كشف موقع "ميدل إيست آي" حقيقة المواطن السعودي، الذي قررت فرنسا إخلاء سبيله بعد أن أُلقي القبض عليه في باريس بشبهة التورط بقتل الصحفي "جمال خاشقجي" عام 2018، مشيرا إلى أنه حمل جواز سفر رقمه متطابق مع أحد المتهمين بقتل الصحفي السعودي.
وقال الموقع البريطاني إنه رغم تأكيد بيان المدعي العام في باريس أن "عمليات التحقق المتعمقة لتحديد هوية هذا الشخص مكنتنا من إثبات أن مذكرة التوقيف الدولية لا تنطبق عليه"، لكن مصدر مطلع كشف أن الرجل حمل جواز سفر تتطابق تفاصيله، بما في ذلك الرقم، مع "خالد عائض العتيبي"، المشتبه به في قتل "خاشقجي".
وفي المقابل، أكد المسؤولون السعوديون أن فرنسا اعتقلت الرجل الخطأ، وطالبوا بالإفراج عن "العتيبي" على الفور، وهو ما جرى بالفعل.
وتأتي الحادثة بعد أيام من لقاء الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" مع ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" في السعودية، وهو أول زعيم غربي يلتقي مع الحاكم الفعلي للسعودية منذ مقتل "خاشقجي"، وفق "ميدل إيست آي".
وفي وقت سابق، اتهمت أجهزة المخابرات الأمريكية "بن سلمان" بالتوجيه باغتيال "خاشقجي"، وهي تهمة ينفيها.
وبحسب الموقع، جاء الاعتقال أيضا في لحظة حرجة لأنقرة والرياض؛ إذ تحسنت العلاقات التركية مع السعودية في الأشهر الأخيرة، بعد سنوات من التوتر الشديد.
و"خالد عائض العتيبي" هو من بين مجموعة مكونة من 18 سعوديا تم تحديدهم في تقييم استخباراتي أمريكي رُفعت عنه السرية باعتبارهم مسؤولين عن قتل "خاشقجي".
فيما خلص تقرير للأمم المتحدة عام 2019 حول جريمة القتل إلى أن "العتيبي"، وهو عضو في الحرس الملكي السعودي، كان داخل القنصلية السعودية في تركيا أثناء ارتكاب جريمة قتل "خاشقجي".
وذكر التقرير أن "العتيبي" شوهد برفقة "بن سلمان" خلال رحلة إلى الولايات المتحدة عام 2017.
وفي العام الماضي، قضت محكمة سعودية بسجن 8 أشخاص لمدد تتراوح بين 7و20 عاما لتورطهم في قتل "خاشقجي"، لكن لم يتم الكشف عن أسماء أي من المتهمين علنا.
فيما قال مصدر أمني مطلع لوكالة "فرانس برس" إن "العتيبي"، الذي حددته الولايات المتحدة والأمم المتحدة، موجود حاليا في سجن سعودي إلى جانب "جميع المتهمين في القضية".
وفي المقابل، تحاكم محكمة في إسطنبول 26 سعوديا غيابيا، بينهم "العتيبي"، في قضية مقتل "خاشقجي".
وفي وقت سابق، طلبت المحكمة التركية رسميا من المملكة أسماء المشتبه بهم السعوديين الذين حوكموا وأدينوا.
ومن غير الواضح سبب طلب هذه الأسماء، لكن من الممكن أن تقتنع تركيا بأنه تم تحقيق العدالة بالفعل في قضية مقتل "خاشقجي"، إذا كان الثمانية ممكن يُحاكمون أمام القضاء التركي، وفق "ميدل إيست آي".
وفي السياق، توقعت مصادر مقربة من الحكومة التركية أن الأحداث في باريس يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الانفراج التركي السعودي.
وقال مصدر تابع قضية "خاشقجي" منذ البداية للموقع: "وجدت تركيا فرصة كبيرة للعب ورقة العتيبي الآن، يمكن لأنقرة أن تقول للرياض: دعونا نتركها وراءنا، أغلقوا قضية خاشقجي، وألقوا كل اللوم على هذا الرجل، وبهذه الطريقة ستتاح لكلا الجانبين فرصة النظر إلى الأمام".
وأوضح المصدر أن "فرنسا شنت عملية لتحديد مكان واعتقال العتيبي الذي قيل إنه موجود بالفعل في البلاد منذ فترة، لكن التوقيت أثار الشكوك".
وتابع: "فرنسا تحاول تقويض فرصة تركيا لتحسين علاقاتها مع السعوديين، لكن هذا سيعود بنتائج عكسية، حيث إن تركيا مترددة في المضي قدما في هذه القضية والبحث عن فرص اقتصادية جديدة وسط أزمات العملة".
وأضاف أن صمت الحكومة التركية يعد مؤشرا على أن أنقرة لا تريد إعادة القضية إلى الواجهة مرة أخرى.