متابعات-
وصل نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الثلاثاء، في أول زيارة رسمية له، بعد مغادرة منصبه في واشنطن كسفير للمملكة، في أعقاب أزمة مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إن نجل ملك السعودية سيلتقي خلال الزيارة عدداً من المسؤولين الأمريكيين لبحث العلاقات الثنائية ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك التي تدعم أمن واستقرار المنطقة، دون مزيد من التفاصيل.
فيما ذكر موقع وزارة الخارجية الأمريكية أن الأمير خالد سيلتقي وزير الخارجية مايك بومبيو، الأربعاء، بمقر الوزارة، وهو ما حصل بالفعل
أسباب الزيارة
لم تذكر الوكالة الرسمية السعودية السبب الرئيسي وراء الزيارة التي قام بها نجل الملك سلمان، لكنها جاءت بالتزامن مع معلومات تتحدث عن عزم واشنطن إجراء محادثات مع الحوثيين في اليمن.
ونقلت وكالة "بلومبيرغ" للأنباء، الثلاثاء (27 أغسطس)، عن مصادر مطلعة قولها إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تستعد لإطلاق محادثات مباشرة مع الحوثيين في اليمن، في مسعى لإنهاء الحرب المستمرة هناك منذ مارس عام 2015.
وقالت المصادر إن واشنطن تتطلع إلى دفع السعودية إلى المشاركة في "محادثات سرية في سلطنة عمان مع قيادات حوثية، في مسعى للتوسط لإعلان وقف لإطلاق النار في اليمن".
ولم تعلق السلطات السعودية حتى اللحظة حول هذه الأنباء، حيث تبحث الرياض عن مخرج من الحرب بعدما تكبدت خسائر كبيرة، وفشلها في إعادة الشرعية وإنهاء انقلاب الحوثيين.
وبعد لقاء بن سلمان وبومبيو، قالت الخارجية الأميركية إن الوزير ونائب وزير الدفاع السعودي اتفقا خلال مباحثاتهما في واشنطن على أن الحوار هو السبيل الوحيد للحفاظ على استقرار اليمن وازدهاره ووحدة أراضيه.
وأضافت الخارجية الأميركية في بيان أن بومبيو أكد دعم الولايات المتحدة لعملية تفاوضية تهدف للتوصل إلى تسوية بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وأشارت إلى أن الجانبين بحثا ملفات عدة، بينها وضع حقوق الإنسان والحاجة لتعزيز الأمن البحري لضمان ملاحة حرة في الخليج، بالإضافة إلى ما وصفها بالأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وفي وقت لاحق الأربعاء، قال بومبيو في تغريدة عبر تويتر: "عقدت اجتماعاً مثمراً مع خالد بن سلمان اليوم لمناقشة (ملف) اليمن، والأمن البحري، ومواجهة أنشطة النظام الإيراني الخطيرة، وحقوق الإنسان". وأضاف: "من المهم للغاية لوحدة اليمن واستقراره وازدهاره أن تحل الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي نزاعهما".
أول زيارة بعد تكليفه بمنصب جديد
وتعد هذه الزيارة هي الأولى لنجل سلمان منذ تعيينه في منصبه الجديد، بعدما كان شقيقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أصدر أمراً ملكياً، في فبراير الماضي، خلال تكليفه بإدارة شؤون البلاد؛ لسفر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بتعيين شقيقه الأمير خالد نائباً لوزير الدفاع، والأميرة ريما بنت بندر سفيرة للمملكة في واشنطن خلفاً له.
وتولى الأمير خالد منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة في 21 يوليو 2017، وبرز اسمه وسط أزمة قضية خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018.
وبعد مقتل خاشقجي بأيام، صرح الأمير خالد بأن "التقارير التي تشير إلى أن خاشقجي قد اختفى في القنصلية في إسطنبول أو أن سلطات المملكة احتجزته أو قتلته، هي زائفة تماماً ولا أساس لها من الصحة"، وهو ما اتضح عكسه في وقت لاحق.
وبعد تأكيد السلطات السعودية مقتل خاشقجي، نفى بن سلمان ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن أنه اقترح على خاشقجي التوجه للقنصلية السعودية في إسطنبول، وقال: "لم أقترح عليه الذهاب لتركيا لأي سبب من الأسباب، وأدعو الحكومة الأمريكية لنشر أي معلومات متعلقة بهذه المزاعم".
مقتل خاشقجي وارتباط خالد
وكانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلصت، في نوفمبر من العام الماضي، إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أمر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول، وهو ما تنفيه السعودية.
وبحثت الوكالة في مصادر استخباراتية متعددة، من ضمنها مكالمة هاتفية أجراها شقيق ولي العهد خالد بن سلمان، التي "حث فيها خاشقجي على الذهاب إلى القنصلية السعودية في إسطنبول لاستكمال أوراق زواجه ومَنَحَه الضمان للقيام بذلك".
كما قالت محطة "إن بي سي" الأمريكية، في أكتوبر الماضي، إن خالد بن سلمان التقى بجمال خاشقجي، قبل أشهر من مقتله، في واشنطن، وكان اللقاء ودياً حسبما قال مقربون منه.
وقالت وسائل إعلام أمريكية إن خالد بن سلمان والمستشار في ديوان ولي العهد سعود القحطاني كانا يقودان الاتصالات بخاشقجي لمدة عام تقريباً بهدف إقناعه بالعودة طوعاً إلى السعودية.
سبب تكليف بديل عنه بواشنطن
ولعل محمد بن سلمان شعر بالخوف على شقيقه من استمرار بقائه في واشنطن، ما قد يعرضه لانتقادات واسعة من الإعلام والناشطين في أمريكا بسبب تستره على جريمة مقتل خاشقجي.
وكانت "واشنطن بوست" انتقدت، في شهر ديسمبر الماضي، عودة خالد بن سلمان إلى واشنطن بعد ذهابه إلى الرياض، ووصفتها بالجرأة الوقحة، متهمة إياه بالكذب الصريح بشأن جريمة قتل الصحفي خاشقجي.
وذكرت الصحيفة، بافتتاحيتها في 8 ديسمبر، "أنه في الأيام التي تلت اختفاء خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، شن سفير المملكة خالد بن سلمان حملة شعواء من الأكاذيب، وأخبر أي شخص ممكن أن ينصت له -من أعضاء مجلس الشيوخ إلى ناشر واشنطن بوست- بأن التقارير التي تفيد بأن خاشقجي قد تم احتجازه أو قتله داخل القنصلية كانت زائفة تماماً ولا أساس لها من الصحة".
وأضافت الصحيفة أنه بعد أسبوعين "عندما أصبحت الحقيقة لا ريب فيها بأن النظام السعودي قد أرسل فريق اغتيال إلى إسطنبول لقتل خاشقجي وتقطيع أوصاله انسل السفير خلسة من واشنطن إلى الرياض".
وتوقع قليلون عودة مبعوثٍ "مصداقيتُه صفر"، كما أوجزها ببلاغة السيناتور الجمهوري بوب كوركر، لكن تفاجأ كثيرون بظهور خالد بن سلمان مجدداً وعودته لواشنطن.
وقالت الصحيفة: "السجلات العامة تثبت بشكل قاطع أن خالد بن سلمان شارك في التستر على قتل خاشقجي الذي تقول وكالة المخابرات المركزية إن الأمر به كان- على نحو شبه مؤكد- بإيعاز من أخيه. وأضافت أن السفير ربما يكون قد لعب دوراً في مؤامرة القتل نفسها".