صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية-
انتقدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، ما وصفته بـ"المشاركة الواسعة" المحتملة من قبل مؤسسات اقتصادية عالمية كبرى فيما يعرف بمؤتمر "دافوس في الصحراء" المرتقب هذا الأسبوع بالسعودية المتهمة بارتكاب العديد من الانتهاكات الحقوقية وعلى رأسها سفك دماء الإعلامي "جمال خاشقجي".
وأشارت الصحيفة إلى أنه من المقرر عقد النسخة الرابعة من مبادرة الاستثمار المستقبلي للعام المقبل، والتي يطلق عليها غالبًا "دافوس في الصحراء" على مدار يومي الأربعاء والخميس، وسط مشاركة تبدو أوسع من النسختين السابقتين اللتين شهدتا مقاطعة كبيرة من المؤسسات المالية والاستثمارية العالمية الكبرى على خلفية مقتل "خاشقجي"، بينما كانت النسخة الأولى في 2017، قبل الحادث.
وقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" على يد عملاء سعوديين في قنصلية بلاده في إسطنبول، وسط اتهامات وتقارير استخباراتية عن أن العملية ججرت بأمر مباشر من ولي العهد "محمد بن سلمان".
وتحدثت "نيويورك تايمز" عن النسخة الثانية من المؤتمر والتي عقدت في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد أسابيع قليلة من مقتل "خاشقجي" مطلع هذا الشهر ذاته، وقالت إن هذه النسخة شهدت مقاطعة واسعة من قبل الاقتصاديين والمؤسسات الكبرى، حتى من حضر كان يتوارى عن الأنظار ويحاول إخفاء نفسه وصفته حتى لا يبدو أنه متورط في الدماء، ويسيء لسمعة مؤسسته.
وأضافت الصحيفة: "ستبدأ الدورة التالية من المؤتمر في الرياض يوم الأربعاء، ومن المتوقع أن يظهر عدد أكبر وأكثر من كبار التنفيذيين بشكل فعلي وشخصي، وهنا يكون السؤال المهم، هل هل هناك عقد أزلي بين هؤلاء وتلك الدولة المتهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان؟.
ووفق الصحيفة، من المقرر أن يحضر هذا المؤتمر، عدد من أكبر الأسماء في "وول ستريت" مثل "ديفيد روبنشتاين"، كما سيحضر "ديفيد سليمان" من "جولدمان ساكس" و"توماس جوتشتاين" من "كريدت سويس".
وأضافت أن "جيمس جورمان" الرئيس التنفيذي لـ"مورجان ستانلي" سيجري مقابلة مع "إيرين بورنيت" مذيعة "سي إن إن"، بالإضافة إلى حضور مدراء تنفيذيين آخرين بينهم "ستيف شوارتزمان" من "بلاكستون".
وأشارت الصحيفة إلى أنه في عام 2019، أرسل "مورجان ستانلي" و"جولدمان" تنفيذيين من ذوي الرتب الدنيا إلى المؤتمر ، وليس بمستوى الرئيس التنفيذي.
ووفق الصحيفة، فإن ما يجري هو "اختبار أخلاقي" لهؤلاء جميعا، مثلما هو الحال بالنسبة لإدارة "جو بايدن".
ووصف "بايدن" السعودية بأنها "منبوذة" خلال حملته الانتخابية، لكن الرئيس الأمريكي الجديد قد لا يعطل العلاقات بشكل كبير مع المملكة التي قد يحتاج دعمها لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي الإيراني.
والجمعة الماضي، طلب رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي، "آدم شيف"، رفع السرية عن تقرير الحكومة الأمريكية بشأن مقتل "خاشقجي".
ووفق "نيويورك تايمز"، فإن بعض الشركات المشاركة في المؤتر تربطها بالمملكة العربية السعودية الغنية بالسيولة علاقات تجارية راسخة منذ فترة طويلة، حيث دخلت "ناسداك" في شراكة مع البورصة السعودية على مدى عقدين من الزمن، بينما يرتبط البعض الآخر بالجهود الأخيرة التي بذلتها المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط.
ونقلت عن شركة "بلاك روك"، أن المشاركة والحوار العام من قبل قادة الاقتصاد بالعالم في مثل هذا المؤتمر "يمكن أن يساعد في تشجيع مسار الإصلاح في المملكة العربية السعودية".
فيما قال متحدث باسم "جولدمان": "لدينا عملاء منذ فترة طويلة في المنطقة ونواصل خدمتهم"، بينما رفض ممثلو الشركات الأخرى تبريري مشاركتهم في المؤتمر عندما اتصلت بهم "نيويورك تايمز".
وفي المقابل، قال "ثور هالفورسن"، مؤسس مؤسسة حقوق الإنسان الدولية (غير ربحية)، والتي مولت فيلم وثائقي عن مقتل "خاشقجي"، إن من حضروا الحدث منحوا ولي العهد الشرعية "شرعية".
وأضاف: "الرسالة التي يريدها (بن سلمان) هي: انظروا ، أموال العالم وقوى التمويل والصناعة هي لعبتي (كلها بيدي)".
ويرى مراقبون أن لقاء عشرات رجال الأعمال والمسؤولين في مؤتمر "دافوس في الصحراء" هذا الأسبوع، هي محاولة سعودية لدعم جهود ترميم صورة "محمد بن سلمان" مع قدوم إدارة "بايدن" ومع استمرار التقارير التي تتحدث عن دوره في جريمة مقتل "جمال خاشقجي".
وتسبّبت عملية قتل "خاشقجي"، بواحدة من أسوأ أزمات الدولة المصدرة للنفط ودفعت بمجموعة من قادة الأعمال والسياسيين إلى الانسحاب من المؤتمر السنوي في اللحظة الأخيرة العامين الماضيين.
وتجنّب كثير من زعماء العالم الظهور إلى جانب ولي العهد السعودي بعد مقتل "خاشقجي"، إذ شكّلت الجريمة اختبارا للتحالفات بين الرياض وعواصم حليفة بينها الولايات المتحدة وباريس وغيرها.
وتواجه الرياض صعوبات في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها، خصوصا منذ حملة القمع التي بدأت في عام 2017 عندما تحول فندق ريتز كارلتون الفخم، وهو مكان انعقاد مؤتمر الاستثمار هذا الأسبوع، إلى سجن لمئات رجال الأعمال السعوديين وبعض أفراد العائلة الحاكمة.
وأفرج عن هؤلاء بعد أسابيع أو أشهر بعد تسويات دفعوا بموجبها مبالغ مالية كبيرة للسلطات، بحسب التقارير آنذاك.