DW- عربية-
يزور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باكستان والهند والصين. وفي هذه الجولة الخارجية الجديدة لا يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية فقط، بل أيضا بالتعاون السياسي، لاسيما وأنه يحتاج بصفة ملحة إلى نجاحات.
تجار الحمام في إسلام أباد ومدن أخرى في الشمال الباكستاني كانت لهم الأسبوع المنصرم أسباب وجيهة للفرحة: فعروضهم بيعت بشكل كبير، إذ أن مبعوثي حكومة عمران خان اشتروا نحو 3.500 حمامة لتكريم مجيء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أنهى الاثنين زيارة استمرت يومين إلى باكستان حيث رافقه ألف من الأشخاص بينهم عدد كبير من رجال الأعمال. وتفيد تقارير إعلامية أنهم أبرموا عقودا بقيمة 20 مليار دولار.
وهذه الرحلة، حسب مجلة "المونيتور" لا تخدم فقط المصالح الاقتصادية، بل يتعلق الأمر أيضا بتلميع سمعة ولي العهد. وجاء في المجلة أن "السعوديين يريدون عرض الجولة كجولة تجارية عادية وإثارة الانطباع بأن مفاعيل مقتل صاحب العمود في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول قد انتهت".
منطقة في اضطراب
وقلما اهتم ولي العهد بالتجارة في إسلام أباد، لأن الأجواء السياسية في باكستان متوترة. ففي الأسبوع الماضي انفجرت في منطقة كشمير سيارة مفخخة. والاعتداء أودى بحياة أكثر من 40 جنديا هنديا. وعلى إثرها اتهمت الهند باكستان بمنح مخبئ للميليشيا المسؤولة عن العمل الإرهابي.
باكستان نفت على الفور تلك الاتهامات، وفي الوقت نفسه شجبت حكومة إسلام أباد العمل الإرهابي. وفي نهاية الأسبوع أعلنت الحكومة السعودية أنها تنوي التوسط في النزاع. وذُكر في الرياض: "هدفنا يتمثل في تقليص التوترات بين البلدين والبحث عن إمكانيات حل الخلافات بطريقة سلمية". وفي حال نجاح هذه الجهود، فإنه يمكن للسعودية أن تقدم نفسها كقوة بناءة، وعلى هذا النحو تصحيح الصورة الملتصقة بها منذ اغتيال الصحافي جمال خاشقجي ولو جزئيا.
خيبة أمل في العلاقات مع الولايات المتحدة ألأمريكية
وهذا النجاح سيكون مهما، علما أن السعودية لا يمكن لها أن تعول في الغرب إلا على تعاطف ضعيف. وهذا ينطبق أيضا على الشريك الوثيق إلى حد الآن الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الحقيقة أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب اغتيال خاشقجي بتصريحات متحفظة، إلا أن الخبراء يعتقدون أن قوى فاعلة في المؤسسة السياسية الأمريكية تنأى بنفسها عن السعودية.
شراكة مع الهند
ومن المرجح أن تكون المهمة الدبلوماسية للسعودية في الهند أكثر نجاحا بالمقارنة مع باكستان. فالهند شريك تجاري منذ مدة السعودية. واستثمرت المملكة العديد من المليارات في شركة الطاقة الهندية Ratnagiri Refinery. وتربط البلدين علاقات استثمار في البنية التحتية والسياحة والدفاع ومحاربة الإرهاب. وهناك مخططات لمشاريع مشتركة في إفريقيا، لاسيما في قطاع الزراعة.
مستقبل العلاقة مع الصين
علاقات السعودية تكتسي بعض الصعوبة مع الصين التي تشتري منذ مدة النفط السعودي. ويصف بعض الاقتصاديين الأمريكيين قيام السعودية بسد عجزها مؤخرا بقروض بالعملة الصينية بأنه مقلق. وفي حال انفتاح بلدان أخرى على العملة الصينية، فإنها قد تفضله يوما ما على الدولار في تعاملاتها بالنسبة إلى صفقات النفط.
وقد تكون الولايات المتحدة الأمريكية مرغمة على وقف هذا التطور بترشيد صادرات الأسلحة إلى السعودية. ولا يخفى هنا أن الرياض تسعى إلى تنويع علاقاتها التجارية. ويمكن للمملكة أن تبرهن على نجاحات في هذا الإطار. فالسفير الصيني في السعودية ألمح إلى اهتمام بلاده ببرنامج محمد بن سلمان الاقتصادي الكبير، "رؤية 2030".
والمرجح هو أن الحكومة السعودية مهتمة بوضع حدود للاستثمارات الصينية كي لا تكتسب الصين تأثيرا اقتصاديا كبيرا. ويخشى السعوديون أن يتحول التأثير الاقتصادي الصيني إلى تأثير سياسي كما هو الحال في باكستان والفلبين. وعلى هذا الأساس فإن السعودية لديها اهتام كبير بتنويع علاقاتها في آسيا، وهذا ما فعله ولي العهد في محطات جولته الأخرى.