الخليج أونلاين-
تتباين معدلات الإصابة والوفاة بسبب فيروس كورونا المستجد بين دول المنطقة العربية والعالم، وبين دول الخليج العربية بشكل خاص، التي شهدت تزايداً مستمراً في الإصابات بالتزامن مع تزايد حالات الشفاء.
ويبدو أن عدداً من العوامل كانت مساهمة في ازدياد عدد المصابين؛ من بينها عدم التزام المواطنين والمقيمين بالإجراءات التي اتخذتها دول الخليج للحد من انتشار المرض، وهو ما دفع حكومات تلك البلدان للقيام بعدد من الاحترازات، من بينها حظر التجول وصولاً إلى عقوبات شديدة ضد المخالفين.
وعلى الرغم من تزايد الإصابات بدول الخليج فقد كان ملاحظاً بشكل إيجابي انخفاض معدل وفيات كورونا كثيراً مقارنة بدول أخرى في أنحاء العالم، والذي يرجع لعدة أسباب من بينها توفر النظام الصحي المتطور.
أرقام تتزايد
منذ إعلان الإمارات الدولة الخليجية الأولى، أواخر يناير من العام الجاري، تسجيل أول إصابة بالفيروس، وتلتها البحرين ثم الكويت وسلطنة عمان، والسعودية وقطر، استمر منحنى الإصابات بالتصاعد يوماً بعد آخر بانخفاض محدود في أيام مختلفة.
داهم فيروس "كورونا المستجد" جميع دول الخليج العربي قادماً من إيران؛ بسبب وقوعها على الضفة المقابلة للخليج العربي، ووجود حركة تنقُّل واسعة معها.
ومنذ أواخر يناير وحتى أواخر مايو 2020، سجلت دول الخليج نحو 226 ألفاً و500 حالة إصابة، تعافى منها أكثر من 131 ألفاً، فيما توفي 1083 حالة.
وجاءت السعودية في مقدمة الدول الخليجية الأكثر انتشاراً بالمرض؛ بأكثر من 85 ألفاً، تلتها قطر بنحو 57 ألفاً، ثم الإمارات بأكثر من 34 ألفاً و500 حالة.
أسباب تفشي المرض
يقول مدير إدارة الصحة العامة بقطر، محمد بن حمد آل ثاني، إن زيادة الإصابات بفيروس كورونا بقطر تعود إلى عدة أسباب؛ في صدارتها زيادة الفحوصات في المختبرات للكشف عن الحالات المصابة.
وأضاف لـ"تلفزيون قطر" أن الأسباب الأخرى تعود إلى ارتفاع نسبة الإصابة بين القادمين من الخارج، خاصة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، إضافة إلى أن الخاضعين للحجر الصحي تبين أن بينهم عدداً كبيراً من المصابين بالفيروس.
أما وزير الصحة السعودي توفيق الربيعة، فقد ذكر في مطلع مايو الجاري، أن زيادة عدد الإصابات المعلنة بفيروس "كورونا" في المملكة تأتي بسبب توسع السلطات في تطبيق سياسة الفحص الموسع والمسح النشط لتتبع الحالات قبل انتشارها.
كما ذكر الدكتور محمد العبد، المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية، في 11 مايو، أن التجمعات العائلية "كانت سبباً في ارتفاع نسبة الإصابة بالفيروس بين النساء والأطفال، حيث كانت من بين الحالات الجديدة المصابة بكورونا".
ومطلع مايو الجاري، نقلت وسائل إعلام كويتية عن مسؤولين حكوميين قولهم إن أسباب ارتفاع الإصابات وعدم انخفاضها تعود إلى "تجاهل البعض للإجراءات الحكومية، وكسر حظر التجول، والمشاركة في تجمعات".
وأشارت إلى أن أسباباً أخرى تعود لوجود مصابين بين العائدين من الخارج ممن تم إجلاؤهم من قبل السلطات الحكومية، والمقدر عددهم بنحو 30 ألف مواطن.
وفي 30 مايو، قال وزير الصحة العُماني الدكتور أحمد بن محمد السعيدي، في مداخلة على التلفزيون العماني: إن "التوقعات تشير إلى ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا خلال الأيام القادمة".
وأشار إلى أن ذلك يعود إلى أسباب عديدة؛ من بينها "رصد تجمعات لأداء صلاة التراويح وتجمعات للإفطار الجماعي خلال شهر رمضان المبارك، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في زيادة حالات الإصابة".
عقوبات شديدة
ودفعت الأرقام المتزايدة بالإصابة بكورونا دول الخليج لإصدار عقوبات ضد من لا يلتزم بالإجراءات؛ حيث أعلنت دولة قطر، (14 مايو 2020)، إلزام جميع السكان بارتداء الكمامات عند الخروج من المنزل لأي سبب؛ للحيلولة دون الإصابة بالفيروس، وشدد القرار على أنه "في حالة عدم الالتزام بهذا القرار تطبق على المخالف العقوبات المنصوص عليها في المرسوم بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على 200 ألف ريال (54.9 ألف دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وسبق أن قررت الكويت أيضاً، يوم الثلاثاء (12 مايو الجاري)، إلزام مواطنيها بارتداء الكمامات في الأماكن العامة، مؤكدة تغطية الأنف والفم بأي وسيلة كانت، مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وقررت تغريم من لم يلتزم بذلك 5 آلاف دينار (16.2 ألف دولار)، ومعاقبته بالسجن 3 أشهر.
أما السعودية فقد قررت، أواخر مايو، تغريم من لا يلتزم بلبس الكمامات 1000 ريال سعودي (267 دولاراً أمريكياً)، فيما أقرت سلطنة عمان تغريم المخالفين بـ20 ريالاً عمانياً (52 دولاراً)، فيما أقرت دبي معاقبة من لا يلتزم بالقرار بـ1000 درهم (272 دولاراً).
خطوات مبشرة
ولعل من الأمور المبشرة في دول الخليج، رغم ارتفاع الإصابات، انخفاض عدد الوفيات وتزايد عدد المتعافين، وهو ما رأت صحيفة "لوموند الفرنسية" أنه يعود إلى مساهمة القوة المالية لهذه الدول، إلى جانب سرعة رد الفعل، في تسهيل إجراء كم كبير من الفحوص، مما يسهل اكتشاف المرضى وتعقبهم وعزلهم.
ورأت الصحيفة أن تدابير الاحتواء هذه "عزز فاعليتها عدم وجود شبكات النقل العام كالقطارات والحافلات، مما يحد من اختلاط الناس، وأخيراً بقاء المسنين في هذه البلدان غالباً في منازلهم؛ لأنهم على العموم يعانون من أمراض مزمنة، ولأن أنشطة المسنين نادرة".
وأكدت أن السعودية استفادت من الخبرة المتراكمة في مكافحة متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي يسببها نوع سابق من الفيروسات التاجية ينتشر على وجه الخصوص عن طريق الإبل، وقد قتل 871 شخصاً عام 2012، نصفهم تقريباً في السعودية.