاب يحمل فكرا مجددا.
وأشارت إلى أن ما يتعرض إليه من انتقاد يدخل في إطار حملة تشويه مقصودة بسبب "السياسة الاصلاحية و التحديثية" الجديدة التي ينتهجها بن سلمان.
وفي السياق ذاته شهدت زيارة "بن سلمان"، ترحيبا غير متوقع، وربما مفاجئا من محسوبين على التيار الحداثي العلماني، على سبيل المثال أستاذ الفلسفة "إسماعيل مهنانة" الذي يستخدم عبارة "المدعو" "خاشقجي" كلما تحدث عن الصحفي السعودي، منتقدا معارضي زيارة ولي العهد السعودي.
وكتب الصحفي "السعدي ناصرالدين "المعروف بتوجهه اليساري متسائلا: "استقبلت الجزائر قادة الإمارات وقطر والكويت، فلماذا الغضب لأنها قررت استقبال محمد بن سلمان؟ طبعا سؤال لغير الإخوان؟".
فيما رد عليه البعض بالقول إن ولي العهد السعودي هو المتهم الأول بالوقوف خلف قتل الصحفي "جمال خاشقجي".
وقالت السعودية إن الأمير "محمد" لم يكن على علم مسبق بمقتل الصحفي السعودي البارز، وبعد تقديم روايات متناقضة عديدة، قالت الرياض الأسبوع الماضي إن "خاشقجي" قتل وتم تجزئة جثته عندما فشلت مفاوضات إقناعه بالعودة إلى السعودية.
وقال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إن الأمر بالقتل جاء من أعلى المستويات في القيادة السعودية لكنه استبعد أن يكون الملك "سلمان" أمر بذلك، ما يضع ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما في دائرة الضوء.
وأكد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يوم الثلاثاء، أن واشنطن ستبقى "شريكا راسخا" للسعودية رغم قوله إن الأمير "محمد" ربما علم بخطة قتل "خاشقجي".
يذكر أن ولى العهد السعودى، سيقوم بزيارة إلى الجزائر يوم 6 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ضمن جولة لعدد من الدول العربية.
ومن المتوقع أن يشارك الأمير "محمد" أيضا في اجتماع لمجموعة العشرين في بوينس آيريس في نهاية الشهر الجاري والذي سيحضره رئيسا الولايات المتحدة وتركيا وزعماء دول أوروبية آخرون.