ملفات » قضية جمال خاشقجي

2018.. عام السقوط لمحمد بن سلمان

في 2018/12/27

بروس ريدل- المونيتور- ترجمة شادي خليفة -

كان العام 2018 صاخبا للغاية بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان".

وقد ذهب من كونه مصلحا ثوريا يقود ربيعا عربيا سعوديا من أعلى، إلى تلقي اللوم بالإجماع من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي على القتل المتعمد لـ "جمال خاشقجي".

ويُنظر الآن إلى ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما على أنه مستبد خطير ومتهور متورط في جرائم حرب ومجاعة جماعية.

ومن المرجح أن يكون المجتمع السياسي والإعلام أكثر عدائية تجاهه في عام 2019.. لقد كان حقا عام السقوط بالنسبة لـ"بن سلمان".

وكان ولي العهد قد بدأ العام بزيارات كبيرة للمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وقد اجتذبت الزيارات، التي حظيت بدعم حملات ضغط مكلفة وماكينات علاقة عامة نشطة، اهتماما هائلا.

وفي إنجلترا، استقبلته الملكة "إليزابيث الثانية"، ورئيسة الوزراء، وتوفر المملكة المتحدة نحو ثلث المخزون الجوي للقوات الجوية الملكية السعودية، وكان هناك حديث عن صفقة أسلحة جديدة كبيرة.

وكانت جولة الولايات المتحدة طويلة، وامتدت لمدة 3 أسابيع تقريبا، في مارس/آذار وأبريل/نيسان.

وفي البيت الأبيض، رحب الرئيس "ترامب" بالأمير بصور كبيرة، وأشاد بصفقات الأسلحة الأمريكية مع السعودية، وحثه على شراء المزيد من الأسلحة.

ومن ثم انتقل في رحلته إلى "كامبريدج" و"وول ستريت" و"سياتل" و"هوليوود" و"وادي السيليكون" و"هيوستن".

وكانت "أوبرا وينفري" و"مايكل بلومبرغ" و"بيل كلينتون"، ومجموعة من المشاهير الآخرين، قد تسابقوا لالتقاط الصور مع الأمير، وفي تكساس، اجتمع مع الرئيسين "بوش"، الابن والأب.

وقد تم التعهد بصفقات باهظة للاستثمار في "رؤية السعودية 2030"، وهي خطة الأمير للحد من الاعتماد السعودي على النفط وإصلاح الاقتصاد والمجتمع، ولم يحث سوى حفنة فقط من النقاد على الحذر في الاحتضان المتسرع للأمير.

وكانت جاذبية ولي العهد جزءا من برنامج التغيير الاجتماعي الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه، والذي تم إبرازه من خلال منح رخص القيادة للسيدات لأول مرة.

لكن جزءا كبيرا من الإشادة بالأمير كان لوعده بأنه سيكون أكثر ليونة مع (إسرائيل) مقارنة بالموقف السعودي التقليدي، وعلى وجه الخصوص، قيل إن الأمير السعودي يؤيد "صفقة القرن"، التي ناقشها الكثيرون، لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن الأدلة على هذا كانت دائما ضئيلة.

وعلى أي حال، أوضح الملك "سلمان بن عبد العزيز آل سعود" بسرعة أنه لم يكن ليوافق على أي تغيير في المواقف السعودية فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية، وحل الدولتين، وبالأخص وضع القدس الشرقية.

وكان الملك واضحا بأن الأولوية السعودية هي إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، ولا يشمل الإعلان السعودي الأخير عن "كونسورتيوم" من دول البحر الأحمر لتعزيز الأمن في الممرات الملاحية الحيوية (إسرائيل) وليس من المستغرب تراجع الاتصالات السرية بين المملكة و(إسرائيل) منذ اغتيال "خاشقجي"، وفقا لوسائل الإعلام.

وخلف الكواليس، كانت المعارضة لحرب التحالف السعودي في اليمن مستعرة في مجلس الشيوخ، وبقيادة السيناتور "كريس ميرفي"، سعت المعارضة إلى وضع حد لدعم أمريكا للمجهود الحربي السعودي.

وتقول الأمم المتحدة إن 16 مليون يمني معرضون الآن لخطر سوء التغذية، وهي أسوأ كارثة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وهي أيضا مبادرة سياسية بتوقيع "بن سلمان".

وإذا لم تتوجه الحرب إلى وقف شامل لإطلاق النار بحلول أوائل يناير/كانون الثاني، فمن المرجح أن يتخذ "الكابيتول هيل" إجراءات أخرى لمعاقبة ولي العهد وإنهاء التدخل الأمريكي في حربه في اليمن.

وسيحاول الرئيس الأمريكي الدفاع عن السعودية كما يفضل، لكن الصعوبات القانونية والسياسية المتزايدة التي يواجهها "ترامب" ستجعل دفاعه ضعيفا.

ونستطيع أن نضيف إلى قائمة مشاكل ولي العهد تلك الأزمات غير المبررة التي افتعلها مع الدول الأجنبية الغربية، وتدرس كندا، وهي أحد ضحايا نوبات غضب ولي العهد في عام 2018، إلغاء صفقة أسلحة بقيمة 15 مليار دولار لصالح الحرس الوطني السعودي، وإذا فعلت أوتاوا ذلك، فإنها ستكون أكبر صفقة سلاح يتم إلغاؤها مع المملكة.

لكن القرارات في الكابيتول هيل، وأوتاوا رمزية في المقام الأول، لكن رمزيتها قوية، ويبقى مصير ولي العهد في يد والده فقط، وكان الملك قد أطاح باثنين من أولياء العهد في عهده خلال 4 أعوام، ولكن يبدو أنه مصمم على الوقوف إلى جانب ابنه، لكن عام 2018 جعل الأمور أسوأ لكل من ولي العهد والمملكة، وستكون عواقب ذلك طويلة الأمد.

وكان الغطاء الأمني ​​الأمريكي هو التحالف الحاسم للمملكة منذ 75 عاما حيث أنقذتها من الناصرية والسوفييت و"صدام حسين" وملالي إيران، ويحتاج السعوديون إلى واشنطن أكثر بكثير من حاجة واشنطن إلى السعودية ونفطها.

وقد قدمت جنازة الرئيس السابق "جورج دبليو بوش" الأب رمزا آخر، وكان القيادي العربي الوحيد الحاضر في الجنازة هو الملك "عبدالله الثاني" ملك الأردن، وكان والده الملك "حسين" قد تعرض للانتقاد من قبل السعوديين في عامي 1990 و1991، بسبب موقفه من غزو العراق للكويت، لكن كان "عبدالله" ابنه هو من حضر جنازة الرئيس رقم 41، وليس ولي العهد السعودي.