متابعات-
يحشد الكيان الصهيوني كافة قدراته وعلاقاته على المستويين العربي والدولي لحماية الحليف السعودي محمد بن سلمان، بوصفه جسراً رئيسياً لتمرير صفقة القرن المزمع كشفها خلال العام المقبل، وبوقاً مخلصاً لتنفيذ أجندة التطبيع الاسرائيلي السعودي والعربي، مدفوعاً في ذلك بنهمه للسلطة والمال والقمع والسيطرة على مقاليد الحكم في المملكة.
أحد أشكال الحشد الإسرائيلي لجبر ما كسره تهور محمد بن سلمان خلال الفترة الماصية، جاء في توصيات دراسة صادرة، اليوم الاثنين، عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، والتي دعت رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لممارسة ضغوط على نظام الحكم في الرياض لتعديل سلوكه على الصعيدين الداخلي والإقليمي لتسهيل مهمة الدفاع عنه.
ودعمت الدراسة، التي أعدها الجنرال في الاحتياط إلداد شفيت، ومدير قسم الدراسات الخليجية في المركز، ويوئيل جوزنسكي، الجهود الدبلوماسية والدعائية التي بذلها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من أجل منع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من اتخاذ إجراءات جدية ضد محمد بن سلمان، على اعتبار أن مثل هذه الإجراءات قد تفضي إلى المس باستقرار نظام الحكم في الرياض، الذي يعد في صلب المصالح "القومية" الإسرائيلية.
وتوقعت الدراسة وفق موقع "العربي الجديد" أن يكافئ نظام الحكم السعودي إسرائيل في المستقبل على وقوفها إلى جانب بن سلمان عبر سلسلة من الخطوات التي تخدم مصالحها المختلفة. وشددت الدراسة على أن الكثير من مصالح إسرائيل مرتبطة باستقرار نظام الحكم في الرياض، لدوره في إرساء توازن إقليمي مريح لتل أبيب، إلى جانب الدور الذي تقوم به السعودية في مواجهة إيران.
وحسب معدي الدراسة، فإن بن سلمان قد يلجأ إلى ثلاثة سيناريوهات لمواجهة الحملة ضده في الولايات المتحدة بعد قضية جمال خاشقجي الذي قتل داخل قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من أكتوبر الماضي، وهي: إما أن يواصل تجاهل المواقف الأميركي على أمل أن تخفت العاصفة ويتوقف الاهتمام الأميركي بقضية خاشقجي، أو أن يحاول بن سلمان المناورة مواجهة قرارات إدارة أميركية من خلال إبراز رغبته في تعزيز العلاقة مع روسيا في خطوة تهدف للضغط على واشنطن لعدم اتخاذ خطوات صعبة ضده. أما السيناريو الثالث، الذي يشير إليه الكاتبان الإسرائيليان، فيتمثل في تبني بن سلمان مواقف أكثر فاعلية في خدمة المصالح الأميركية، مثل إبداء مرونة لإنهاء التورط العسكري في اليمن، وعرض المزيد من التعاون في مواجهة إيران، والقيام بخطوات دراماتيكية للتطبيع مع إسرائيل. واستدركت الدراسة إن إضعاف مكانة بن سلمان الداخلية في أعقاب تفجر قضية خاشقجي يقلص من قدرته على تقديم بوادر حسن نية علنية تجاه تل أبيب.
وفيما يخص مسألة الاستمرار في الدفاع عن ولي العهد السعودي، أقرت الدراسة بأن بن سلمان يجعل مهمة الدفاع عن نظامه بالغة التعقيد، بسبب أنماط سلوكه على الصعيدي الداخلي من خلال الحملة التي يقوم بها ضد العديد من الأطراف السعودية، وعلى الصعيد الإقليمي، سيما طابع تدخله العسكري في اليمن، وأزمة حصار قطر، واختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، إلى جانب قضية قتل خاشقجي.
واعترف شفيت وجوزنسكي بأن سلوك بن سلمان لا يسهم فقط في زعزعة الاستقرار الإقليمي، بل إنه أفضى إلى تعزيز مكانة إيران وحسّن من قدرتها على إضعاف الحضور السعودي، وهو ما مكن طهران من توسيع هامش المناورة الإقليمية لها. ودعت الدراسة صناع القرار في تل أبيب إلى تبني إستراتيجية واضحة تهدف إلى الدفاع عن استقرار نظام حكم بن سلمان، وفي الوقت نفسه توخي الحذر بحيث لا يسهم الدفاع عن حكام الرياض في "المس بسمعة إسرائيل الأخلاقية".
وأقر معدا الدراسة بصعوبة مهمة الدفاع عن بن سلمان، سيما بعدما تبين أن مجلس الشيوخ الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، يتبنى موقفا مغايرا من موقف إدارة ترامب، التي تحاول الدفاع عن بن سلمان، على اعتبار أن تبني المجلس قرارا يحمل بن سلمان المسؤولية عن اغتيال خاشقجي ودعوته لوقف الدعم الأميركي للسعودية في حربها على اليمن مؤشران على التباين بين موقفي الإدارة والكونغرس إزاء حكام الرياض.
وأوضحا أن اتخاذ مجلس الشيوخ الأميركي قراراته الأخيرة ضد نظام الحكم في الرياض توجب على تل أبيب مزيدا من متطلبات الحذر خشية أن تتضرر مصالحها جراء الدفاع عنه، مطالبين بأن تتم ممارسة ضغوط على بن سلمان لإجباره على تعديل سلوكه على الصعيدين الداخلي والإقليمي لتسهيل مهمة الدفاع عنه. وأضافت الدراسة أنه على الرغم من أنه من غير المتوقع أن يتبنى ترامب موقف مجلس الشيوخ الذي يحمل بن سلمان المسؤولية عن اغتيال خاشقجي، فإنه قد يضطر لاتخاذ سلسلة عقوبات أخرى تتعلق بتقليص هامش المناورة أمام الرياض في حربها في اليمن، إلى جانب فرض قيود على تصدير بعض أنواع الأسلحة للسعودية.
واستدركت الدراسة أنه يتوجب على بن سلمان أي يعي أنه على الرغم من حرص ترامب على تجاوز قضية خاشقجي إلا أنه قد يضطر، تحت الضغط الداخلي، لاتخاذ إجراءات أكثر جدية تجعل ولي العهد السعودي يقف أمام أزمة خيارات صعبة.