صحيفة “الغارديان” البريطانية-
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا لمايكل صافي مراسل الصحيفة الدولي المقيم في الشرق الأوسط، قال فيه إن تخفيف القوانين الاجتماعية في السعودية تكذّبه حملات القمع التي استمرت حتى بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي في قنصلية بلاده في إسطنبول.
وأشار الكاتب إلى تقرير منظمة “هيومان رايتس ووتش” الذي جاء فيه أن حملات الاعتقال التعسفية متواصلة لكل من ينظر إليه كناقد لولي العهد السعودي محمد بن سلمان. ويقول الكاتب إن بن سلمان أشرف، منذ صعوده إلى السلطة، على حملة لتخفيف القوانين الاجتماعية الجامدة، وكان آخرها السماح للمرأة فوق سن الحادية والعشرين التقدم بطلب للحصول على جواز سفرها، والسفر للخارج بدون موافقة من وليها.
ولكن هذه الإصلاحات يكذّبها “الواقع المظلم” حسب تقرير نشرته منظمة “هيومان رايتس ووتش” بما في ذلك حملات اعتقال جماعية للنساء الناشطات المطالبات بحق المرأة، تعرض عدد منهن للتعذيب والانتهاك الجنسي والجلد والضربات الكهربائية.
وتنفي أجهزة الحكومة السعودية إساءة معاملة النساء الناشطات. وشهد العام الحالي حسب التقرير اعتقال 20 شخصا بطريقة تعسفية، فيما شهدت الفترة التي أعقبت اغتيال خاشقجي العام الماضي حملات اعتقال شملت 30 شخصا.
ويقول صافي إن اغتيال خاشقجي سلط الأضواء على جهود ولي العهد تحويل المملكة وتخفيف اعتمادها على النفط. ففي حزيران/ يونيو، نشر تقرير للأمم المتحدة أدلة موثوقة تشير إلى تورط محمد بن سلمان وبقية المسؤولين السعوديين بجريمة قتل خاشقجي في إسطنبول، مع أن الرياض حاولت تقديمها على أنها عملية “مارقة” تمت بدون معرفة القيادة السعودية.
إلا أن الشجب الدولي لم يوقف حملات اعتقال المعارضين داخل المملكة حسبما ورد في تقرير “هيومان رايتس ووتش”، فقد شهد العام الحالي موجة اعتقال ضد ناشطات وحلفاء لهن، بمن فيهن الكاتبة خديجة الحربي التي كانت حاملا وقت الاعتقال. كما تم اعتقال أنس المزروع، المحاضر في جامعة الملك سعود، في آذار/ مارس، بعدما طرح موضوع الناشطات المعتقلات في معرض الكتاب بالرياض. وقال مايكل بيج، نائب رئيس قسم الشرق الأوسط في هيومان رايتس ووتش، إن “محمد بن سلمان أنشأ قطاعا للترفيه وسمح للمرأة بالسفر وقيادة السيارة ولكن السلطات السعودية وتحت إشرافه سجنت عددا من القيادات الإصلاحية والفكرية والناشطين الذين دعموا هذه التغييرات”.
وأضاف: “ليس تغيرا حقيقيا في السعودية لأنه يجري في ظل دولة قمعية حيث يسجن فيها المطالبون بحقوق الإنسان وحرية التعبير من قبل الذين يكرهون المعارضة”.
وبدأ القمع باعتقال محمد بن سلمان في أيلول/ سبتمبر 2017 علماء الدين والمثقفين وناشطي حقوق الإنسان، فيما نظر إليها على أنها محاولة لسحق النقد. ولاحظ التقرير أن اعتقال النقاد والناشطين والمعارضين ليس جديدا ولكن حملات القمع في نهاية عام 2017 تختلف في حجمها وعدد المعتقلين في مدة قصيرة، بالإضافة لاستخدام وسائل تعذيب جديدة لم تستخدمها قيادة سعودية سابقة.
وشملت إجراءات السلطات السعودية عمليات ابتزاز مالي مقابل حرية المعتقلين، وهي وسيلة استخدمت في حملات اعتقال رجال الأعمال والمسؤولين والأمراء ممن زج بهم محمد بن سلمان في فندق ريتز كارلتون بالرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017.
إضافة إلى ذلك، زادت المملكة من حملة المراقبة الإلكترونية للحسابات على الإنترنت. وكان صحافيو “الغارديان” ممن طالتهم حملة الرقابة الإلكترونية، وكانوا هدف وحدة قرصنة داخل الحكومة السعودية.
ويوم الأحد، أعلنت آلة الاقتصاد السعودي “أرامكو” عن المرحلة الأولى من الطرح العام في السوق المالي. وتأمل السعودية جمع مليارات الدولارات لتحقيق إصلاحاتها، لكن التحول الاجتماعي الذي دفع به محمد بن سلمان وإن كان مهما، إلا أن السعوديين اشتكوا من “الخطوط الحمراء” التي وضعت ويتم تطبيقها بطريقة غير متناسقة.