ذي إنترسيبت-
نشر موقع “ذي إنترسيبت” تقريرا تساءل فيه عن سبب احتجاز الإمارات محاميا أمريكيا تقول الرواية الرسمية في واشنطن، إنه مثّل الصحافي جمال خاشقجي، مع أن أرملة الصحافي تنفي هذا. وقال مرتضى حسين، إن اعتقال عاصم غفور في الإمارات أثناء رحلة ترانزيت إلى تركيا، أثار الكثير من التكهنات حول سبب اعتقاله.
وتقول الإمارات إنها اعتقلت غفور بتهمة غسيل الأموال والتهرب الضريبي، وأخبرته أنه حوكم سرا وصدر عليه حكم غيابي. ونظرا لغموض النظام القانوني في الإمارات، يرى العديد من المراقبين أن هناك دوافع سياسية خفية، واحد منها علاقة الإمارات بالسعودية، وحيث إن كلا البلدين لديه تاريخ في ملاحقة النقاد، وحالة جمال خاشقجي دليل واضح.
ووُصفت علاقة غفور بخاشقجي بأنها مهنية وشخصية، وجاء في افتتاحيات الصحف وتصريحات أعضاء الكونغرس وبيانات المؤسسة الحقوقية التي ساعد غفور على إنشائها مع خاشقجي، بأنه “محامي خاشقجي”. وجاء في تقرير لوكالة أنباء أسوشيتدبرس: “مثّل سابقا خاشقجي وخطيبته أيضا خديجة جنكيز”، إلا أن التقارير حول العلاقة القانونية بينه وبين خاشقجي نفاها طرف واحد، حنان العتر، زوجة خاشقجي السابقة. فهي لا تجادل بأنهما كان قريبين، وأنه ساعد الناقد السعودي على إنشاء منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن (دون) كمنظمة حقوقية في واشنطن. إلا أن العتر تنفي كون غفور عمل محاميا عن خاشقجي. وقالت: “أتمنى الخير لغفور، ولكنه لم يكن محاميا عن زوجي”. وقالت في مقابلة مع الموقع: “زوجي لم يكن يواجه قضية قانونية احتاج فيها لمحام”.
وانتقدت العتر التي اعتُقلت مرتين في الإمارات، واحدة بسبب علاقتها مع خاشقجي، ما تراها محاولة “تسييس” ميراث الصحافي السعودي. ورأى آخرون بمن فيهم محامي غفور في الولايات المتحدة فيصل جيل، أن مسألة العلاقة القانونية هي مجرد إطار؛ لأن غفور قدم النصيحة القانونية لخاشقجي أثناء عمله على تأسيس منظمته “دون” التي يعتبر غفور عضوا في مجلس أمنائها، ولا تزال تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان، وصفقات الأسلحة للسعودية والإمارات.
وقال جيل: “في نهاية الأمر، كان عاصم مؤسسا لدون إلى جانب جمال خاشقجي. تحدث عاصم إليه بشكل منتظم ونصحه في أمور عدة، وكان جزءا لا يتجزأ في الدعوى القانونية بشأن مقتل خاشقجي. ووقّع عاصم العقد لإنشاء دون والذي وقّع عليه جمال خاشقجي أيضا وأدى لمقتله. وكان (عاصم) منخرطا في الموضوع منذ البداية”.
ومنذ مقتل خاشقجي، كان غفور جزءا من فريق “دون” القانوني في القضية التي رفعتها المنظمة ضد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، المتهم بإصدار الأمر. وجيل نفسه عضو في القضية المستمرة. وورد في الدعوى المقدمة للمحكمة الفدرالية العام الماضي كجزء من القضية ضد ولي العهد السعودي، أن غفور عضو في “دون” ولعب منذ البداية دورا في إنشائها و”تفاوض على اتفاق مع جمال خاشقجي ليصبح نفسه مديرا تنفيذيا لدون” في أيار/ مايو 2018. وجاء في الاعتراف أن “مقتل خاشقجي تسبب بقصور في ميزانية دون؛ لأن عددا من المتبرعين تراجعوا عن التزاماتهم المالية خوفا من انتقام المدعى عليه في القضية”.
وأشارت خطيبة خاشقجي جنكيز في بيان مكتوب، إلى دور غفور في القضية المتعلقة بموت خاشقجي بعد اعتقال غفور: “عاصم كان صديقا لجمال خاشقجي. وكمحام ساعد على إنشاء المنظمة”. وجاء فيها: “هناك قضية جارية ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والمتعاونين معه في قتل جمال خاشقجي. وستبدأ المحاكمة قريبا. وعاصم غفور هو جزء من فريق دون القانوني. وأنا قلقة من محاولة الإمارات تخويف الفريق القانوني، وتخويفي وأي شخص يدعو للديمقراطية في الشرق الأوسط، باعتقال عاصم”.
وأدت قضية المحامي الأمريكي في الإمارات للقلق؛ لأنها خرقت العدالة الأساسية ولم تتسم بالشفافية. واعتُقل غفور في مطار دبي الدولي في 14 تموز/ يوليو، عندما كان يحاول السفر إلى إسطنبول لحضور حفلة زفاف عائلية. وليست هذه هي المرة الأولى التي يسافر فيها غفور ترانزيت عبر دبي، لكن هذه المرة استُدعي ونقله رجلا أمن بالزي المدني إلى الحجز. وعند اعتقاله، أُخبر غفور بأنه حوكم في السابق، وأدين وصدر عليه حكم بالسجن مدة 3 أعوام وغرامة بقيمة 816.748 دولار، وترحيل بعد قضائه محكوميته. ولم يكن لديه فرصة للدفاع عن نفسه أو علم مسبق بالاتهامات الموجهة ضده. ورفض القاضي يوم الإثنين الإفراج عنه بكفالة عندما ظهر لأول مرة في المحكمة منذ عزله في مستشفى بعد إصابته بكوفيد-19 وهو في الإمارات. وستكون الجلسة الثانية في 9 آب/ أغسطس.
وولد غفور في ولاية ميسوري ونشأ في تكساس، وهو شخصية قانونية معروفة منذ سنين في واشنطن. وعمل على عدة قضايا قانونية دولية وحالات إرهاب في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، ولديه علاقات سياسية قوية مع الجمهوريين والديمقراطيين. وكان غفور موضوع قصة في “ذي إنترسيبت” عام 2014، عندما كشف عن استهداف وكالة الأمن القومي له ببرنامج تنصت شمل عددا من الناشطين، المحامين والأكاديميين المسلمين الأمريكيين.
وحصل غفور على تعويض بقيمة 20.000 دولار بعد كشف سابق عن برنامج تنصت حكومي وفي واحدة من قضاياه، مع أن الحكم ألغي بعد الاستئناف ضده. وأثار اعتقاله أسئلة حول دور الحكومة الأمريكية، ذلك أن احتجازه حصل عندما كان الرئيس جو بايدن في منطقة الشرق الأوسط. ففي البداية، قالت السلطات الإماراتية إن اعتقال غفور تم بالتنسيق مع السلطات الأمريكية وكجزء لوقف “الجريمة العابرة للحدود”. إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، ناقض هذا على ما يبدو في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، قائلا إن الولايات المتحدة “لم تطلب اعتقال غفور” موجها الأسئلة لوزارة العدل التي رفضت الإجابة على الأسئلة. وقال برايس في تصريحاته الحذرة، إن الولايات المتحدة لا تزال تجمع المعلومات.
ولا سبب لدى الولايات المتحدة يدعوها للاعتقاد أن احتجاز غفور مرتبط بعمله مع خاشقجي. ومهما يكن، فغياب الشفافية حور التهم في الإمارات، أدت لزيادة الشكوك من أن غفور استهدف لأسباب سياسية.
ففي ظل زيادة القمع العابر للدول، يثير الاحتجاز أسئلة حول استعداد الحكومة الأمريكية لتوفير الإجراءات القانونية اللازمة لواحد من مواطنيها الذي اعتقله حلفاء قمعيون مثل الإمارات. وقال سلام المرياطي، الرئيس والمشارك في تأسيس مجلس المسلمين للعلاقات العامة: “ليس من المنطقي أن تتم محاكمة وإدانة مواطن أمريكي متهم بالتهرب الضريبي من خلال سلطات محلية في الإمارات، لأن موضوعا كهذا تتعامل معه على الأرجح دائرة الإيرادات الداخلية. ونطالب بالشفافية وتقديم تفسيرات من الحكومة الأمريكية حول الموضوع، وحتى تتوفر لدينا المعلومات، سنواصل وصفه بالمعتقل السياسي”.