مجلة “فورين بوليسي”
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا لفيرشا كودفايور، الباحثة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية قالت فيه إن “الرياض تطلب المغفرة من بايدن” ولكن عليها عمل الكثير لتنال الحظوة من فريق الرئيس الجديد.
وأشارت للخطوات التي اتخذتها السعودية في محاولة منها لتخفيف التوتر مع واشنطن، ففي 10 شباط/فبراير أفرجت عن الناشطة لجين الهذلول بعد سجن 1001 يوما وسط اتهامات بالتعذيب والانتهاكات الجنسية. وأفرجت الرياض عن عدد آخر من المعتقلين وقامت بتعديل المناهج الدراسية وإصلاحات قانونية. وفي واشنطن وضعت سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الشيوخ والنواب المملكة في وضع غير مستقر. فقد أدى سجن محمد بن سلمان لمنافسيه وإدارته السيئة لحرب اليمن ودوره في جريمة قتل صحافي “واشنطن بوست” جمال خاشقجي لردة فعل بين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء. لكن الصدع مع الرياض عميق في الجانب الديمقراطي، وكمرشح تعهد جوزيف بايدن بجعل السعودية دولة منبوذة وبإعادة النظر في العلاقات الثنائية. وترى الكاتبة أنه وبرغم الخطاب الحاد من بايدن، فهناك فرصة تاريخية لإعادة ضبط العلاقات بين البلدين لو لعب كل طرف أوراقه بشكل جيد. وتشير إلى أن العلاقة بين واشنطن والرياض قد تأثرت بسبب محمد بن سلمان لكن هناك قضايا أخرى مشتركة مثل وقف التوسع الإيراني والحفاظ على أمن النفط ومواجهة الصين وتوسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.
ويمكن للولايات المتحدة والسعودية مواصلة هذه معا حالة حدت الرياض من انتهاكات حقوق الإنسان.
وقالت إن الهذلول التي حكم عليها بالسجن بناء على تهم باطلة من التآمر لقلب نظام الحكم وخدمة المصالح الأجنبية، خفف الحكم الصادر عليها بست سنوات بشكل سمح بالإفراج عنها. وفي بداية شباط/فبراير أفرج عن مواطنين يحملان الجنسية السعودية والأمريكية وهما صلاح الحيدر وبدر إبراهيم بكفالة بعد سجنهما منذ نيسان/إبريل 2019. وبنفس السياق خفف الحكم الصادر على وليد الفتيحي الذي يحمل جنسية مزدوجة وعلق الحكم الباقي عليه بحيث لا يعود إلى السجن مرة ثانية. كما وأوقف تنفيذ حكم الإعدام بشخصين اتهما بالمشاركة في التظاهرات المعارضة للحكومة، أحدهما علي النمر قريب الشيخ نمر النمر.
وأشارت الكاتبة إلى إعلان الحكومة السعودية عن إصلاحات قضائية في عدد من المجالات الجنائية والأدلة وما إلى ذلك. وحذف المواد التي تشجع على الكراهية ولا تدعم حكم الموت على المثليين والسحرة والزنا والكفر ولا تدعو إلى معاداة السامية. وتعلق إن كل هذه الخطوات جيدة ومحاولة لتصوير حسن النية السعودية تجاه الإدارة الجديدة التي جاءت حاملة مطرقة لضرب العلاقات الثنائية.
فقد أنجز بايدن ما قدمه من وعود انتخابية بشأن الحرب في اليمن وأعلن وقف الدعم العسكري الأمريكي لها. وفي يوم الثلاثاء أخبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي الصحافيين أن إدارة بايدن ستتجاوز محمد بن سلمان وتتعامل مباشرة مع الملك سلمان.
ولكن كما هو الحال مع السعودية فهي تتخذ خطوتين للأمام وخطوة للوراء. فرغم الإفراج عن الهذلول إلا أنها ممنوعة من السفر لخمسة أعوام وعرضة للمراقبة لثلاثة أعوام أخرى. ويتعرض الفتيحي لمنع من السفر مدة 38 شهرا. ويواجه كل من الحيدر وإبراهيم محاكمات بتهم إرهاب. وهناك رائف بدوي الذي سجن منذ ثمانية أعوام لأنه أدار مدونة على الإنترنت وسيبقى في زنزانته مع أنه تم شطب 950 جلدة من ألف جلدة كانت جزءا من الحكم. واعتقلت شقيقته سمر بدوي في عام 2018 وبدون أي تقدم في قضيتها.
ولو أرادت السعودية أن تحسن موقفها مع الإدارة الحالية فيجب عليها اتخاذ إصلاحات دائمة وليس مجرد خطوات محسوبة. فحظر السفر هو شكل آخر من أشكال التحكم والإكراه التي تمارسها الدولة. والإفراج عن المعتقلين بشكل مؤقت لا يعتبر تقدما حقيقيا. و “هي خطوات تهدف لحفظ ماء الوجه من محمد بن سلمان ولا تتقدم نحو بداية مسار تصحيح العلاقة مع بايدن والديمقراطيين في الكونغرس والعدد المتزايد من الجمهوريين المحبطين”.
وستكون البداية من الإفراج الفوري وغير المشروط عن كل معتقلي الضمير والناشطين. وعليه العمل في مجال الإصلاح القضائي وبخاصة نظام الولاية التعسفي الذي يجرد المرأة السعودية من استقلالها ويعرضها للانتهاك. وعلى المستوى الجيوسياسي، فيجب أن تكون السعودية متفهمة لمظاهر قلق الأمريكيين من علاقتها مع الصين. فمواصلة التعاون السري في المجال النووي والصاروخي مع بيجين وتعميق العلاقات مع شركة واوي للاتصالات ونظامها فايف جي لن يحسن من موقفها بل وسيزيده سوءا في البيت الأبيض والكونغرس ووزارة الخارجية. وأضافت أن على السعودية مواصلة التقرب من إسرائيل وتشجيع دول عربية للتطبيع مع إسرائيل مما سيعطي السعودية حسن نية من الحزبين في واشنطن. ويمكن للسعودية أن تلعب دورا في توسيع التطبيع مع الدول الإسلامية في جنوب وجنوب شرق آسيا وتقوية اتفاقيات التطبيع الهشة بين السودان والمغرب من جهة وإسرائيل. ولدى بايدن خبرة طويلة في السياسة الخارجية ويعرف أهمية العلاقات الثنائية مع السعودية. ولكنه وخلافا لسلفه وضعا شرط القيم في العلاقات الخارجية، وعلى الرياض ألا تتوقع علاقات تقوم على الصفقات كما تعودت خلال السنوات الأربع الماضية. ولو قام محمد بن سلمان بالمطلوب منه لأدى إلى إعادة ترتيب للعلاقة مع أمريكا ولاستطاع بايدن إعادة شيء العلاقات الثنائية التي تقوم على القيم لا على دبلوماسية تويتر كما فعل ترامب. وفي النهاية فالكرة لا تزال في ملعب بن سلمان.