سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
في 27 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تعيينات جديدة باسم الملك سلمان غيّرت جوهرياً تشكيل "مجلس الشؤون السياسية والأمنية"، الذي هو هيئة صنع القرار الرئيسية التي يرأسها وزير الدفاع وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتكهن البعض بأن العاهل السعودي سيجري تغييرات كطريقة لتقييد سلطة محمد بن سلمان، الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه أمر بقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي. وفي الواقع، تم اعتقال ثمانية عشر شخصاً على الأقل أو فصلهم من أعمالهم، من بينهم العديد من المقربين من محمد بن سلمان. ومع ذلك، قد تؤدي الإعلانات الأخيرة إلى تعزيز قاعدة سلطة ولي العهد بدلاً من إضعافها.
وعلى الصعيد الأمني والدبلوماسي، تم تعيين المسؤول في البلاط الملكي، وخريج "جامعة هارفارد"، مساعد العيبان، في منصب مستشار الأمن الوطني. وحل الأمير عبدالله بن بندر، أحد أبناء عمومة محمد بن سلمان، محل أحد الشخصيات الملكية الأقل أهمية كوزير للحرس الوطني السعودي - إحدى القوات العسكرية الرئيسية في المملكة. أما وزير المالية السابق ابراهيم العساف فقد عُيّن الآن وزير الخارجية الجديد، بحله محل عادل الجبير، الذي تم تعيينه وزيراً للدولة للشؤون الخارجية. ومن الصعب رؤية التغيير الأخير على أنه أي شيء سوى تخفيض في رتبة الجبير، على الرغم من أن هذا التغيير يعكس إحدى جوانب قوة جبير كمتحدث مخلص، كما تجلّى ذلك مؤخراً في إجادته الأمينة لتفسيرات الرياض المتغيرة لما حدث لخاشقجي. أما بالنسبة للعساف، فقد كان من بين الأعيان العديدين الذين احتُجزوا في فندق "ريتز كارلتون" في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، رغم إطلاق سراحه دون أي عقوبة ظاهرية، بخلاف غيره من الأعيان.
ولا تزال الوزارات الاقتصادية الرئيسية دون تغيير، حيث ظل خالد الفالح في منصب وزير الطاقة وبقي محمد الجدعان في منصب وزير المالية. إلا أن مؤسسات أخرى شهدت تحولات ملحوظة، مثل تركي الشيخ، الذي ترك رئاسة "الهيئة العامة للرياضة" لكي يتولى رئاسة "الهيئة العامة للترفيه"، وهي الهيئة المكلفة بتفعيل عناصر من موقف المملكة المسترخى مؤخراً تجاه دور السينما والعروض الحية على المسرح. وقد تم ربط اسم الشيخ مع سعود القحطاني، المقرّب جداً من محمد بن سلمان، وكان قد تم فصل القحطاني مؤخراً لدوره في جريمة قتل خاشقجي.
وفي الإعلانات عن التعيينات الجديدة لم يُذكر السفير السعودي في واشنطن، الأمير خالد بن سلمان، الأخ الأصغر لمحمد بن سلمان الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يكون مستشاراً للأمن القومي. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من الخطوات التي اتخذتها المملكة مؤخراً لتلبية حقوق المرأة، ليست هناك نساء بين التعيينات في المناصب العليا الجديدة.
ربما يكون مدى مشاركة الملك سلمان في صياغة هذه القرارات صغيراً. فقد بدا العاهل السعودي البالغ من العمر إثنين وثمانين عاماً في حالة إحباط ووهن جسدي عندما شارك في جنازة أخيه غير الشقيق الأكبر طلال قبل أيام قليلة من الإعلان الأخير.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، لا تشير التغييرات إلى أي تحول فوري في وجهات نظر الرياض حول إيران، أو حرب اليمن، أو الخلاف الدبلوماسي المستمر مع قطر. ومن المؤكد أن المملكة تشعر بالقلق إزاء القرار الأخير للرئيس ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا، لكن من المرجح أنه قد تم تحضير التعيينات الجديدة وإعدادها قبل حدوث ذلك التغيير في السياسة الأمريكية.