ملفات » قضية جمال خاشقجي

أبناء خاشقجي.. ضغوط لم تثنهم عن المطالبة بمحاكمة "القتلة"

في 2019/04/11

متابعات-

لم يمضِ كثير من الأيام على أنباء تناقلتها وسائل إعلام سعودية ودولية، تتحدث عن تسلُّم أولاد الصحفي السعودي جمال خاشقجي بيوتاً بملايين الدولارات من السلطة الحاكمة في المملكة ورواتب شهرية ضخمة، حتى خرج أبناء خاشقجي ببيان ينفي تلك المعلومات.

وأكد أبناء خاشقجي وبناته، في بيان نُشر الأربعاء (10 أبريل 2019)، أن العائلة لم تناقش أي نوع من التسويات المزعومة بخصوص قضية مقتل والدهم جمال خاشقجي، مؤكدين حقهم في مقاضاة مرتكبي الجريمة.

وأضاف البيان الذي نُشر على صفحة نجل خاشقجي "صلاح" في "تويتر": "نؤكد كوَرَثة جمال خاشقجي، وكأسرة آل خاشقجي، أن كل من ارتكب هذه الجريمة أو اشترك أو أسهم أو كانت له أي علاقة سيتم تقديمه للعدالة وسينال العقوبة".

ومن بين الصحف والقنوات التي نشرته مطلع شهر أبريل الجاري، صحيفة "واشنطن بوست"، التي عمل فيها خاشقجي، وشبكة "سي إن إن"، اللتين قالتا إن أبناء الصحفي السعودي القتيل تسلموا بيوتاً بملايين الدولارات ويتقاضون مبالغ شهرية ضخمة تعويضاً من السلطات السعودية.

رفض المال والسكوت عن الجريمة

ويؤكد البيان الذي نشره أبناء خاشقجي تمسُّكهم بمحاكمة قتلة أبيهم، والكشف عن تفاصيل الجريمة بشكل أكبر، في وقت تحاول فيه السلطات التماهي مع القضية.

وقال البيان: إن "تحقيق العدالة عمل مقدس وشريف"، مضيفاً: "سنعرض آخر التطورات متى ما سُمح بها قانونياً".

وجاء بيان عائلة خاشقجي متزامناً أيضاً مع دعوة وجَّهتها منظمة العفو الدولية، لـ"إجراء تحقيق أممي مستقل في جريمة قتل خاشقجي".

وسبق أن أعلنت أسرة خاشقجي أكثر من مرة، أنه لم يكن بينها وبين السلطات الحاكمة بالسعودية أي اتفاق لإغلاق قضية والدهم.

ويرفض أبناء خاشقجي المساومة على دم والدهم، الذي لم يُعرف حتى الآن مكان جثته.

ملاحقة القاتل

وفي منتصف أكتوبر الماضي، التقى الملك سلمان بن عبد العزيز نجلَ خاشقجي في الرياض، وسط ضغوط كبيرة تعرَّض لها النظام السعودي بسبب حادثة القنصلية في إسطنبول، وبحضور المتهم بإعطاء أوامر القتل، ولي العهد محمد بن سلمان.

وفي منتصف أكتوبر أيضاً، نقلت وسائل إعلامية عن مصادر، قولها إن عائلة الصحفي السعودي كلفت أكبر شركة محاماة أمريكية بدء إجراءات رفع دعوى قضائية ضد ولي العهد السعودي وفريقه في المحاكم الأمريكية التي تقبل محاكمة مسؤولين على رأس السلطة.

وطالب عبد الله جمال خاشقجي، في بيان له نشره على "تويتر"، حينها، بـ"تشكيل لجنة مستقلة وحيادية ذات طبيعة دولية، لتقصِّي الحقائق حول ملابسات اختفائه والأنباء المتضاربة عن مقتله".

ويقول محللون سياسيون إن بن سلمان يحاول جاهداً أن يشتري صمت الأبناء، من خلال إغداق المال عليهم؛ على أمل أن تُطوى صفحة الجريمة البشعة، وتختفي الأصوات المطالبة بالمحاكمات العادلة.

ضغط دولي من أجل المحاكمة

في أواخر مارس الماضي، قالت الخارجية الألمانية إن السلطات السعودية رفضت طلباً قدمته برلين، من أجل إرسال مراقبين لحضور محاكمة المتهمين بقتل خاشقجي.

وأضافت الخارجية الألمانية، في بيان مقتضب: "مراراً وتكراراً توقَّعنا تعاون السلطات السعودية مع التحقيق التركي في مقتل خاشقجي، لكن ذلك لم يحدث، وها هي اليوم ترفض طلبنا حضورَ المحاكمة".

وفي الـ3 من يناير الماضي، أعلنت النيابة العامة السعودية عقد أولى جلسات محاكمة مُدانِين في القضية، إلا أن الأمم المتحدة اعتبرت ذلك غير كافٍ، وجددت مطالبتها بإجراء تحقيق "شفاف وشامل".

والثلاثاء (9 أبريل)، قررت وزارة الخارجية الأمريكية منع 16 سعودياً من دخول الولايات المتحدة؛ على خلفية جريمة مقتل الصحفي. ومن بين السعوديين الـ16 الممنوعين من دخول الولايات، سعود القحطاني مستشار ولي العهد السعودي، وماهر المطرب، وصلاح الطبيقي، لكنها خلت من متهمين رئيسين مثل عسيري.

وقُتل خاشقجي، المعروف بانتقاده سلطات بلاده، خاصةً ولي العهد، يوم 2 أكتوبر 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، على يد فريق أمني مكون من 15 شخصاً، قدِموا من السعودية وعادوا إليها فور تنفيذ الجريمة.

واعترفت السعودية بعد عدة روايات متناقضة للحادث، بمقتل خاشقجي داخل قنصلية المملكة، مؤكدةً تقطيع جثته، التي تم التخلص منها بمساعدة "متعاون محلي"، حسب الرياض.

وحتى هذه اللحظة، أعلنت النيابة السعودية أنها وجهت اتهامات رسمية بالتورط في جريمة قتل خاشقجي إلى 11 شخصاً، وطالبت بإعدام 5 منهم، في محاكمات سرية. لكن تركيا، إلى جانب دول أخرى، تقول إن الرياض تسعى إلى التستر على من يقف وراء هذه الجريمة.

ولخاشقجي 6 أولاد يعيشون بين الولايات المتحدة والسعودية، وكان مع خاشقجي في أيامه الأخيرة بإسطنبول نجله "عبد الله"، الذي عاد إلى أمريكا قبل نحو أسبوع من مقتل والده.

وفي أول ظهور إعلامي لهما، ناشد نجلا الصحفي السعودي الراحل، في نوفمبر الماضي، كشف مصير جثة والدهما وتسليمها للعائلة، وذلك لدفنه بعد أن قُتل بقنصلية بلاده في إسطنبول الشهر الماضي.

ووصف صلاح وعبد الله خاشقجي، خلال مقابلة خاصة مع قناة "سي إن إن"، والدهما بأنه "شجاع وكريم"، وقالا إنهما عاشا أسابيع من العذاب والريبة.

وقال عبد الله (33 عاماً): "آمل حقاً أنه مهما حصل لوالدي، فإنه لم يتألم كثيراً أو كان الأمر (قتله وتقطيع جثته كما ذكرت وسائل إعلام تركية) سريعاً أو مات بسلام".