صحيفة "ذا غارديان" البريطانية-
كشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم يحضر مجموعةً من اللقاءات الوزارية والدبلوماسية رفيعة المستوى خلال الأسبوعين الماضيين، كما يجري تداول أخبار بأن بعض السلطات المالية والاقتصادية انتزعت منه.
وجرى الأسبوع الماضي إطلاع بعض الوزراء السعوديين الكبار على الخطوة للحد من بعض صلاحيات بن سلمان، ولو مؤقتاً، من قبل والده الملك سلمان، بحسب ما علمت الصحيفة.
وطلب الملك من ابنه أن يكون حاضراً خلال اجتماع مجلس الوزراء، لكن الأخير لم يحضر.
وبحسب "ذا غارديان"، فإن هذه الخطوة لم يتم الإعلان عنها رسمياً، لكن أحد مستشاري الملك السعودي الموثوقين، وهو مسعد العيبان، الذي تخرج من جامعة هارفارد، وسمي مؤخراً مستشاراً للأمن القومي، سوف يشرف على القرارات الاستثمارية للمملكة باسم الملك.
وتعرضت العلاقة بين الملك السعودي وابنه ولي العهد لخضّة قوية عقب اغتيال الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقد نفذ جريمة قتل خاشقجي فريقٌ مقرب من بن سلمان، ويُتهم الأخير بإصدار الأوامر بذلك، بهدف إسكات صحافي معارض لنهجه.
وبالرغم من أن المراقبين لوضع المملكة لا يزالون يتوقعون أن يرث بن سلمان العرش، إلا أن هناك إشارات، بحسب الصحيفة البريطانية، تدل على أن الملك يحاول لجم ابنه المثير للجدل، فيما تمر السعودية بمرحلة حساسة وتتعرض للمراقبة.
وعلمت "ذا غارديان" أن بن سلمان لم يحضر اثنتين من جلسات مجلس الوزراء السعودي الأخيرة التي ترأسها الملك. كما لم يحضر لقاءات رفيعة أخرى جرت مع مسؤولين أجانب كبار زاروا المملكة أخيراً، بمن فيهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي حطّ في الرياض الأسبوع الماضي. وغاب ولي العهد كذلك عن اجتماع مع مسؤولين ماليين واقتصاديين كبار، ولقاء بين الملك ومفتي السعودية، وآخر مع رئيس منظمة الصحة العالمية، ولقاءات مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وسفيري الهند والصين.
وليس واضحاً من البيانات الإعلامية الرسمية التي صدرت حول نشاطات الملك وولي عهده ما إذا كان بن سلمان قد غاب مؤخراً عن جميع اللقاءات والاجتماعات الرفيعة، لكن الأخير لم يظهر في أي صور رسمية، كما لم تتضمن البيانات المتعلقة بهذه اللقاءات اسمه، ما عدا ما صدر حول إجرائه مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية عدم حضور ولي العهد السعودي اللقاء الذي جمع الملك بلافروف.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من تغيب بن سلمان عن اجتماعات بالعادة، إلا أن مصدراً على اطلاع على عمل القصر الملكي تحدث عن دهشة حقيقية من تغيبه عن اجتماعات عالية المستوى عقدت خلال الأيام الـ15 الماضية. وعلم أن الملك السعودي كان ممتعضاً من تغيب ابنه عن اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي، والذي ناقش فيه سلمان التحديات العديدة التي تواجهها السعودية.
Saudi crown prince allegedly stripped of some authority https://t.co/Zwb6cF2ULU
— The Guardian (@guardian) March 18, 2019
وبحسب الصحيفة، فقد أبدى الملك السعودي خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير القلق من "ضياع فرص استثمارية" في المملكة. وجرى الطلب أن تحصل جميع القرارات المالية المستقبلية، في الوقت الحاضر، على موافقته. وهذا القرار اعتبر سارياً مباشرة فور صدوره، وهو يشمل الاستثمارات الأساسية الكبرى واتفاقات أخرى.
وكانت صحيفة "ذا غارديان" قد كشفت في الخامس من شهر آذار/مارس الحالي، معلومات نقلتها عن مصدر وصفته بالخاص، تتحدث عن وجود إشارات متصاعدة تؤكد أن خلافاً مهدِّداً للاستقرار يكبر بين الملك السعودي وابنه، على خلفية أزمات وملفات كثيرة، آخرها تحذير وصل إلى الملك بأن "ابنه يحضّر لعزله"، بحسب المصدر.
وبحسب الصحيفة، فإن التوتر والخلافات بين الملك السعودي وابنه تصاعدت بشكل دراماتيكي نهاية فبراير/شباط الماضي، عندما زار سلمان مصر وتمّ تحذيره هناك من قبل مستشاريه من وجود خطر بقيام ابنه بانقلاب عليه، وذلك بحسب ما تحدث المصدر بشكل مفصل.
وأوضح المصدر أن المحيطين بالملك سلمان كانوا قلقين للغاية من إمكانية تعرض حكمه إلى خطر، لدرجة أنهم أرسلوا فريقاً أمنياً جديداً مؤلفاً من 30 موالياً اختيروا بدقة من وزارة الداخلية إلى مصر لحماية الملك، واستبدل بهم الفريق الذي كان مرسلاً أساساً.
وقالت الصحيفة البريطانية إن هذا التحرك جاء كجزء من رد سريع، وعكس خشية من أن بعض عناصر الفريق الذي كلف بحماية الملك في مصر قد يكونون موالين لولي العهد. كما قام مستشارو الملك بإعفاء فريق الأمن المصري المحيط بالملك سلمان، بحسب المصدر.
وكشف المصدر أن التوتر في العلاقة بين الملك السعودي وابنه بدا لافتاً بعد غياب محمد بن سلمان من مراسم استقبال الملك لدى عودته من مصر، وهو ما أكده منشور إعلامي رسمي.
وفي غياب والده لحضور القمة العربية الأوروبية في شرم الشيخ، أصدر بن سلمان أوامر وصفت بـ"الملكية"، باسمه، ومذيلة بتوقيعه، تأمر بتعيين شقيقه خالد بن سلمان نائباً لوزير الدفاع بمرتبة وزير، وتعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للمملكة لدى واشنطن بمرتبة وزير.
ورغم أن هذه التعيينات تمّ تدوال احتمال إقرارها عبر وسائل إعلام منذ فترة، إلا أن المصدر أكد أن الإعلان عنها حصل من دون علم الملك، الذي أغضبه خصوصاً تعيين خالد بموقع رفيع يعتبر سلمان أنه لا يزال مبكراً عليه.