متابعات-
أمر قاض أمريكي الوكالات الفيدرالية بالكشف عن آلاف الصفحات من سجلاتها المتعلقة بمقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية بلاده بإسطنبول التركية في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
من ناحيتهم، قال ممثلو وزارتي الخارجية والدفاع للقاضي "بول إنجلماير" إنه لا يمكن إنتاج 5 آلاف صفحة شهريا بشأن مقتل "خاشقجي"، لأن هذا سيجعل من المستحيل عليهم الاستجابة في الوقت المناسب للطلبات الأخرى المقدمة وفقا لقانون حرية المعلومات.
لكن القاضي "إنجلماير" أمر الوكالات بإنجاز هذه المهمة على أي حال، قائلا إن قضية اختفاء "خاشقجي"، "تمثل أهمية قصوى وملحة" وهو ما يستدعي ضرورة الكشف عن الوثائق.
قرار القاضي جاء بعد أن تقدمت منظمتا "مبادرة العدالة للمجتمع المفتوح" و"مؤسسات المجتمع المفتوح" بطلب للحصول على سجلات وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين المتعلقة بمقتل الصحفي، وفقا لقانون حرية المعلومات.
وقال ممثلو وزارة الخارجية إن تسليم 5 آلاف صفحة من الوثائق شهريا ليس أمرا عمليا، لأن موظفيها الذين يتعاملون مع السجلات والذين يتراوح عددهم بين 60 و73 موظفا، لا يمكنهم سوى إنتاج ما بين 18 ألفا و21 ألف و900 صفحة شهريا لجميع الطلبات المقدمة، وفقا لهذا القانون.
وجادلوا بأن الاستجابة لطلب القاضي "إنجلماير" سوف تبطئ إلى حد كبير من معالجة 98% من الطلبات الأخرى.
ورد "إنجلماير" بأن طلبه المقدم وفقا لقانون حرية المعلومات له "حساسية زمنية واضحة وغير عادية" وأن "قدرات المراجعة القديمة" لدى وزارة الدفاع لا يمكن أن تفرض على القاضي السرعة التي يقرر بها موعد تسليم المستندات.
وأشار القاضي، في رأيه المكتوب، إلى أن مقتل "خاشقجي" كان "خبرا يتصدر الصفحات الأولى للصحف" عندما جرى تقديم طلب الكشف عن الوثائق، وفقا لقانون حرية المعلومات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ورغم ذلك لم تستجب الوكالات له حتى شهر أبريل/نيسان.
وأضاف: "في الأشهر التي تلت ذلك، ظل اختفاء خاشقجي والحقائق أو الادعاءات المتعلقة بقتله وهو في عهدة السعودية، مصدر اهتمام شديد بين الجمهور والمشرعين وصانعي السياسة والصحفيين".
بدوره، قال المحامي "أمريت سينغ"، من مبادرة "العدالة للمجتمع المفتوح"، إحدى المنظمتين اللتين طلبتا الحصول على الوثائق، في بيان، إن الحكم يشكل "دعوة واضحة للمساءلة في وقت تقوم فيه إدارة ترامب ببذل قصارى جهدها لإخفاء الحقيقة بشأن المسؤول عن مقتل خاشقجي".
وكانت وثيقة سرية إماراتية، قد كشفت، الثلاثاء، أن ولي العهد السعودي يسعى لإغلاق قضية "خاشقجي" قبل بدء حملة إعادة انتخاب "ترامب".
وحذرت الوثيقة، المستندة إلى تقييمات ومعلومات الاستخبارات الإماراتية، من أن تباطؤ الرياض في معالجة تبعات تلك القضية قبل بدء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد يحولها إلى أحد مواضيع النقاش الرئاسي.
يشار إلى أن "ترامب" دعم "بن سلمان" في خضم الضجة الدولية التي أعقبت مقتل "خاشقجي" داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، أواخر العام الماضي.
والشهر الماضي، رفض "ترامب" طلبا من الأمم المتحدة لإجراء تحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في مقتل "خاشقجي"، قائلا إنه سيعرض مبيعات أسلحة واشنطن للخطر.
وأمام هذه التطورات، قدم عضوا الكونغرس الأمريكي، الجمهوري "ليندسي غراهام" والديمقراطي "كريستوفر كونز"، مشروع قانون ينص على المطالبة باعتبار المملكة العربية السعودية مسؤولة عن اغتيال "خاشقجي".
وقبل أسابيع، نشرت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان تقريرا أعدته مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء "أغنيس كالامارد" من 101 صفحة، وحملت فيه السعودية مسؤولية قتل "خاشقجي" عمدا، مؤكدة وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ولي العهد "محمد بن سلمان".
وقتل "خاشقجي" في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، في قضية هزت الرأي العام الدولي وأثارت استنكارا واسعا.