ملفات » قضية جمال خاشقجي

واشنطن بوست تتساءل عن مصير سعود القحطاني ومكان اختفائه

في 2019/01/08

واشنطن بوست- ترجمةعلي النجار-

السلطات هنا (السعودية) لم تفصح عن ماذا حل بـ"سعود القحطاني"، المستشار صاحب النفوذ الكبير في الديوان الملكي،  والذي يزعم المدعون السعوديون اضطلاعه بدور رئيسي في الأحداث التي أدت إلى مقتل "جمال خاشقجي" فى إسطنبول قبل 3 أشهر.  

ولذلك، فخلال الأسابيع السبعة، منذ إعلان الحكومة أنه قيد التحقيق، فقط الشائعات هي التي ملأت هذا الصمت.

وقد شوهد "القحطاني" مؤخرا، في مدينة جدة الساحلية، كما قال أحد السكان، وفي مكاتب الديوان الملكي هنا في العاصمة، وفقا لشخص يعمل مع الحكومة.

وذكرت روايات أخرى، أن "القحطاني"، الذي  كان واحدا من كبار مساعدي ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، يختبئ في مكان بعيد عن الأنظار بالمملكة.

وتتم عن كثب، مراقبة معاملة الحكومة السعودية لـ"القحطاني"، من قبل واشنطن والعواصم الأجنبية الأخرى، على سبيل الاختبار لما إذا كانت السعودية صادقة بشأن محاكمة جميع من تورطوا بمقتل "خاشقجي"، بما في ذلك كبار المسؤولين.

وحتى ذلك الحين، فإن هناك العديد من الأسئلة غير المجابة، تتعلق بدور "القحطاني"، إذا ما كان حاك المؤامرة، كما يزعم بعض المسؤولين السعوديين، أو أنه تم تقديمه كبش فداء  من قبل الحكومة.

وخلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، بدرجة ثقة متوسطة إلى عالية، أن ولي العهد "محمد بن سلمان"، على الأرجح أمر بتنفيذ عملية اغتيال "خاشقجي".

ويقول المسؤولون السعوديون إن "محمد بن سلمان" لم يكن على علم بالمؤامرة، وبعضهم يشير (سرا)، إلى أن العملية كانت بمثابة تخطيط خاطئ من "القحطاني"؛ لكي يثبت ولاءه لرئيسه (ولي العهد).

ولم ترد الحكومة السعودية على طلبات للتعليق، حول ما إذا كان "القحطاني" حرا، أم معتقلا، أم متهما، ولم يرد "القحطاني" على الفور على رسالة بريد إلكتروني تطلب التعليق على مكان وجوده.

وقال شخص مقرب من الديوان الملكي السعودي، إنه يعتقد أن "القحطاني" كان قيد الإقامة الجبرية، لكنه غير متأكد من هذا الأمر.

وقال المدعي العام في السعودية، يوم الخميس، إن 11 متهما بقتل "خاشقجي" مثلوا أمام المحكمة للمرة الأولى، لكن مكتب المدعي العام لم يكشف عن أسماء المتهمين، أو يقول إذا ما كان "القحطاني" من بينهم.

وقال مسؤول أمريكي في مكالمة جماعية مع الصحفيين، إن إدارة "ترامب" كانت مسرورة لرؤية انطلاق المحاكمة، لكنه أضاف أن العملية القضائية لا ترقى إلى مستوى المصداقية وتحقيق المساءلة.

آخر تعليق حكومي مفصل عن "القحطاني"، كان في  15 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما قال ممثلو الادعاء إنه قيد التحقيق، وكان ممنوعا من مغادرة المملكة.

وفي اليوم ذاته، قالت إدارة "ترامب" إنها فرضت عقوبات على "القحطاني"، ووصفته بأنه جزء من مجموعة التخطيط والتنفيذ للعملية التي قادت إلى قتل "خاشقجي".

وقالت الحكومة السعودية إن "القحطاني" طرد من منصبه كمستشار في الديوان الملكي، لكن عدم وضوح موقفه، والعديد من التقارير المختلفة عن أماكن تواجده، طرحت تساؤلات حول ما إذا كان "القحطاني" لايزال يملك أدوات للتأثير، أو يتمتع بالنفوذ من وراء الكواليس.

ويزعم البعض أن مصير "القحطاني" أمر جانبي أو خارج الموضوع، ويقولون إن السؤال الأكثر إلحاحا هو ما إذا كانت السعودية قد اتخذت خطوات للتخلي عن السياسات القمعية التي كان يمثلها "القحطاني"؟

ووفق مجموعات لحقوق الإنسان، فإن "القحطاني"، شارك بشكل وثيق في عمليات الاعتقالات التي نفذتها  الحكومة بحق منتقدين ومنافسين لولي العهد، وتلاحقه مزاعم إخضاع المعتقلين للتعذيب، والمطاردة الشرسة  لمنتقدي المملكة خارج البلاد.

وقد وصف المسؤولون السعوديون وفاة "خاشقجي" بأنها خطأ مأساوي، ولكنهم اعتبروه حادثا منفردا لا يمثل سياسيات المملكة.

واعتبر تغيير وزاري الشهر الماضي، بإضافة عدد قليل من الوزراء المخضرمين، على أنه اعتراف ضمني من جانب القيادة السعودية بأن ولي العهد بحاجة إلى المشورة المتعقلة.

ولكن "هالة الدوسري"، وهي ناشطة سعودية في مجال حقوق الإنسان منذ فترة طويلة، وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن التغييرات الحكومية بعيدة كل البعد عن إصلاح النظام.

وقالت "هالة الدوسري":  "الشيء الوحيد الذي تغير هو الناس".

وأضافت: "لم يتخذوا أي خطوات لإعادة النظر في مهام منصبه، منذ أن تم تعيينه، بما في ذلك الاعتقالات وإساءة معاملة الناشطات وسجناء الرأي الآخرين"، في إشارة إلى دور "القحطاني" في اعتقال وسوء معاملة مجموعة من ناشطات حقوق المرأة في السعودية.

وقد وعدت المملكة بإجراء تحقيق شفاف في مقتل "خاشقجي"، كاتب العمود في صحيفة "واشنطن بوست"، الذي اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول.

وقالت السلطات السعودية والتركية إن الجناة كانوا فريقا من العملاء السعوديين مؤلفا من 15 شخصا تم إرسالهم إلى تركيا، وأن جثته تم تقطيع أوصالها بعد قتله.

وتم تركيز غالبية الاهتمام على "القحطاني" بمجرد أن تم الكشف عن عملية القتل.

وخلال تواجده فى منصبه الرفيع، كمسشتار إعلامي لولي العهد، كان "القحطاني" مدافعا شرسا عن سياسات "محمد بن سلمان"، على وسائل التواصل الاجتماعي، وزعيما لمجموعات على الإنترنت تستهدف مضايقة  منتقدي المملكة، كما لعب دورا مركزيا في الجهود السعودية لإعادة المنتقدين، مثل "خاشقجي"، إلى المملكة.

وقال مسؤولون حكوميون سعوديون، إن الجهود تركزت على إعادة المعارضين من خلال المفاوضات، رغم ما حدث لـ"خاشقجي"، ومحاولة الإعادة القسرية للوطن.

وبعد أن أنكرت الحكومة في البداية أي دور في اختفاء "خاشقجي"، أقرت في منتصف أكتوبر/تشرين الأول، أنه قتل على أيدي عملاء سعوديين، وقالت إن "القحطاني" وعدة مسؤولين آخرين نفذوا تلك العملية لأسباب غير محددة.

وقد أضافت الحكومة المزيد من التفاصيل بعد أسابيع، عندما أعلن ممثلو الادعاء أن تحقيقاتهم توصلت إلى أن القتل جاء نتيجة محاولة فاشلة لإحضار "خاشقجي" لبلاده، وقال ممثلو الادعاء إن أعضاء الفريق في إسطنبول ، عصوا الأوامر، وقرروا قتل الصحفي السعودي، إذا لم يرافقهم طواعية.

"القحطاني"، الذي كان يعرف "خاشقجي"، التقي مع الفريق السعودي قبل مغادرته إلى تركيا، لتبادل المعلومات المتعلقة بالبعثة بناء على تخصصه في مجال الإعلام، وفقا لموجز حكومي لتحقيقات النيابة العامة، أشار إلى "القحطاني" فقط بـ"المستشار".

وأضاف الموجز، أن "القحطاني"، عبر عن اعتقاده أن الضحية (خاشقجي) تم اختياره من قبل منظمات ودول معادية للمملكة، وأن وجوده خارج المملكة يمثل تهديدا للأمن القومي السعودي.

بعض المسؤولين السعوديين أصابتهم هزة من قبل رد الفعل العالمي، يستشهدون بشكل سر، باستحضار اسم "القحطاني"، كطريقة لإلقاء اللوم على القرارات التي أحرجت ولي العهد، بما ذلك، احتجاز رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" لفترة وجيزة في السعودية.

وقال محللون إن "القحطاني"، عمل في الديوان الملكي منذ أكثر من 15 عاما، لكن سمعته كشخص وطني، وشخصية قوية ومتنفذة، تزامنت مع صعود ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان".

وقد أخذ "القحطاني" هذا الدور بحماسة، ففي الأسابيع الأخيرة، قال أشخاص على دراية بظروف اعتقال الناشطات اللاتي تعرضن للسجن العام الماضي، إن "القحطاني" أشرف بشكل شخصي على تعذيب امرأتين على الأقل.

وكانت إحداهن، "لجين الهذلول"، والتي تم الاعتداء عليها من قبل 6 من أفراد حراستها في مركز اعتقال سري قبل عدة أشهر، وقاموا بتقبيلها بالقوة وتعريضها للصعق بالكهرباء، وجلس "القحطاني" في الحجرة، وهو يراقب رجاله ويسخر من "الهذلول"، وفقا لما ذكره شخصان تم إطلاعهما على تفاصيل الاحتجاز.

وفي الأسابيع القليلة الماضية، دافع بعض المواطنين السعوديين عن "القحطاني"، على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد نشر أحد الأشخاص رسالة على "تويتر"، قال فيها، إن حملة شائعات تستهدف "القحطاني"، و"أحمد عسيري"، وهو مسؤول استخبارات سابق رفيع المستوي أورد المدعون السعوديون اسمه في عملية قتل "خاشقجي".

ورد "فهد الأحمدي"، الصحفي السعودي الذي يتابعه 272 ألف متابع، على الرسالة، قائلا: "لا أحد يشك في ولائهم للوطن".