بلومبرغ-
"كان لديهم فرصة هذا الأسبوع لكسب القليل من النوايا الحسنة في واشنطن"..
بهذه الكلمات أكد الكاتب الأمريكي المتخصص في الشؤون الأمنية "إيلي ليك" أن السعوديين فشلوا في استثمار ما أبداه البيت الأبيض من دفاع عن ولي العهد "محمد بن سلمان" إزاء اتهامه بالمسؤولية عن اغتيال الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي"، مشيرا إلى أنهم قد يندمون على إهدار تلك الفرصة عندما يعقد الكونغرس الجديد، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون بعد فوزهم بأغلبية مجلس النواب بانتخابات التجديد النصفي الأخيرة.
وفي مقال نشره بوكالة "بلومبرغ"، وصف "ليك" الإخفاق السعودي في إقناع أعضاء مجلس الشيوخ، ذي الأغلبية الجمهورية، بمعارضة مشروع قرار إدانة "بن سلمان" واعتباره مسؤولا عن جريمة الاغتيال، بأنه "نموذجا يدرس للفشل"، خاصة أن موافقة المجلس على المشروع جاءت بالإجماع.
فالسعوديون يعرفون أن إدانة "بن سلمان" إدانة للمملكة بأكملها، ولذا عملوا بشكل محموم، الأسبوع الماضي، على صرف أعضاء الشيوخ عن تأييد مشروع القرار، لكنهم لم يتخذوا أيا من الإجراءات التي كانت كفيلة بتقديم برهنة عملية على صحة معارضته، بحسب المقال.
كانت الخطوة السهلة لإقناع الشيوخ، بحسب "ليك"، هي إطلاق سراح السجناء السياسيين، لاسيما "رائف بدوي"، الذي قبض عليه عام 2012 بتهمة ازدراء الإسلام، والعديد من الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة بالمملكة.
ويرى الكاتب الأمريكي أن هكذا خطوات كانت ستدعم صورة "المصلح الليبرالي" التي قدمها السعوديون لـ"بن سلمان" في الولايات المتحدة، لكنهم لم يفعلوا أيا من ذلك، إذ تعرض "بدوي" للجلد أثناء حبسه، وظلت الناشطات اللاتي دافعن عن حق النساء في قيادة السيارة بالمملكة محتجزات، رغم تبني السلطة لاحقا لمطلبهن.
ولذا جاء التصويت بمجلس الشيوخ بإدانة إجماعية لـ"بن سلمان" في جريمة اغتيال "خاشقجي"، والتأييد بالأغلببية (56 مؤيدا مقابل 41 معارضا) لقطع الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن.
ولم يضيع السعوديون فرصة دعم البيت الأبيض فقط، بحسب المقال، بل أضاعوا أيضا فرصة اعتياد كبار الشيوخ للدفاع عن العلاقات الأمريكية السعودية، ومنهم زعيم الأغلبية الجمهورية في المجلس "ميتش ماكونيل"، الذي أيد قرار إدانة "بن سلمان" رغم أنه نادرا ما يثير المشكلات في ملفات السياسة الخارجية.
وإزاء تبديد الفرصة، قد يندم السعوديون عندما يعقد الكونغرس بتشكيله الجديد في يناير/كانون الثاني 2019، خاصة في ظل توعد الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب بتتبع قضية "خاشقجي" ومحاسبة المسؤولين عن الجريمة.
ويتعين لتمرير قرار الشيوخ قبول مجلس النواب به وتوقيعه من قبل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ليصبح نافذا، وفقا للقانون الأمريكي.
وتعد تلك هي المرة الأولى التي يدعم الكونغرس خطوة لسحب القوات الأمريكية من أي مشاركة عسكرية أجنبية، بموجب قانون صلاحيات الحرب.
ويحد القانون من قدرة الرئيس الأمريكي على إلزام القوات الأمريكية في العمليات العدائية المحتملة دون موافقة الكونغرس.