الخليج أونلاين-
ترتبط شركات التأمين بأسواق المال الخليجية، ولها صلة بقطاع النفط، الذي انخفضت أسعاره لمستويات تاريخية غير مسبوقة (عادت لتوازنها) مصحوبة بقلة الطلب عليه، إضافة إلى العديد من العوامل الأخرى التي قللت من أرباحاها في منطقة الخليج.
تأثيرات كورونا المباشرة
ومع اقتراب تاريخ بدء تفشي فيروس كورونا من عام تقريباً، كانت هناك ضغوط شديدة على شركات التأمين العاملة في منطقة الخليج، خصوصاً مع انخفاض عدد السكان إثر عودة مئات الآلاف من العمالة المقيمة في الدول الخليجية نحو بلدانها، مع فقدان معظمهم لوظائفهم مع فرض التدابير الاحترازية واستمرار الإغلاق أشهراً.
وفي إطار ذلك توقعت "وكالة ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية في تقرير لها، 22 فبراير 2021، أن يؤثر انخفاض عدد السكان في منطقة الخليج بنحو 4%، إلى جانب المنافسة الشديدة على آفاق النمو وأرباح شركات التأمين في المنطقة بالعام الحالي.
الوكالة قالت: إنه "رغم توقعاتنا بحدوث انتعاش اقتصادي خليجي في 2021 إلى نحو 2% في المتوسط بعد الانكماش الحاد عام 2020، نظراً لارتفاع أسعار النفط، وانتشار حملات اللقاحات ضد فيروس كورونا في المنطقة، فإن انخفاض عدد السكان والضغوط المستمرة في القطاعات الرئيسية؛ مثل العقارات والتجزئة والضيافة ستعوق النمو في إجمالي أقساط التأمين المكتبة".
في الوقت ذاته لفتت إلى أنه رغم تأثير انخفاض الإنفاق الاستهلاكي قصير الأجل على الطلب على وثائق التأمين غير الإلزامية، فإن أسواق التأمين الخليجية تبقى مكتظة بالعمل.
وأشارت إلى أنه مع ذلك فمن المرجح أن تبقى تصنيفات شركات التأمين مستقرة على نطاق واسع في 2021، رغم عدم اليقين الاقتصادي المستمر، ويرجع ذلك أساساً إلى احتياطيات رساميل قوية لأغلب شركات التأمين في المنطقة.
وبلغت خسائر شركات التأمين وإعادة التأمين العالمية نتيجة جائحة كورونا نحو 200 مليار دولار، وفقاً للتقديرات المعلنة من قبل سوق "لويدز أوف لندن" للتأمين.
وقال خليفة السبيعي رئيس "مجموعة قطر للتأمين"، إن عام 2020 يعد عاماً استثنائياً بالنسبة لسوق التأمين وإعادة التأمين العالمي، مبيناً أن الشركة لم تتمكن من توزيع أرباح عن عام 2020؛ لضآلة مقدار الأرباح المحققة وعدم كفايتها لتوزيع نسبة أرباح لائقة عن ذلك العام.
وأضاف في حديث مع صحيفة "الراية "المحلية أنه "بالرغم من كل التحديات فإن قطر للتأمين استطاعت تحويل خسائر الثلاثة أرباع الأولى من عام 2020 إلى أرباح، مستندة إلى الأداء الجيد للمحفظة الاستثمارية للمجموعة".
من جانبها ذكرت صحيفة "الشرق" القطرية، نقلاً عن بسام حسين، رئيس مجموعة الدوحة للتأمين قوله: إن "قسم الاستثمار في شركات التأمين هو الأكثر تضرراً من ضغوطات أزمة كورونا"، وعزا السبب إلى "التراجع الذي اعترى أسعار الأسهم، والذي أثر بدوره على عوائد الاستثمار".
وفي ظل ذلك من المرجح ارتفاع أسعار عقود التأمين الصحي في بعض الأسواق الخليجية، خلال العام الجاري، حيث قد تضطر المؤسسات إلى أن تتجه إلى خفض مزايا وثائق التأمين لتقليل قيمة الأقساط، أو الحصول على تغطية تأمينية إقليمية بدلاً من دولية.
في الوقت نفسه ستبحث الشركات عند تجديد الوثائق عن خطط ومنتجات تأمينية جديدة بأسعار معقولة.
ونقلت صحيفة "الإمارات اليوم" عن المدير العام لشركة "الوثبة الوطنية للتأمين" بدبي بسام جلميران قوله: إن "النتائج تُظهر هوامش ربحية ضئيلة بشكل عام، ما يدل على أن الأسعار لم تتناسب ومستوى الطلب في هذا القطاع، وبالتالي من البديهي أن تكون هناك زيادات في أسعار التأمين الصحي خلال العام الجاري، لتحويل أعمال هذه القطاع إلى الربحية، كما أن هناك ضغطاً من شركات إعادة التأمين العالمية لرفع الأسعار وإعادة النظر فيها".
وسبق أن قال الرئيس التنفيذي لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "إيتنا إنترناشونال"، ديفيد هيلي: إن "هناك تأثيراً للتداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا في الأعمال بمختلف أنحاء العالم، ما أدى إلى سعي المؤسسات لخفض التكاليف، ومنها خفض نفقات التأمين".
كفاية رأس المال
فيما اعتبرت "ستاندرد آند بورز" في تقريرها أن "84% من شركات التأمين الخليجية ستحافظ على كفاية رأس المال فوق المستوى الموثوق القوي عند (AAA) في نموذج رأس المال، لدينا مقارنة بنحو 58% من شركات التأمين في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا".
وبشكل عام ستظل خسائر الاستثمار لشركات التأمين الخليجية من المخاطر الرئيسية.
فمن المرجح أن تميل شركات التأمين الكويتية، على سبيل المثال، إلى الحفاظ على هوامش رأسمالية أقل من أقرانها في الأسواق الخليجية الأخرى؛ ما يجعل جودة الائتمان لسوق التأمين الكويتية أكثر حساسية لتقلبات رأس المال والأرباح وضعف الأداء الاقتصادي.
ومن هنا تعتقد الوكالة أن اللوائح الجديدة والأكثر صرامة لقطاع التأمين الكويتي قد تؤدي لبعض زيادة الرساميل وعمليات اندماج فيما بين الشركات في 2021.
وتوقعت الوكالة نمو إجمالي الأقساط المكتتبة المحلية لسوق التأمين الكويتية بنحو 5% في 2021، مع زيادة أعداد المتقاعدين، ما يؤدي إلى إحداث ارتفاع في الأقساط لمخطط "عافية" للتأمين.
وأردفت أن ذلك يدعم مشاريع البنية التحتية التي ترعاها الحكومة، مع ارتفاع معدلات إعادة التأمين والقدرة على تحمل التكاليف الاقتصادية في حال نموها.
وكما هو الحال في أسواق التأمين الأخرى فقد أدى انخفاض المطالبات المتعلقة بتأمين المركبات والقطاع الطبي إلى نتائج اكتتابات تأمين أقوى في 2020، ويتوقع أن تستقر النسبة الإجمالية لسوق التأمين الكويتية بين 95 و97% في 2021.
مخاطر 2021
في المقابل توقعت وكالة "إس آند بي جلوبال" للتصنيفات الائتمانية في تقرير لها، 22 فبراير 2021، أن شركات التأمين الخليجية في 2021 لديها رأس مال قوي يدعم جودة الائتمان، وسيظل تصنيفها لتلك الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي مستقراً على نطاق واسع في العام نفسه.
ويرجع الفضل في ذلك أساساً إلى احتياطات رأس المال القوية، على الرغم من عدم اليقين الاقتصادي المستمر فيما يتعلق بجائحة كورونا، وفق الوكالة.
وترى الوكالة أنه مع العدد الكبير نسبياً من شركات التأمين في المنطقة، التي يعتبر بعضها صغيراً أو غير مسجِّل لأرباح، "نتوقع أن نرى المزيد من عمليات زيادة رأس المال والاندماج، لا سيما في الكويت والسعودية، حيث قد تقوم الهيئات التنظيمية بإصدار لوائح جديدة ترفع سقف رأس المال المطلوب".
وأشار تقرير الوكالة إلى أن الخطر الرئيسي الذي تواجهه شركات التأمين الخليجية يتمثل بعودة محتملة للتقلبات في أسواق رأس المال، مما قد يضعف الظروف الائتمانية للشركات في عام 2021، خصوصاً في حال رفعت البنوك المركزية تدابير التحمل تدريجياً في وقت لاحق من العام.
كما يمثل السكان غير المشمولين بالتأمينات فرصة كبيرة لشركات التأمين الخليجية، مع زيادة الوعي بخدمات التأمين والحاجة إلى الحماية، فكل ذلك سيسهم في زيادة الطلب على التغطية الطبية والرعاية الحرجة لـ"كوفيد-19" والأوبئة الأخرى.