الخليج أونلاين-
ارتبط اسم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشكل لافت، مع المملكة العربية السعودية، خصوصاً في عام 2018 الذي شارف نهايته.
ولم يكن هذا الارتباط، بسبب علاقات الود بينهما؛ وإنما لكثرة طلبات "الدفع" والابتزاز التي يمارسها ترامب علناً مع الرياض، وتحديداً مع الملك سلمان ونجله ولي العهد محمد، وأصبح الأمر محل تندُّر في العالم.
قبل أزمة مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، الذي اغتيل داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية على يد مقربين من ولي العهد السعودي بالثاني من أكتوبر الماضي، كان الرئيس الأمريكي قد استنزف الخزينة السعودية بسلسلة من العقود التجارية الضخمة، بدأت بصفقة تقدَّر بـ450 مليار دولار أمريكي، في أول زيارة عائلية رسمية للرياض.
إلا أنه في ظل الأزمة التي يلتف حبلها حول عنق بن سلمان، إثر تكاثر المؤشرات والأدلة على ضلوعه المباشر في إصدار أوامر قتل الإعلامي جمال خاشقجي، يبدو أن ترامب، الذي يوصف بـ"التاجر الشاطر"، لن يفوّت هذه الفرصة مع دولة "شديدة الثراء" كما قال، من أجل ابتزازها، في "محاولة" منه لإخراج بن سلمان من هذه الورطة، بحيث يكون الدفع مقدماً، بغض النظر عن نتيجة هذه المحاولة.
وإن تمكَّن من ذلك، فيُتوقع أن تكون أكبر عملية ابتزاز في التاريخ، لكون المقابل المادي هنا غير محسوب مقابل البقاء على سدة الحُكم بدولة، هي الأولى في إنتاج النفط.
فيما يلي، تسلسل زمني أعده فريق "الخليج أونلاين"، بدءاً بأحدث تصريح للرئيس الأمريكي بشأن فرض تمويل على السعودية لإعمار سوريا المدمَّرة، دون أن تُعلن الرياض قبولها أو رفضها أو حتى الإعلان عن هذا "العمل الإنساني" قبل أن يعلن ترامب:
تأمين بقاء القوات الأمريكية في سوريا
في أبريل 2018، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنَّ تدخُّل بلاده في سوريا مكلف ويخدم مصالح دول أخرى، "وإذا كانت السعودية تريد بقاء القوات الأمريكية هناك، فعليها دفع تكاليف ذلك".
ويُفترض بعد تصريح ترامب، أن تكون السعودية قد دفعت فعلاً ذلك، إذ لم يصدر عنها أي تصريح يرفض ذلك.
إعادة إعمار سوريا بأموال السعودية
في ديسمبر 2018، قال ترامب في تصريح له: "وافقت المملكة العربية السعودية الآن على إنفاق الأموال اللازمة للمساعدة في إعادة بناء سوريا، بدلاً من الولايات المتحدة".
وأضاف: "هل ترون؟ أليس من الجيد أن تساعد الدول الغنية جداً في إعادة بناء جيرانها، بدلاً من بلد عظيم، الولايات المتحدة، على بُعد 5000 ميل؟ شكراً للسعودية"!
"لا يملكون إلا المال"
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن صفقات السلاح التي عقدتها الولايات المتحدة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية مجرد حبّات "فول سوداني" بالنسبة للسعوديين، رغم أنها تجاوزت 100 مليار دولار.
وتابع ترامب، خلال لقائه مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في أثناء زيارة الأخير واشنطن بمارس الماضي: "السعودية دولة ثرية جداً، وسوف تعطي الولايات المتحدة بعضاً من هذه الثروة كما نأمل، في شكل وظائف، وفي شكل شراء معدات عسكرية".
الدفع مقابل الحماية
كرر الرئيس الأمريكي، في أكتوبر الماضي، أكثر من خمس مرات، الطلب من السعودية أن تدفع من ثرواتها مقابل المحافظة على نظام الحكم فيها وحمايتها.
وقال في إحداها: "هل تتخيلون.. إننا ندافع عن السعودية بكل الأموال التي لديها، نحن ندافع عنها، وهم لا يدفعون لنا شيئاً؟!"، لافتاً إلى أن السعودية لديها أموال طائلة، وهم "لا يملكون شيئاً ألبتة.. إلا المال ولا شيء آخر".
"الحُب" لا يفسد في "الدفع" قضية
تصريح آخر لدونالد ترامب بشأن الطلب من السعودية الدفع مقابل توفير الحماية لها، قال فيه: "نحن نحمي السعودية. يمكننا القول إنهم أثرياء. وأنا أحب الملك (الملك سلمان)".
واستدرك ترامب قائلاً: "ولكنني قلت: نحن نحميكم. قد لا تبقى هناك أسبوعين من دوننا. يجب أن تدفع تكاليف جيشك".
ادفع وإلا فستحتلك إيران في 12 دقيقة
أكد ترامب أن إيران كانت ستسيطر على الشرق الأوسط في غضون 12 دقيقة قبل أن يتسلم الرئاسة، غير أنها تكافح للبقاء الآن.
وللمرة الرابعة على التوالي في أكتوبر الماضي، أشار إلى أن على المملكة العربية السعودية أن تدفع المال مقابل حماية أمريكا إياها، قائلاً: "إن كنا سنحميكَ يجب أن تدفع".
طلبَ ما لا يطلبه غيره.. "هل أنت جاد؟"
يقول ترامب: "قلت للملك سلمان، وهو صديقي: اعذرني.. هل تمانع الدفع مقابل الجيش؟".
وكرّر عبارته، قائلاً: "قلت له: هل تمانع؟ إنهم (السعوديين) يدفعون 30%، فقلت له: هل تمانع الدفع؟".
وأضاف أن الملك سلمان قال له: "لا أحد طلب مني ذلك. قلت له: أنا أطلب منك أيها الملك"، موضحاً أن الملك فوجئ بطلبه، وأنه بادره قائلاً: "هل أنت جادّ؟". فأكّد ترامب: "قلت له: أنا جادّ للغاية، ثق بذلك".
خفض الإنتاج.. استجابة سريعة
علنياً، وبعيداً عن الابتزاز من تحت الطاولة، طلب الرئيس الأمريكي، في أكثر من مناسبة علنية، من المملكة العربية السعودية -والملك سلمان تحديداً- خفض إنتاج النفط، من أجل خفض أسعاره، وهو ما يؤثر بالإيجاب على الولايات المتحدة وبالسلب على الرياض ودول "أوبك"؛ فكانت الاستجابة من السعودية سريعة جداً، حيث يصدر بعد كل طلب تصريحٌ يعلن التنفيذ، والهدف الحقيقي يكون تخفيض الأسعار وتعويض النقص بسبب العقوبات المفروضة على إيران.