جوي ستورك - لوب لوج- ترجمة شادي خليفة-
لقد كان عام 2018 قاتما بالنسبة إلى أنصار حرية التعبير في الخليج. إذ شهد مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" بشكل مروع على يد مساعدي ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان". ولم تقف الأخبار السيئة عند هذا الحد؛ حيث أيدت المحكمة العليا في البحرين، الإثنين الماضي، آخر أيام العام، حكما بالسجن 5 أعوام بحق الناشط الحقوقي "نبيل رجب"، بينما أيدت محكمة التمييز في الإمارات، قبل ذلك بيوم واحد، حكما بالسجن لمدة 10 بحق الناشط الحقوقي "أحمد منصور". والحكمان نهائيان وباتان.
وحرفيا، كان "أحمد منصور" آخر ناشط إماراتي يبدي موقفا معارضا أو "آخر رجل يتحدث" في الإمارات بتعبير آخر، قبل أن تداهم قوات الأمن منزله في مارس/آذار 2017 وتحتجزه في مكان مجهول لأكثر من عام دون أن يتمكن من الوصول إلى محاميه.
وأصبحت مجموعة من محاميي الدفاع في الإمارات، الذين سبق أن تولوا قضايا المعارضين السياسيين، في السجن أو في المنفى الآن. وكان "منصور" واجه سابقا اعتداءات جسدية وتهديدات بالقتل والهجوم من قبل برامج تجسس متطورة؛ نتيجة لدفاعه عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
لقد انخرطت الإمارات في تمويل مجموعات من شركات العلاقات العامة الأمريكية والبريطانية للترويج لصورة مستنيرة للدولة المستبدة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على سبيل المثال، رعت البلاد مؤتمر القمة العالمي للتسامح على مدى يومين، بحضور مسؤولين حكوميين ودبلوماسيين وأكاديميين، "للاحتفال بالتنوع بين الناس في جميع مناحي الحياة، بغض النظر عن وجهات النظر السياسية المتباينة". لكن لم تحتو القمة على أي إشارة إلى عدم التسامح العنيف في البلاد مع المعارضة السياسية السلمية. وفي مايو/أيار 2018، حكمت غرفة أمن الدولة، التابعة للمحكمة الاتحادية العليا، على "منصور" بالسجن لمدة 10 أعوام، لإهانة "مكانة الإمارات ورموزها"، ونشر "معلومات كاذبة" على وسائل التواصل الاجتماعي " تضر بالوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي". وهي القضية التي أصدرت فيها المحكمة قرارها النهائي الأحد الماضي.
أما "نبيل رجب"، فقد أيدت محكمة التمييز، الإثنين، عقوبة سجنه 5 سنوات رافضه بذلك الاستئناف الذي قدمه في فبراير/شباط 2018. وجاءت العقوبة، على خلفية انتقاد "رجب" مشاركة البحرين في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن؛ حيث تم اتهامه بـ "إهانة دولة مجاورة"، وادعاءاته بحدوث تعذيب في سجن البحرين الرئيسي، حيث تم اتهامه بـ"الإساءة إلى هيئة قانونية".
ويقضي "رجب"، مؤسس ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، الذي دخل السجن منذ منتصف يونيو/حزيران 2016، الأيام الأخيرة الآن من السجن لمدة عامين في قضية مماثلة ولكن منفصلة بتهمة "نشر وبث أخبار زائفة تقوض هيبة الدولة". وتشمل الأخبار "الزائفة"، التي تحدث بها في مقابلة تلفزيونية، حقائق موثقة بشكل جيد، وهو أن الحكومة تمنع الصحفيين والباحثين في مجال الحقوق من زيارة البحرين، وأن الحكومة تجند الأجانب "المرتزقة" إلى قوات الأمن التابعة لها، وأن قوات الأمن تعرض المعتقلين للتعذيب، وأن السلطة القضائية تفتقر إلى الاستقلال. ويرى مؤيدو "رجب" أن تأييد سجن "رجب" لمدة 5 سنوات، الإثنين الماضي، يظهر أن الحكومة الإماراتية مصممة على إبقائه خلف القضبان.
وإضافة إلى ما سبق من انتهاكات حقوقية شهدتها منطقة الخليج في 2018، أغلقت الحكومة البحرينية في العام ذاته صحيفة واحدة مستقلة في البلاد، وهي "الوسط"، وحلت جماعتي المعارضة السياسيتين الرئيسيتين، وهما "الوفاق" (الشيعية الإسلامية)، و"وعد" (اليسارية العلمانية).
ويمكن للمرء العثور على مقالات إخبارية وافتتاحيات في وسائل الإعلام الأمريكية عن اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان في الصين أو فنزويلا أو إيران أو سوريا، ولكن نادرا ما يتم ذكر البحرين أو الإمارات. وللأمانة، فأنا أعرف كل من "منصور" و"رجب"، وعملت معهم عن كثب عندما كنت أعمل في "هيومن رايتس ووتش" وكانا لا يزالان خارج السجن. وربما ما تحدثت به هنا هو مجرد سرد بسيط لكيفية إدانتهما والأحكام بالسجن التي يقضيانها. لكن ما لا يمكن نقله في مجرد كلمات هو الصدمة والمعاناة التي يعيشها هذان الشخصان؛ حيث يقضيان معظم الوقت في الحبس الانفرادي، وأحيانا تتدهور صحتاهما، فضلا عن معاناة زوجتيهما والأطفال الصغار. وبالتأكيد فإن ما نراه مع "منصور" و"رجب" ليس من قبيل العدالة أو حكم القانون، بل سلوك دولة عقابي محض موجه إلى أفراد يرفضون إسكاتهم، في مواجهة العائلات الحاكمة المستبدة في البحرين والإمارات.