الخليج أونلاين-
رغم حالة الانكفاء الذاتي التي شهدها العالم جراء الخوف من فيروس كورونا، إلا أن قطاعاً واسعاً من الأشخاص كانوا مبادرين ومساهمين في إنقاذ المصابين من الفيروس رغم خطورة ذلك.
وخلال أزمة وباء كورونا العالمي، برز دور الأطباء العاملين والمتطوعين كجنود مجهولين في إنقاذ عشرات الآلاف من ضحايا الفيروس، مع أنّ الكثير منهم أصيبوا بالفيروس أو كانوا معرضين لها.
وكان لمنطقة الخليج العربي حضورها، عبر أطبائها المتطوعين في العديد من دول العالم، وبالأخص أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية التي ينتشر بهما الفيروس بشكل كبير.
سعوديون على الجبهة
وفي ظل وجود مئات الطلبة السعوديين المبتعثين لدراسة الطب أو الأفرع القريبة منه في عموم أنحاء العالم، كان لافتاً إصرار العديد منهم على البقاء في الدول الغربية للمساعدة في إنقاذ سكانها، خاصة أن بلدان الخليج تحتوي الفيروس بشكل ممتاز مقارنة مع أوروبا التي يتمركز فيها الوباء بشكل كبير.
ويبدو أن حاجة فرنسا للأطباء دفعت أكثر من 280 طبيباً سعودياً للبقاء في أراضيها للمساهمة في علاج مصابي فيروس كورونا.
وذكر حساب وزارة الخارجية السعودية على موقع تويتر في 5 أبريل الجاري، أن 280 طبيباً سعودياً من برامج المنح الدراسية التي تدعمها الحكومة السعودية، يشاركون جنباً الى جنب مع زملائهم الفرنسيين في المستشفيات الفرنسية بالخطوط الأمامية ضد معركة وباء كورونا.
صحيفة "الرياض" المحلية، نقلت عن الملحق الثقافي في سفارتي السعودية بفرنسا وسويسرا، عبد الله بن فهد الثنيان قوله إن "هذه المبادرة ستكون حاسمة في تطوير حياة الأطباء المهنية، ورفع جاهزيتهم للعمل الفعّال بتفانٍ لمواجهة الأزمات بمختلف أنواعها".
وبيّن أن هناك ما يقارب 20 طبيباً يعملون في سويسرا أيضاً، مشيراً إلى أن هناك أيضاً أطباء سعوديون يعملون في الولايات المتحدة، وفي بريطانيا وألمانيا.
وأكّد الثنيان أن جميعهم يعملون بجد وإخلاص لمكافحة الوباء الذي انتشر في العالم، مشيداً بموقف الأطباء السعوديين، التي اعتبرها "تعكس أروع صور التضامن في هذا الوقت العصيب من انتشار فيروس كورونا".
ولفت إلى أن "هذه ليست مبادرة فردية أو نخبوية من أبنائنا الأطباء، إنما هي بادرة تعكس قيم وأخلاق ومبادئ مجتمعنا الإسلامي العربي السعودي".
وفي 16 أبريل الجاري، قال الدكتور عبد الرحمن اللغبي، الزميل في أمراض الدم والأورام بجامعة "وين ستيت" بولاية ميتشيغن الأمريكية، في حديث مع صحيفة "سبق" المحلية، أن مشاركة الأطباء السعوديين تعد جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الصحية الأمريكية.
وأكّد أن ذلك "ينبع من واجب الطبيب تجاه مرضاه، وخصوصاً أن المشاركة في العناية بالمرضى خلال جائحة فيروس كورونا المستجد شكل من أشكال وفائنا بالقَسم الطبي الذي أديناه، والذي يلزمنا العناية بمرضانا بجميع الأحوال".
ولفت الطبيب السعودي إلى أن من أبرز التجارب والدراسات الجارية، مشروع استخدام الأجسام المضادة التي تتكون عند الأشخاص المتعافين من المرض، التي يُعتقد أنها قابلة للاستخدام في المرضى الذين يعانون أعراضاً شديدة من جراء إصابتهم بالمرض.
وأكد قائلاً: "سأقوم بالتبرع بحول الله وقوته بهذه الأجسام المضادة (بلازما دونتيشين) كشكل من أشكال دعم هذه التجارب والدراسات الإكلينيكية؛ لعل وعسى تفيد في معرفة دورها في التعامل مع هذا الفيروس".
أطباء إماراتيون
ولم يكن الأطباء السعوديون لوحدهم في ذلك الدعم الفردي للدول التي تستضيفهم، بل كان الطلبة الإماراتيون إلى جانبهم أيضاً.
فقد أشادت كبرى مؤسسات التعليم العالي الفرنسية المعنية باستقبال الباحثين وطلاب الدكتوراه من مختلف أنحاء العالم، بالدور الإنساني للأطباء الإماراتيين الذين يتدربون حالياً في المستشفيات الفرنسية، والذين اختاروا البقاء في فرنسا من أجل مساعدة زملائهم في التصدي لوباء فيروس كورونا، موجهة الشكر والامتنان لهم.
وفي إطار ذلك، قالت مؤسسة"Campus France" التي تشرف عليها وزارتا الخارجية والتعليم العالي الفرنسيتان، في بيان رسمي لها بداية أبريل 2020: "كل التقدير لهذا التعاون الوثيق بين الدولتين من خلال برنامج التخصص الطبي الفرنسي الإماراتي".
وآثر 9 من الأطباء الإماراتيين العاملين في فرنسا في طب الطوارئ والطب الباطني والجراحة وغيرها، البقاء في البلاد للمساعدة في معالجة تفشي المرض في إحدى الدول الأكثر تضرراً في أوروبا، والتي أعلنت حالة الطوارئ منتصف مارس الماضي.
ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها فرنسا، إلا أن الطبيب محمد الفلاسي المتدرب في جراحة الأعصاب بمستشفى تيمون في مرسيليا، قال: "قررت البقاء في فرنسا تكريماً لمهنتي كطبيب، سأبقى في فرنسا لأساعد زملائي في هذه الفترة العصيبة".
بدوره، قال مستشار فرنسا الإقليمي للصحة في الشرق الأوسط غيوم هوارت: "أعرب الأطباء الإماراتيين عن استعدادهم القوي لمواصلة العمل مع زملائهم في المستشفيات الفرنسية، وبصفتي مهنياً في مجال الصحة، أحيي تصميمهم وتضامنهم مع مرشديهم وزملائهم الفرنسيين في مثل هذا الوضع غير المسبوق"، مشيراً إلى أن "كل طبيب اتخذ القرار بشكل فردي بناء على الموقف".
عُمانيون في بريطانيا
وكانت اللفتة الإنسانية ظاهرة لدى طلبة الطب العُمانيين المعروفين بعلاقاتهم الودودة مع الآخرين، حيث قرر العديد منهم البقاء في المملكة المتحدة ومواصلة عملهم بغية المساعدة بمواجهة تفشي الفيروس المنتشر بشكل كبير.
الدكتور سلطان بن سيف الكلباني، المتخصص في جراحة العظام والمبتعث للتدرب ببرنامج زمالة جراحة العمود الفقري بمدينة نوتنغهام البريطانية، قال لوكالة الأنباء العُمانية "أونا" في 21 أبريل الجاري، إن الدوافع الإنسانية وما تتصف به الشخصية العُمانية من إيثار كانت سبباً في بقائه وزملاء عمله في المستشفيات البريطانية.
وأردف أن إصابته بالفيروس في بداية انتشاره برغم كل الاحترازات التي اتخذها، جعلته أكثر إصراراً على تقديم كل ما لديه وعلاج المصابين والمرضى بهذا الوباء.
وأوضح أن وجوده في الخط الأمامي مع زملائه الأطباء في المملكة المتحدة في التعامل مع المصابين بالفيروس مثّل له إضافة في مسيرته المهنية والتخصصية في جراحة العظام، معرباً عن اعتزازه بزملائه الأطباء في السلطنة بالإضافة إلى الكوادر الأخرى الذين يتعاملون بمهنية عالية مع تطورات جائحة فيروس كورونا.
وهو ما دفع سفارة بريطانيا في السلطنة لتوجيه شكر وامتنان، عبر صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، للأطباء العمانيين .
وخصت السفارة بالذكر الدكتورة جوليان الفوري، والدكتور أحمد العوفي، اللذين فضلا البقاء في المملكة المتحدة لتقديم الدعم اللازم خلال أزمة كورونا.
كل الامتنان والتقدير للأطباء #العمانيين ، خاصة الدكتورة جوليان الفوري، والدكتور أحمد العوفي، اللذان فضلا البقاء في #المملكة_المتحدة لتقديم الدعم اللازم خلال الأزمة الحالية. https://t.co/7bgpdGWxIC
— UKinOman (@UKinOman) April 20, 2020