د. محـمـــــد مـبــــارك- الخليج البحرينية-
صحيفة «يني شفق» التركية كانت حتى ما قبل حادثة وفاة المواطن السعودي جمال خاشقجي صحيفة مغمورة ربما لم يسمع بها كثيرون، لكنها اشتهرت منذ تلك الحادثة وما بعدها بالكم الكبير من التسريبات والشائعات التي قامت ببثها منذ بداية شهر أكتوبر من العام المنصرم. كل ما بثته هذه الصحيفة من تسريبات ذات صلة بأجهزة الاستخبارات، أو شائعات، كان يستهدف المملكة العربية السعودية ويحاول إقحامها في أزمة ذات بعد دولي. ومن كان يتابع تقارير الصحيفة وما بثته منذ ذلك الوقت سوف يكتشف سريعًا أنها تدار من قبل تنظيم «الإخوان» الذي كان له دور رئيسي في شن الحرب الإعلامية على المملكة العربية السعودية من بعد حادثة خاشقجي.
الشاهد في الأمر أن صحيفة «يني شفق» نشرت بتاريخ 30 ديسمبر من العام الماضي (قبل أيام) بيانًا لتنظيم «الإخوان المسلمين»، يستنكر على كل من مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة استئناف عمل السفارات في دمشق. تنظيم «الإخوان المسلمين» هاجم هذه الدول الخليجية واعتبر أن خطوتها هذه تعتبر دعمًا لنظام «الأسد»، بحسب وصفها.
مجرد أن تتبنى صحيفة «يني شفق» هذا البيان، وتقوم ببثه منفردة، وبمجرد أن يكون هذا البيان هو بيان تنظيم «الإخوان» اعتراضًا على الخطوتين البحرينية والإماراتية اللتين قد تعقبهما خطوات خليجية أخرى، فإن علينا أن نعلم تمامًا أن من يصرخ هنا ويعترض ليس صحيفة «يني شفق» وليس تنظيم «الإخوان» وإنما الدولة التي تقف من خلفهما، وأظن أن الأمر واضح هنا كل الوضوح، ولذلك فإن رد الفعل هذا يدل على أن الخطوة الخليجية كانت ذات مغزى سياسي ذكي، وتمثل حركة مهمة على لوح الشطرنج الإقليمي، تلقفها وفهمها سريعًا من يعنيه الأمر، وأطلق عصاباته التنظيمية من الخارج لتهاجم البحرين والإمارات، وسلط قناة «الجزيرة» لتمارس الصياح والنحيب المعتادين. إذن الخطوة سليمة، وذات أثر، وتعد انتكاسة للتنظيم الذي كان يمني النفس بأن يكون «البديل» المرتقب، حتى يفعل تجاه دول الخليج العربي ما هو أكثر سوءًا بكثير من الوضع الحالي.