ملفات » قضية جمال خاشقجي

من المستفيد من الإصلاح الاقتصادي في الخليج؟

في 2019/04/05

جيمس دورسي - لوب لوج- ترجمة شادي خليفة -

بالنسبة لقادة الخليج، لن تكون الإصلاحات الاقتصادية التي طال انتظارها سهلة على الإطلاق.

وقد اكتشف قادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بحكم الأمر الواقع، "محمد بن سلمان" و"محمد بن زايد" على الترتيب، أن نسخ نموذج الصين للنمو الاقتصادي مع تشديد السيطرة السياسية كان أسهل على الورق من التنفيذ.

ولقد أدركوا أن إعادة صياغة العقود الاجتماعية التي تمولها ثروة النفط كان أكثر صعوبة، لأن ذلك كان معناه أن عرب الخليج يتوجب عليهم خسارة أكثر بكثير من ما خسره الصينيون العاديون.

وكانت العقود الاجتماعية في دول الخليج قد نجحت بطرق لم تنجح بها البرامج الاجتماعية في الصين، وكانت الصفقة بين الدولة والمواطن في الخليج، التي تعني تخلي المواطن عن الحقوق السياسية والاجتماعية مقابل أن توفر له الدولة الرفاهية من المهد إلى اللحد، قد أسفرت عن وضع مربح للجانبين لأطول فترة.

علاوة على ذلك، يفتقر قادة الخليج، الذين يكافحون مع تزايد الانتقادات الموجهة للحرب التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن، وتداعيات مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، أيضا إلى النفوذ السياسي والاقتصادي الذي سمح للصين بإسكات أو تهميش منتقديها إلى حد كبير، مثلما يحدث مع حملتها على المسلمين الترك في مقاطعة "شينغيانغ" الشمالية الغربية المضطربة.

وقد سمح غياب عقد اجتماعي قائم على الرعاية الاجتماعية في الصين للحكومة بالنمو الاقتصادي، وانتشال الملايين من الفقر، وتوفير السلع العامة، دون إجبار المواطنين العاديين على الشعور بالألم.

نتيجة لذلك، تمكنت الصين من المضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية دون الحاجة إلى القلق من أن يؤدي انخفاض مزايا الرعاية الاجتماعية إلى رد فعل عنيف عام وربما يهدد النظام.

وبعد 3 أعوام من خطة "محمد بن سلمان"، "رؤية 2030" لتنويع الاقتصاد، يشكو رجال الأعمال والمستهلكون السعوديون من شعورهم بارتفاع أسعار الخدمات العامة وضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، التي تم إدخالها مؤخرا، مع ثقة ضئيلة في أن تبقى الحكومة ضامنا للفائدة الموعودة طويلة الأجل.

وقد تم التشكيك بشكل أكبر في التزام الحكومة بخفض تكاليف الإصلاح، عبر المنح السنوية التي تقدر بمليارات الدولارات، منذ الإعلان عن الإصلاحات وإعادة كتابة العقد الاجتماعي.

وعلى النقيض من الصين، يأتي الاستثمار في الخليج، سواء كان محليا أو أجنبيا، من قطاع الخدمات المالية والتكنولوجيا وغيرها، أو صناعة الأسلحة، أو القطاعات الحكومية، وهي تركز على الخدمات والبنية التحتية أو تعزيز قدرات الدولة، بدلا من التركيز على التصنيع والتنمية الصناعية وتنمية القطاع الخاص.

وباستثناء شركات النفط الوطنية، وبعض شركات الطيران التي تديرها الدولة، وشركات البتروكيماويات، فإن الجزء الأكبر من الاستثمارات الخليجية عبارة عن محافظ تديرها صناديق الثروة السيادية أو استثمارات مصممة لتعزيز مكانة الدولة وقوتها الناعمة.

وعلى النقيض من ذلك، استخدمت الاقتصادات الآسيوية، مثل الصين والهند، الاستثمار في محاربة الفقر، ورعاية طبقة متوسطة كبيرة، وإنشاء قاعدة صناعية.

ومن المؤكد أنه مع وجود عدد صغير من السكان، من المرجح أن تضمن دول الخليج الاستدامة في الخدمات ومشتقات النفط والغاز بدلا من التصنيع والصناعة.

وقد تكون مبادرة "الحزام والطريق"، التي تبلغ تكلفتها تريليون دولار، هي الاستثناء الآسيوي، الذي سيكون أقرب إلى بعض استثمارات القوة الناعمة في الخليج.

ومع ذلك، فإن المبادرة المصممة للتخفيف من الاستهلاك المفرط محليا للطاقة من قبل الشركات المملوكة للدولة، التي لا تخضع لطلبات المساهمين على المدى القصير أو المكاسب الجيوسياسية، تساهم في نفس الوقت في النمو المحلي للصين.

وقد تمكنت الدول الآسيوية من إدارة توقعات المستثمرين في بيئة تتسم بالاستقرار السياسي النسبي.

على النقيض من ذلك، أضرت السعودية بالثقة في قدرتها على تنويع اقتصادها القائم على النفط عندما أوقفت، بعد تأخيرات متكررة، خططها لإدراج 5% من شركتها الوطنية للنفط، أو شركة النفط العربية السعودية "أرامكو"، فيما كان من الممكن أن يكون أكبر اكتتاب عام أولي في التاريخ.

ولا شك أن الصين ليست أقل استبدادا من دول الخليج، في حين أن القومية الهندوسية في الهند تتوافق مع الاتجاه العالمي المتصاعد نحو الحضارة والشعبوية والديمقراطية غير الليبرالية.

لكن ما يميز جزءا كبيرا من آسيا عن منطقة الخليج، ويؤثر في نجاحها الاقتصادي، هو السياسات التي تضمن بيئة مستقرة نسبيا.

وتركز هذه السياسات على التحسين الاجتماعي والاقتصادي، بدلا من التركيز على بقاء النظام، وقد يكون هذا درس آسيا لحكام الخليج.