متابعات-
هاجم عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أنظمة الحكم الجمهورية العربية، ومن ضمنها الحليفة لبلاده كاليمن ومصر، وأثنى ضمنياً على الثورات؛ وذلك في تناقض تام مع سياسة أبوظبي التي تُتهم بإفشال مثل تلك الخطوات.
ومثل المقال الذي نشر على موقع "CNN عربية"، اليوم الخميس، خروجاً لافتاً لـ "عبد الله" عن سياسة بلاده الرسمية الداعمة لترسيخ وتقوية الأنظمة الجمهورية العربية المتهم معظمها بارتكارب جرائم حرب وضد الإنسانية.
ووصف الجمهوريات العربية بـ"البائسة والفاشلة"، قائلاً: "لا يوجد في العالم العربي اليوم نظام جمهوري واحد مستقر ومزدهر ويحظى بالقبول الشعبي"، مضيفاً: "سمة عدم الاستقرار والترهل السياسي هي سمة شاملة لجميع الجمهوريات العربية دون استثناء".
كما أقر بأن "المشهد السياسي العربي في عمومه بائس ويتجه من سيّئ إلى أسوأ، ولا يلبي توقعات 350 مليون عربي يعيشون في ظل أنظمة سلطوية تكثر من انتهاك الحقوق وتصادر الحريات، لكن الجمهوريات العربية بشكل خاص، صغيرها وكبيرها، هي الأكثر عدم استقراراً وترهلاً واختراقاً من الخارج".
وتابع قائلاً: "لقد بدأت الجمهوريات العربية بداية قوية وواعدة، وكانت لها صولاتها وجولاتها وخطابها الثوري والتقدمي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، لكن كل ذلك انتهى بعد أن عمّ الفساد واستشرى الاستبداد، وتمكّن الحزب الواحد والزعيم مدى الحياة من تفريغ النظم الجمهورية من حيويتها التي تميّزت بها عند نشأتها الأولى".
واستشهد مستشار بن زايد في مقاله بالعراق الذي قال إنه فقد توازنه بعد الغزو الأمريكي، وهو اليوم "مخترق" من إيران، وبسوريا، التي أعادت بلاده العلاقات مع نظامها في ديسمبر الماضي رغم ارتكابها جرائم ضد الإنسانية، واصفاً حالها بأنها "تمر منذ 7 سنوات بحرب دمّرت البشر والحجر".
مدح مبطّن للثورات
أما ليبيا، حيث تدعم الإمارات فريق اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد الحكومة المعترف بها في طرابلس العاصمة، وتُتهم بإبقاء التوتر في البلاد ومنع أي تيار إسلامي من الاقتراب من السلطة، فقال إن "وضعها السياسي تدهور وأصبحت على وشك التفكك إلى 3 دويلات، بعد الإطاحة بحكم القذافي الذي احتقر شعبه لأكثر من 30 سنة".
وعن السودان قال إنه انقسم إلى "سودانين"، وأصبح يحكم حكماً عسكرياً، وفق قانون الطوارئ الذي لا يعرف كيف سيستمر.
أما في اليمن، الذي دخلت بلاده طرفاً في الحرب الدائرة به منذ العام 2015، وتتهم بارتكاب مجازر وانتهاكات، فوصف حاله بأنه "يزداد فقراً، ويعيش حرباً دمّرت كل ما عُمّر خلال 60 سنة، وربما لن يتمكن من استعادة عافيته خلال 60 سنة قادمة".
لكن البقعة السوداء، بل الأكثر سواداً - كما يصف - في سجل الجمهوريات العربية هي "مصادرة الحريات، واحتقارها الإنسان".
وأضاف: "لقد برعت الجمهوريات العربية في احتقار الانسان عبر تأسيس نظم استخباراتية ودول بوليسية غارقة في السلطوية، وأصبحت مسؤولة عن تعميم نموذج حكم الحزب الواحد والفرد الواحد الأحد الذي يبقى في السلطة مدى الحياة، وذهب بعضها لتوريث الحكم، كما حدث في سوريا"، ولولا الربيع العربي- كما يوضح- "لتكررت حالات التوريث السياسي في كل من مصر وليبيا واليمن وحتى تونس".
كذلك "حملت هذه الجمهوريات لواء تحرير فلسطين، لكن بعد 7 عقود لم تتمكن من تحرير شبر واحد من فلسطين المحتلة، وانهزمت في كل معركة من معاركها العسكرية مع العدو الإسرائيلي الشرس، بل خسرت مساحات شاسعة مع أوطانها، واضطرت بعضها لإعلان الهدنة والاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها"، كما قال.
الجزائر.. لا نجاة من الثورة
أما عن الجزائر وما يجري حالياً فيها من تظاهرات ضد ترشح الرئيس (المريض) عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، فقال: إنه "على الرغم من تواجده من مرضه وعدم ظهوره في العلن والحديث إلى شعبه وجهاً لوجه منذ 6 سنوات، أصرت النخبة السياسية والعسكرية والمالية الحاكمة إصراراً مدهشاً على تقديم أوراق ترشحه بالنيابة عنه".
وأوضح أن "الجماهير الجزائرية المستاءة والمنتمية لأطياف مختلفة، وفي مدن جزائرية عديدة، أطلقت شعار (لا للعهدة الخامسة)، ثم بدأت ترفع هتافات لا للفساد، ولا للاستبداد، ولا لاحتكار الجيش وحزب جبهة التحرير الوطنية للحكم منذ 1962".
ولفت إلى أن الجزائر الجمهورية العربية الوحيدة التي نجت بنفسها من رياح التغيير المصاحبة لـ "الربيع العربي"، يبدو أن هذا الاستثناء "استنفد عمره الافتراضي".
ماذا عن الملكيات؟
في المقابل، أشاد "عبد الله" بالنظم الملكية العربية، واصفاً إياها بأنها أفضل حالاً معيشياً، وأكثر استقراراً سياسياً، وأكثر ازدهاراً تنموياً، وأكثر انسجاماً اجتماعياً، من "الجمهوريات العربية المنهكة والمجهدة والهشة".
فالمغرب- كما قال- في وضع أفضل من الجزائر، أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا، والأردن بموارده المتواضعة حتماً أفضل حالاً قياساً بجارتها سوريا التي يحكمها حزب البعث منذ 40 سنة.
أما السعودية الغنية بالنفط "فهي في وضع تنموي وسياسي أفضل بكثير من العراق الذي يملك احتياطي نفط يوازي الاحتياطي النفطي السعودي وربما أكثر، وحتماً سلطنة عمان أفضل حالاً مليون مرة قياساً بوضع جارتها اليمن".
يشار إلى أن الديون تواصل إغراق السعودية بالتزامن مع تدهور اقتصادها بشكل متسارع، وارتفاع عجز موازناتها السنوية وزيادة النفقات العامة، ما يرفع من احتمالات فشل رؤية 2030 ويجعلها بمواجهة العاصفة.
وخلال السنوات الماضية ارتفعت وتيرة توجُّه السعودية إلى الاقتراض من خلال إصدار الصكوك والسندات لسد العجز في موازناتها، وهو ما يرفع معدلات الدين لديها ويفاقم أزمات الدولة الاقتصادية.
أما واقعها السياسي فقد بات في أسوأ حالاته، ويواجه انتقادات مستمرة منذ تسلم ولي العهد محمد بن سلمان منصبه، وما تبعه من انتهاكات بحق ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان، وختاماً بتورط بن سلمان بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول.