بروس ريدل- المونيتور- ترجمة زياد محمد -
سافر ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" في جميع أنحاء العالم لمحاولة إعادة استنهاض سمعته الملطخة، وقد حقق بعض النجاح مع الطغاة الآخرين لكنه أصبح شخصية استقطابية تدمر اسم المملكة.
وفي الولايات المتحدة، تتعرض الشراكة التي يبلغ عمرها 75 عاما لضغوط كبيرة، وتخاطر بفقدان دعمها التقليدي من الحزبين.
اغتراب المملكة
حظي ولي العهد باستقبال حافل فقط من الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين، وحتى حاميه الأول "دونالد ترامب"، اختار ألا يلتقيه في اجتماع ثنائي مباشر.
ومع ذلك، حصل ولي العهد على الصورة الجماعية التي أرادها، حيث وقف مع بقية قادة مجموعة العشرين، وهي الصورة التي يتم استخدامها داخل المملكة لطمأنة السعوديين بأن كل شيء على ما يرام.
طار ولي العهد فوق المغرب - الحليف السعودي القديم - في طريقه إلى وطنه من بيونس آيرس، عاصمة الأرجنتين، وأشادت الصحافة المغربية بالملك "محمد السادس" لأنه لم يلتقِ الأمير، في المقابل، انتقد الإعلام الجزائري الحكومة لاستقبال ولي العهد السعودية.
وقد دعم السعوديون حملة القمع الوحشية للنظام الجزائري على الإسلاميين في التسعينات، والتي لا تزال تثير نقدًا قويًا للجيش، ولم يلتق الرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة" مع الأمير محتجا باعتلال صحته، وهو عذر متكرر كثيراً من "بوتيفليقة"، وتتعرض زيارة "بن سلمان" المرتقبة للأردن لانتقادات حادة أيضا.
ويصر البيت الأبيض على أن القيادة السعودية هي الحليف الأمريكي الأساسي في المنطقة، وأن دورها حيوي لمبيعات الأسلحة والنفط الرخيص واحتواء إيران.
لكن الإدارة الأمريكية أصبحت محاصرة مع تسرب أنباء جديدة حول الاتصالات بين قتلة الصحفي "جمال خاشقجي" ومكتب ولي العهد في الرياض في يوم الجريمة، وهو ما يزيد من قوة الأدلة على تواطؤ الأمير ولي العهد في عملية قتل "خاشقجي" التي جلبت المزيد من الاهتمام للحرب الكارثية التي يشنها السعوديون في اليمن، وهي أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
وأصبح سلوك السعودية الآن تحت رقابة قاسية في الولايات المتحدة بشكل غير مسبوق منذ الحظر النفطي الذي فرضته المملكة عام 1973.
وعلى عكس توترات 1973، التي تعلقت بالسياسة تجاه (إسرائيل)، فإن الضغوط الحالية تدور حول شخص ولي العهد السعودي نفسه أكثر من الاختلافات حول السياسة، وفي حين أن أحدا لم يطالب بإبعاد الملك "فيصل" عام 1973، يريد نقاد السعودية اليوم تغييرًا في القيادة في الرياض، وهو أمر صعب يرقى إلى درجة المستحيل.
تدهور العلاقات
لكن تهور ووحشية سلوك ولي العهد يستمر في تحويل الداعمين التقليديين للمملكة في الإعلام والكونغرس ليصبحوا خصوما لها، ومن الصعب أن نرى كيف يمكن لهذا الوضع أن يتغير، ومن المرجح أن أي خطأ آخر من جانب "بن سلمان" سوف يكون مدمرا لمستقبله السياسي.
وفي الوقت الذي ينتقد فيه أعضاء الحزبين في واشنطن السلوك السعودي، فإن الديمقراطيين متحدون أكثر في مواقفهم من الجمهوريين، فقد صوت كل عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ لصالح إجراء في الأسبوع الماضي من شأنه إنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن، بينما ينقسم الجمهوريون بين المنتقدين وبين الموالين للرئيس.
وإذا تعمق هذا الانقسام الحزبي فسيكون له عواقب سلبية على العلاقة مع السعودية، وصحيح أن السعودية لم تكن ذات شعبية يوماً في الولايات المتحدة، لكن رموز الحزبين كانوا يدركون أهمية العلاقات القوية مع الرياض، ويبدو أن هذا الوضع ربما يتغير حال صعد "بن سلمان" إلى العرش.
وفي خضم هذه الفوضى، هناك مبشرات قليلة قادمة من اليمن، حيث يعد السماح لمصابي الحوثي بالسفر إلى عمان والحديث عن تبادل الأسرى تحركات جيدة في اتجاه إنهاء الحرب والحصار، وإذا بدأت المحادثات بين الطرفين وفق الوعود في السويد، فإنها ستكون المرة الأولى منذ عامين، وينبغي على الولايات المتحدة أن تلقي بثقلها وراء هذه العملية، بدلا من محاولة حماية ولي العهد.
لا شك في أن العائلة المالكة السعودية تراقب بعناية كل لقاء دبلوماسي بين ولي العهد والقادة الأجانب ترقباً لعلامات تدل على أن قضية قتل "خاشقجي" يتم تجاهلها.
لكن الأهم من ذلك هو تقدير الرأي العام في الولايات المتحدة الذي سيحدد ما إذا كان المعقل الأول للأمن القومي السعودي على مدى ثلاثة أرباع قرن يتم خسارته.
ويبدو أن المملكة بحاجة ماسة إلى سفير مؤهل ودؤوب في واشنطن اليوم، لكن لسوء الحظ، فإن "خالد بن سلمان" سام مثل أخيه.