ملفات » قضية جمال خاشقجي

ما حقيقة موقف الأردن من زيارة محمد بن سلمان؟

في 2018/12/05

الخليج أونلاين-

يلوذ موقف الأردن الرسمي بالصمت إزاء تأجيل أو إلغاء زيارة ولي العهد السعودي عمّان، إذ لم تعلن الحكومة الأردنية بشكل رسمي عن الزيارة المتوقعة لمحمد بن سلمان إلى البلاد، لكن مصدراً مقرباً من مطبخ القرار في البلاد أكد تأجيلها بالفعل لموعد لاحق لم يتم الإعلان عنه.

المصدر ذكر في تصريح لـ"الخليج أونلاين" أن "تأجيل موعد الزيارة يأتي بسبب توجه الملك الأردني عبد الله الثاني إلى واشنطن، للمشاركة في مراسم دفن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب".

وتأكد لـ "الخليج أونلاين" إلغاء الوفد المرافق لمحمد بن سلمان كل الحجوزات الفندقية في الساعات القليلة الماضية، بمنطقة البحر الميت حيث كان مقرراً أن يتم استقبال بن سلمان هناك.

 

- زيارة شبه سرية

شخصيات حزبية وإعلامية أكدت أن حكومة الأردن حاولت إضفاء السرية المرحلية على زيارة بن سلمان الأردن، خصوصاً أن مقتل الصحفي جمال خاشقجي لا يزال يلقي بظلاله على أحاديث الأردنيين.

هذه الشخصيات أكدت لـ"الخليج أونلاين" أن الموقف الأردني الصامت من الزيارة يأتي في ظل ما أثارته زيارة بن سلمان عدداً من الدول العربية من جدلٍ ورفضٍ شعبي وإعلاميٍ واسع، وهي من المتوقع بحال تأكيدها، أن تثير مطالبات شعبية في الأردن برفضها، وبضرورة عدم استقبال الأمير السعودي، باعتباره "متورطاً" في قضية خاشقجي.

 

- ابتعاد تدريجي عن السعودية

رئيس الديوان الملكي الأردني السابق جواد العناني، أكد لـ"الخليج أونلاين" أن "ثمة تفسيرات سياسية واضحة تهدف لتحصين الأردن والنأي بنفسه، بأن يكون محايداً إذا حدثت تغييرات في السعودية مستقبلاً"، مشيراً إلى وجود "ابتعاد تدريجي عن السعودية".

وقال: "الوضع الحالي في السعودية لم يعد مجدياً، خاصة بعد الظهور  الأخير لبن سلمان في قمة العشرين بالأرجنتين".

وأضاف: "كثيرٌ من قادة العالم في أوروبا وغيرها بدؤوا يشعرون أن المراهنة على السعودية لن تجدي نفعاً، والملك عبد الله الثاني ليس ببعيد عن هذه الفكرة؛ فهو يريد إظهار موقف الأردن من خلال إنهاء مهمة باسم عوض الله (مبعوثه الخاص للسعودية والمقرب من بن سلمان) استباقاً لحدث معين".

اقرأ أيضاً

سياسي ألماني: بن سلمان فشل في بناء ثقة القادة خلال قمة الـ20

- خلافات جوهرية

الكاتب والمحلل السياسي بسام بدارين أشار إلى "وجود خلافات جوهرية في الرؤى والبرامج بين عمان والرياض".

وقال لـ"الخليج أونلاين": إن "السعودية تتهم الأردن بالنكوص عن المشاركة في حرب اليمن، وبأن عمان تجري اتصالات مستمرة ولم تتوقف مع المحور القطري – التركي الخصم اللدود للسعودية".

وأضاف بدارين أنه في المقابل يتهم "الأردن الجانب السعودي بمزاحمته في ملف القضية الفلسطينية، وتحديداً الوصاية على القدس، ثم بتجاهل مساعدته مالياً واقتصادياً، بالإضافة إلى التدخلات الإماراتية في الشؤون الداخلية للأردن من خلال رعاية منظمة باسم مؤمنون بلا حدود (تدعمها أبوظبي حليفة الرياض)، حاولت العبث في الداخل الأردني مؤخراً، واعتقل أمينها العام يونس قنديل".

وبالنظر إلى ردود الفعل الأردنية الغاضبة على جريمة اغتيال خاشقجي، فإن "الحكومة على يقين بألَّا تجد زيارة ولي العهد السعودي بكل الأحوال الترحيب الشعبي المطلوب لزعيم سعودي كما جرت العادة، لا سيما أن أصابع الاتهام تشير إلى دائرة الحكم في السعودية، مع ارتباط اسم بن سلمان بالقضية، على أساس أن الأوامر صدرت مباشرة منه لتنفيذها"، بحسب بدارين.

 

- هجوم نيابي على السعودية

السعودية نفسها كانت قد تعرضت خلال الأشهر الماضية لهجوم نيابي في الأردن، بعدما طالب النائب طارق خوري بضرورة إنهاء دورها في الإشراف على الحج، في حين شدد النائب خالد رمضان لـ"الخليج أونلاين" على أن "الأردن ليس للبيع في مقابل أموال ولي العهد السعودي، وحليفه محمد بن زايد".

بدوره، رأى المحلل السياسي الأردني أنيس الخصاونة، أنّ زيارة بن سلمان للأردن "تمثل خدمةً كبيرة للرياض"، التي تواجه اليوم "عزلة واضحة بسب مقتل خاشقجي، وهناك اتجاهات سلبية حولها وحول قياداتها في مختلف دول العالم".

في حديثه لـ"الخليج أونلاين" قال الخصاونة إن الموقف الدولي من ولي العهد السعودي "مرتبط بالاتهامات المباشرة التي طاولته في قضية مقتل خاشقجي، وهي اتهامات تعتمد على تسجيلات وأدلة تشير إلى دوره في الجريمة"، مضيفاً: إنه "رغم تراجع الإدارة الأمريكية قليلاً في موقفها حول هذ القضية، لكن الموقف الدولي واضح جداً".

 

- دلالة إنهاء خدمات "عوض الله"

وفي دلالة جديدة على توتر العلاقة بين عمان والرياض، أنهى العاهل الأردني عبد الله الثاني، ودون سابق إنذار أعمال مبعوثه الشخصي للسعودية، وهي الحادثة التي لم تمر بصورة عابرة، ودون تدقيق في التفاصيل، خاصة أن القرار الصادر بإرادة ملكية جاء بعد عودته مباشرةً من واشنطن تسلم خلالها جائزة "تمبلتون" رفيعة المستوى.

في السياق ذاته، علق الكاتب والمحلل السياسي حسن البراري على قرار الملك بشأن عوض الله بالقول: إنه "من الواضح أن الملك توصل في واشنطن إلى نتيجة بأن مستقبل محمد بن سلمان في مهب الريح"، مبيناً لـ"الخليج أونلاين" أن العاهل الأردني "أراد أن ينأى بنفسه عن هذا المشهد السعودي من خلال إعفاء باسم عوض الله من عمله بشكل مُباشر مع بن سلمان، كأحد مستشاريه الرئيسيين".

وأضاف: "ومن ثم فالملك غير معني بأن يكون هناك رابط بينه وبين ولاية العهد التي أصبحت في مهب الريح".

بدوره يرى مراد العضايلة، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي (أكبر الأحزاب الأردنية)، أن "توقيت زيارة بن سلمان المتوقعة للأردن غير مناسب".

وأضاف وهو يتحدث لـ"الخليج أونلاين": إن "التحقيقات في مقتل الصحفي خاشقجي لم تنته بعد، ووجود اتهامات شخصية بتورط الأمير محمد، والنظر إلى الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، كلها أسباب تدفع الأردن إلى عدم استقبال بن سلمان".

وختم بالقول: "نحن بدورنا نرفض رفضاً قاطعاً أية ضغوطاتٍ سعودية على الأردن في هذا الملف أو غيره".