الخليج أونلاين-
أطلق عدد من أصدقاء الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، منظمة "فجر" الحقوقية التي كان الصحفي المغدور يخطط لإطلاقها قبل أن يتعرض للقتل على يد مسؤولين سعوديين في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018.
وقبل يومين من حلول الذكرى السنوية الثانية لمقتل الكاتب السعودي، دشن بعض أصدقائه العرب والأمريكيين المنظمة التي وضع خاشقجي إطارها العام قبل أسابيع من وفاته.
وأطلق أصدقاء خاشقجي، الأربعاء (30 سبتمبر)، منظمة "فجر" (DAWN) وهي اختصار لـ "الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن" (Democracy for Arab World Now)، وهو نفس الاسم الذي اختاره الراحل قبل وفاته.
وكان خاشقجي يخطط لتأسيس منظمة تدعم تطلعات الشعوب العربية للديمقراطية والعمل على احترام حقوق الإنسان، وهو ما فعله أصدقاؤه في محاولة لإحياء فكرته الأساسية.
إحياء للذكرى وللحلم
مدير أبحاث منطقة الخليج بالمنظمة عبد الله العودة، قال لـ"الخليج أونلاين" إن المنظمة لا تهدف فقط لإحياء ذكرى خاشقجي وإنما لإحياء حلمه وقيمه التي أراد أن يؤسس عليها المنظمة، والتي تتعلق إجمالاً بحفظ أحلام العرب في الحرية.
وأوضح العودة أن خاشقجي "تغير كثيراً بعد الربيع العربي وبدأ يحلم بالحرية والديمقراطية في البلاد العربية"، مشيراً إلى أن هذه الفكرة "كانت قمة ما حمله".
وجاء إطلاق المنظمة في واشنطن تحديداً "لدعم حراك الحريات في العالم العربي عبر مجابهة المنظمات التي تعج بها العاصمة الأمريكية دعماً للأنظمة الديكتاتورية"، بحسب العودة، الذي أكد أن الوقت قد حان لتأسيس منظمة تنحاز للشعوب وتحارب عن أحلامها.
وتابع العودة حديثه لـ"الخليج أونلاين" قائلاً: "بعد موت جمال حاولنا تطوير الفكرة عبر سد الفراغ الموجود بالساحة، وذلك ليس فقط من خلال تغطية قضايا المقموعين من الصحفيين، وإنما من خلال تقديم دور تفصيلي لنشاطهم وعلاقاتهم مع المجتمع ورصد الانتهاكات التي تعرضوا أو يتعرضون لها".
فضح الديكتاتوريات وتوثيق الجرائم
كما تسعى المنظمة إلى "فضح" جميع التفاصيل المتعلقة بانتهاك الحريات في دول "مثل السعودية ومصر والإمارات، وذلك من خلال التعريف بأسماء ووظائف من قاموا بها؛ سواء كانوا رجال أمن يعذبون أو قضاة ومدعون عموميون يقننون الحبس غير الشرعي"، بحسب العودة.
كما ستحاول المنظمة "فضح من يعطون تبريرات لقمع وتكميم كل الناشطين العرب سواء تحت مظلة الدين أو القانون"، وستوفر منصة "الديمقراطية في المهجر"، وهي مخصصة لمن خرجوا من بلادهم دعماً للحقوق والحريات.
وستعمل المنظمة، وفق العودة، على أخذ أفكار هؤلاء الموجودين في المهجر بغية تشكيل سياسة خارجية وأفكار تؤسس للضغط على الحكومات الأمريكية لتبني مسألة الحقوق والحريات في العالم العربي.
ويخطط أصدقاء الصحفي السعودي الراحل لتحويل المنظمة إلى أداة ضغط على الدول العربية التي تنتهك حقوق معارضيها السلميين، أملاً في تحسين السجل الحقوقي لهذه الدول.
ومن المقرر أن تسلط المنظمة الضوء على 3 دول تتهم بأنها ذات سجل ثقيل في انتهاكات حقوق الإنسان هي السعودية والإمارات ومصر، على أن تمتد لاحقاً لتشمل كل الدول العربية.
كما ستركز المنظمة على مواجهة الطرق التي "تساعد وتحرض" بها الولايات المتحدة الحكومات "المسيئة وغير المنتخبة التي تعتمد على المساعدات العسكرية الأمريكية".
وكان الصحفي الأمريكي، بوب وودورد، قد أشار في كتابه "الغضب"، الذي صدر منتصف سبتمبر، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاخر بإنقاذه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد مقتل خاشقجي.
وقال وودورد في كتابه إن ترامب قال له بعد أن سأله عن مقتل خاشقجي في إحدى المقابلات: "أنقذته (بن سلمان)، تمكنت من إقناع الكونغرس بأن يتركه وشأنه، وتمكنت من إيقافهم".
تمسك بإرث خاشقجي
وتحدث عدد من مسؤولي المنظمة في حفل التدشين الذي عقد في قلب العاصمة الأمريكية واشنطن، بمشاركة رمزية من أصدقاء خاشقجي.
وشهدت منصة زوم مشاركة ضخمة وحضوراً بارزاً لوسائل الإعلام الأمريكية في الفعالية التي شارك فيها مئات المهتمين من خلال البث الإلكتروني، لأسباب تتعلق باحترازات فيروس كورونا.
وخلال مشاركتها، قالت المديرة التنفيذية للمنظمة، سارة ليا ويتسن: إن المنظمة "ستتمسك بإرث جمال"، مشيرة إلى أن رؤية خاشقجي الأصلية "تقوم على فرضية أساسية، وهي أن الديمقراطية وحقوق الإنسان هما الحل الوحيد للشرق الأوسط الذي سيمنحه الاستقرار والأمن والكرامة لشعوبه".
وأشارت ويتسن إلى أن تمويل المنظمة يأتي من مؤسسات وأفراد عاديين، بينهم أصدقاء خاشقجي، مؤكدة أن المنظمة "لا تتلقى أي أموال حكومية".
وتابعت: "خاشقجي كان أول من تحدث عن فكرة تأسيس تلك المنظمة بعدما هرب من السعودية عام 2017 واستقر بواشنطن"، لافتة إلى أنهم بعد موته تمكنوا من توفير المساعدات المالية اللازمة وتنفيذ خطط تأسيسها، لتكون مؤسسة فكرية ومنظمة لمراقبة حقوق الإنسان.
وسيتم في البداية التركيز على انتهاكات الديمقراطية وحقوق الإنسان ببلدان ذات علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة مثل السعودية ومصر والإمارات، بحسب ويتسن.
صوت للآلاف
أما مسؤولة الإعلام العربي بالمنظمة الجديدة، فدوى مساط، فأشارت إلى أن المنظمة ستصبح منبراً للخبراء العرب والمنفيين السياسيين لنشر أعمالهم وإطلاع العالم عليها.
وقالت فدوى: "ربما كان جمال المنفي السياسي الأكثر شهرة في العالم العربي الذي حاولت السعودية إسكاته، ولذا سنعطي صوتاً للآلاف من أمثاله الذين كافحوا من أجل التغيير في بلدانهم".
ومن المنتظر أن تقوم تلك المنظمة بإنشاء "مؤشر خاشقجي" لقياس دور الحكومات الأجنبية في التشجيع على الديمقراطية وحقوق الإنسان بالشرق الأوسط، أو عرقلتها، كما ستقوم بنشر مقالات بالعربية والإنجليزية لنشطاء ومنفيين سياسيين وخبراء.
وقتل الصحفي السعودي البارز الذي كان أحد كتّاب الأعمدة في صحيفة "واشنطن بوست"، في الـ 2 من أكتوبر 2018، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول على يد فريق اغتيال سعودي خاص، فيما لم يعثر حتى الآن على جثته.
وأعلنت النيابة العامة السعودية، في 7 سبتمبر 2020، إغلاق قضية مقتل خاشقجي بشقيها العام والخاص، مع صدور أحكام نهائية بحق 8 أشخاص مدانين في إطارها.
وأصدرت النيابة العامة عقوبات بالسجن 20 عاماً على 5 متهمين، وعقوبات بالسجن بين 7 و10 سنوات على 3 آخرين، ولم تذكر أسماء المتهمين المحكوم عليهم.
وألحقت هذه القضية ضرراً كبيراً بسمعة المملكة التي سعت بكل الطرق لغسل يدها من دم الرجل الذي يعرف الجميع أنه راح ضحية جريمة سياسية بامتياز.