الخليج الجديد-
في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، ازدحم الفضاء الإعلامي بتصريحات من القيادة السعودية، ممثلة في ولي العهد "محمد بن سلمان"، اعترف فيها بالمسؤولية السياسية عما حدث، لكنه أنكر إدارته لعملية الاغتيال أو أمره بها، وتعهد بمحاكمة المتورطين أيا كانت مناصبهم أو رتبهم، والقيادة التركية ممثلة في الرئيس "رجب طيب أردوغان"، والذي تعهد باستمرار الضغط من أجل تحقيق العدالة، التي اعتبرها دينا لعائلة "خاشقجي" ومحبيه.
ووسط تلك التصريحات والمواقف، كان مهما محاولة البحث في خط سير محاكمات المتهمين، الذين قالت الرياض إنها قدمتهم إلى محاكمة عاجلة، ومعرفة إلى أين وصلت تلك المحاكمات.
في يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت الرياض أنها قدمت 11 متهما في قضية مقتل "خاشقجي" إلى المحاكمة، كان هذا هو الإجراء العلني الوحيد، بالإضافة إلى ما قالته النيابة العامة السعودية بأنها طلبت إنزال عقوبة الإعدام بحق 5 متهمين، خلال الجلسة الأولى لتلك المحاكمة.
لكن ما سوى ذلك ظل قيد السرية والكتمان، بما في ذلك أسماء المتهمين الـ11 الذين قالت الرياض إنها أحالتهم إلى المحاكمة، أو الـ5 الذين قالت النيابة إنها طلبت معاقبتهم بالإعدام.
وواقعيا لم تنعقد سوى جلسة واحدة لتلك المحاكمة، قبل أن يخفت ذكر الأمر في السعودية تماما، وهو ما استفز تركيا، وجعل الرئيس "أردوغان" ينتقد ما وصفها بعدم الشفافية في محاكمات المتهمين بالسعودية، ملمحا - في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قبل أيام - إلى إخلاء سبيل الجناة بشكل غير رسمي، وقائلا إن ذلك "يتنافى مع ما ينتظره المجتمع الدولي ويؤثر سلبيا على صورة السعودية".
ما كشفته وسائل الإعلام السعودية عن محاكمة المتهمين بقتل "خاشقجي" داخل المملكة كان شحيحا، من قبيل أن أول جلسات المحاكمة عقدت، وأن المتهمين الـ11 حضروا الجلسة، برفقة محاميهم، وأن محامي الدفاع طلبوا نسخة من لائحة الاتهامات، ومهلة لمراجعتها.
وحتى الآن، لم يتم الإعلان عن موعد الجلسة التالية للمحاكمة أو أسماء المتهمين الـ11.
تسريب إفادات
وأمام شح المعلومات في السعودية، قالت صحيفة "صباح" التركية في أوائل سبتمبر/أيلول المنصرم، إنها تمكنت من الوصول إلى إفادات عدد من منفذي عملية الاغتيال، خلال جلسة محاكمتهم في السعودية، وذكرت من بينهم نائب رئيس الاستخبارات العامة السعودية السابق "أحمد عسيري"، ولواء يدعى "منصور أبوحسين" اتضح أنه كان المسؤول الأكبر عن فريق الاغتيال، والعقيد في الاستخبارات السعودية "ماهر المطرب"، والطبيب الشرعي الذي يبدو أنه من مزق جثمان "خاشقجي"، "صلاح الطبيقي".
وأكدت الصحيفة أن إفادات هؤلاء المتهمين، خلال المحاكمة، توضح الحرص على إخفاء الدور الحقيقي لولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" في عملية القتل.
وقالت الصحيفة إن الجلسة الأولى في محاكمة قتلة "خاشقجي" كانت في الثالث من يناير/كانون الثاني الماضي، وإن المحاكمة شملت "منصور أبوحسين" و 9 آخرين من الفريق.
وذكرت أن النائب العام السعودي، طالب بعقوبة الإعدام لكل من: "تركي مشرف الشهري، ووليد عبدالله الشهري، وفهد شبيب البلوي، وماهر المطرب، وصلاح محمد الطبيقي، فيما طالب بالسجن المؤبد للآخرين".
وأشارت إلى أنه في جلسة المحاكمة تم إحضار المتهمين في مجموعتين دون تكبيل أيديهم أو أرجلهم.
وأوضحت الصحيفة أن الجلسة الأولى لمحاكمة القتلة في الرياض بداية يناير/كانون الثاني الماضي، شارك فيها 5 أعضاء دائمين في مجلس الأمن، وهم ممثلو سفارات الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين، لكن لم تتم دعوة مقرر الأمم المتحدة "أغنيس كالامارد" لحضور جلسة المحاكمة.
أعضاء الفريق
وبعد مرور عام على الجريمة، أعادت صحف تركية التذكير بأسماء وهويات 15 رجلا، تقول أنقرة إنهم من نفذوا عملية اغتيال "خاشقجي"، وإنهم موظفون بالدولة السعودية (ضباط استخبارات سعوديون وأعضاء فريق حماية ولي العهد "محمد بن سلمان")، وصلوا وغادروا مطار أتاتورك الدولي، وقت وقوع الجريمة، وهم:
- "فهد شبيب البلوي" (33 عاما): هناك تطبيق عربي، اسمه MenoM3ay ويمكن مستخدميه من ربط الأسماء بأرقام الهواتف، أظهر "البلوي" على أنه عضو في الحرس الملكي السعودي.
وقد وصل "البلوي" عى متن طائرة خاصة ونزل في فندق "موفنبيك" وغادر في طائرة خاصة.
- "سيف سعد القحطاني" (45 عاما): هناك شخص مسجل بهذا الاسم في تطبيق MenoM3ay يعمل في حرس ولي العهد، حسبما تقول صحيفة "واشنطن بوست".
وقد وصل "القحطاني" إلى إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول على متن طائرة خاصة ونزل في فندق "موفنبيك" وغادر على متن رحلة تجارية في اليوم التالي.
- "تركي مشرف الشهري" (36 عاما): وصل إسطنبول على متن طائرة خاصة ونزل في موفنبيك وغادر على متن طائرة خاصة.
- "صلاح محمد الطبيقي" (47 عاما): هو طبيب شرعي حصل على الماجستير من جامعة غلاسكو في أسكتلندا، وفي عام 2015 قضى 3 أشهر في معهد فيكتوريا للطب الشرعي في أستراليا.
ويصف "الطبيقي" نفسه في حسابه بـ"تويتر" بأنه أستاذ في الطب الشرعي ورئيس مجلس الطب الشرعي السعودي، كما توجد في حسابه روابط بوزارة الداخلية.
وفي عام 2014 قالت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية إن المقدم "الطبيقي" يعمل في إدارة الطب الشرعي بوزارة الداخلية السعودية.
ففي لقاء معه نشرت فيه صورته بالزي الرسمي، قال "الطبيقي"، حينئذ، إنه صمم مختبرا محمولا يمكن للأطباء بفضله تحديد سبب الوفاة في 7 دقائق ويمكن استخدامه في تحديد الوفاة في مواسم الحج.
وقالت وسائل إعلام تركية إن "الطبيقي" كان يحمل معه منشار عظام لدى دخوله مطار أتاتورك في إسطنبول في رحلة طائرة خاصة وصلت من الرياض ظهر 2 أكتوبر/تشرين الأول.
وقد نزل "الطبيقي" في فندق "موفنبيك"، غرب القنصلية، وغادر إسطنبول على الطائرة ذاتها حوالي الساعة 11 مساء اليوم نفسه، إذ توجه إلى دبي ومنها إلى الرياض التي وصلها في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأفاد مسؤولون أتراك، لم يكشفوا النقاب عن هوياتهم، أن صوت "الطبيقي" سُمع في التسجيلات داخل القنصلية يوم اختفاء "خاشقجي"، بينما كان ينصح الآخرين بالاستماع للموسيقى بينما يقوم هو بتقطيع أوصال "خاشقجي".
- "ماهر عبد العزيز مطرب" (47 عاما): يعتقد أن "مطرب" قضى عامين في السفارة السعودية في لندن، إذ كشفت وثيقة حكومية بريطانية صادرة عام 2007 أن رجلا يحمل الاسم نفسه كان سكرتيرا أول في السفارة السعودية حينئذ.
ونسبت شبكة "سي إن إن" لمصدر سعودي في لندن قوله إن "مطرب" عقيد في الاستخبارات السعودية، بينما يكشف تطبيق MenoM3ay أن الرجل عقيد في الحاشية الملكية.
وتكشف الصور أيضا سفره 3 مرات على الأقل مع ولي العهد، "محمد بن سلمان"، منذ مارس/آذار الماضي.
كما نشرت صحيفة "صباح" الموالية للحكومة التركية صورا من كاميرا مراقبة تظهر "مطرب" وهو يدخل القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري قبل 3 ساعات من وصول الصحفي.
وتقول وسائل إعلام تركية إن "مطرب" وصل إلى إسطنبول على متن الطائرة نفسها مع "الطبيقي"، ونزل في الفندق نفسه ولكنه غادر إسطنبول في طائرة خاصة أخرى مساء ذلك اليوم.
- "عبدالعزيز محمد الهوساوي" (31 عاما): في تطبيق MenoM3ay تم ربط الاسم برقم عضو في الحرس الملكي، وقد توجه "الهوساوي" إلى إسطنبول في رحلة تجارية يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول ونزل في فندق Wyndham Grand Istanbul Levant الذي يبعد نحو كيلومتر واحد جنوب القنصلية السعودية، وغادر في اليوم نفسه على متن طائرة خاصة، رفقة "الطبيقي".
- "ذعار غالب الحربي" (39 عاما): في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي حصل "ذعار الحربي" على ترقية داخل الحرس الملكي إلى رتبة ملازم، لشجاعته في الدفاع عن قصر ولي العهد في جدة عندما أطلق رجل النار على الحرس الملكي، فأردى اثنين قتلى وأصاب 3 آخرين بجروح قبل أن يلقى بدوره حتفه قتيلا.
وكان "الحربي" قد وصل إلى إسطنبول على متن طائرة خاصة ونزل في فندق "موفنبيك"، وغادر أيضا على متن طائرة خاصة في نفس اليوم.
- "محمد سعد الزهراني" (30 عاما): كشف تطبيق MenoM3ay أن رجلا يحمل الاسم نفسه يعمل في الحرس الملكي، كما التقطت صورة له وهو يقف بجوار "محمد بن سلمان" عام 2007.
وقالت وسائل إعلام تركية إن "الزهراني" وصل إلى إسطنبول على متن رحلة تجارية ونزل في فندق Wyndham Grand وغادر اسطنبول على متن طائرة خاصة.
لكن صحيفة "واشنطن بوست" قالت إن الرجل الذي رد على رقم الهاتف في تطبيق MenoM3ay نفى وجوده في تركيا لدى اختفاء "خاشقجي".
- "خالد عائض العتيبي" (30 عاما): قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن جواز سفر يحمل الاسم نفسه دخل صاحبه الولايات المتحدة 3 مرات بالتزامن مع زيارات أمراء سعوديين.
توجه "الزهراني" إلى إسطنبول على متن رحلة تجارية ونزل في فندق Wyndham Grand وغادر إسطنبول على متن رحلة تجارية أيضا مساء اليوم نفسه.
- "نايف حسن العريفي" (32 عاما): قال "قتيبة الإدلبي"، وهو رجل أعمال سوري ولد في السعودية ومن معارف "خاشقجي" ويعيش في واشنطن، إن هناك حسابا في "فيسبوك" يحمل الاسم نفسه ويعود لرجل يعمل في القوات السعودية الخاصة ويحوي الحساب صورا.
كما ربط تطبيق MenoM3ay الاسم بموظف في مكتب ولي العهد.
وصل "العريفي" إلى إسطنبول على متن رحلة ظهر 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وغادر في المساء على متن طائرة خاصة.
- "مصطفى محمد المدني" (57 عاما): هو الشخص الذي ارتدى ملابس "خاشقجي" بعد قتله وخرج بها من مبنى القنصلية، لتضليل كاميرات المراقبة والمحققين.
ربط تطبيق MenoM3ay بين الىسم وشخص يعمل في الاستخبارات السعودية.
وصل "المدني" إلى إسطنبول على متن طائرة خاصة يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018 ونزل في فندق موفنبيك وغادر على متن رحلة تجارية في اليوم التالي.
- "مشعل سعد البستاني" (31 عاما): يقول "إدلبي" إنه يوجد حساب على "فيسبوك" لرجل بالاسم نفسه يعمل ملازما في القوات الجوية السعودية.
وأضاف أن تطبيق MenoM3ay يقول إن الرجل يعمل بالحرس الملكي.
وقد توجه إلى إسطنبول على متن رحلة تجارية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018، ونزل في فندق Wyndham Grand وغادر على متن طائرة خاصة.
ووفق تقارير صحفية تركية، قبل أشهر، فإن "البستاني" لقي مصرعه في حادث سيارة غامض في الرياض.
- "وليد عبدالله الشهري"، (38 عاما): وفقا لوسائل إعلام سعودية"، قام ولي العهد بترقية رجل يدعى "وليد عبدالله الشهري"، يخدم في سلاح الجو السعودي لقائد سرب، العام الماضي.
وقد توجه "الشهري" إلى إسطنبول على متن طائرة خاصة ونزل في فندق "موفنبيك" وغادر على متن طائرة خاصة.
- "منصور عثمان أبا حسين" (46 عاما): قال "قتيبة الإدلبي" إن تطبيق MenoM3ay يكشف أن رجلا بالاسم نفسه يعمل في الاستخبارات السعودية، كما يحمل رتبة عقيد في الدفاع المدني وذلك بحسب مقالة منشورة في صحيفة سعودية.
- "بدر لافي العتيبي" (45 عاما): يوجد شخص بهذا الاسم مسجل في تطبيق MenoM3ay كرائد في الاستخبارات السعودية، وذلك بحسب "الإدلبي".
وقد توجه "العتيبي" إلى إسطنبول على متن طائرة خاصة، ونزل في فندق "موفنبيك" أيضا وغادر في طائرة خاصة كذلك.