الخليج أونلاين-
بدأت الحكومات حملات التطعيم من وباء فيروس كورونا المستجد منذ ديسمبر ويناير الماضيين، لتصل إلى عشرات الملايين في عموم أنحاء العالم ممن هم في سلم الأولوية؛ من القطاع الصحي، وكبار السن، ومن لديهم أمراض مزمنة.
وفي إطار ذلك أطلقت دول الخليج حملات وطنية للتلقيح على أعلى مستوى، ليصل إلى أكبر عدد من السكان خلال عام 2021، من أجل إعادة الحياة إلى سابق عهدها.
في المقابل بدأت بعض اللقاحات تثير جدلاً عالمياً مثل لقاح "أكسفورد - أسترازينيكا" البريطاني، خصوصاً في ظل حدوث أعراض جانبية لبعض من تلقى اللقاح.
لكن ما صحة المعلومات بخصوص هذا اللقاح بالذات، خصوصاً مع التقارير التطمينية التي بثتها دول الخليج لسكانها حول أمان اللقاح، وسط تعليق استخدامه في بعض الدول الأوروبية واستمرار تلقي بلد المنشأ له؟
ما قصة اللقاح بأوروبا؟
كان شهر مارس 2021 بائساً للغاية على الشركة المصنعة للقاح "أسترازينيكا" الذي تمكن، خلال يناير وفبراير، من الدخول في أجسام الذين ينالون جرعات التطعيم دون حدوث أية مشاكل تذكر، لكن في بدايات مارس بدأ الحديث عن أن أضرار اللقاح تنتشر في دول الاتحاد الأوروبي ووسائل الإعلام العالمية.
وفي الأسبوع الثاني من مارس قررت نحو 15 دولة أوروبية تعليق استخدام اللقاح "كإجراء احترازي" للتحقق من "علامات أعراض جانبية خطيرة محتملة في شكل جلطات دموية مميتة"، وذلك بعد حالات وفاة في عدد من الدول الأوروبية.
والثلاثاء 6 أبريل 2021 أعلنت الهيئة التنظيمية للأدوية في الاتحاد الأوروبي وجود صلة بين لقاح أسترازينيكا وجلطات الدم، وهو ما يعيد هذا اللقاح إلى الواجهة بعد تكرار حالات تجلط الدم.
وأكد رئيس مديرية التهديدات الصحية واستراتيجية التطعيم في الوكالة الأوروبية، ماركو كافاليري، في حديث لوكالة "فرانس برس"، "وجود صلة بين لقاح فيروس كورونا الذي تنتجه الشركة البريطانية السويدية (أسترازينيكا) وتكون الجلطات الدموية".
وأضاف: "لا نعرف حتى الآن ما الذي يسبب تحديداً مثل رد الفعل هذا. في الساعات المقبلة سنعلن رسمياً وجود مثل هذه الصلة، لكننا لم نفهم بعد كيف يحدث هذا الأمر".
ويوم الجمعة 2 أبريل، أعلنت وكالة الأدوية البريطانية أن 7 أشخاص تلقوا لقاح "أسترازينيكا" المضاد لفيروس كورونا توفوا بسبب جلطات دموية، من إجمالي 30 حالة سجّلت حتى الآن.
وتفرض بعض الدول قيوداً على استخدام لقاح أسترازينيكا، في حين استأنفت دول أخرى التطعيم مع استمرار التحقيقات في تقارير عن حدوث جلطات دموية نادرة وأحياناً شديدة.
وعلقت هولندا وألمانيا، مطلع أبريل 2021، التطعيم بجرعات أسترازينيكا للذين تقلّ أعمارهم عن 60 عاماً بعد اكتشاف حالات إصابات بجلطات.
أما في أستراليا فقد قال مسؤولون، السبت 3 أبريل، إن بلادهم ستواصل برنامجها للتطعيم بلقاح أسترازينيكا، رغم ما أثارته حالة تجلط دموي من قلق بشأن سلامة اللقاح.
وقد يُحدث استمرار تعليق استخدام اللقاح في دول الاتحاد الأوروبي حالة من العجز في سوق اللقاحات العالمية، خصوصاً مع قلة الإنتاج مقارنة بالأعداد المطلوبة عالمياً، والتي تصل إلى عدة مليارات من الجرعات.
هل اللقاح آمن في الخليج؟
استخدم اللقاح في عدد من دول الخليج، وبدأت عمليات التلقيح فيه بشكل موسع، في فبراير 2021، بعد أن أجيز الاستخدام الطارئ له في هذه الدول.
وأكّدت كل من السعودية والكويت والبحرين وعُمان في بيانات منفصلة لوزارات الصحة (بين 12 و14 مارس 2021)، أمان لقاح "أسترازينيكا"، وأشارت إلى أن "تعليق استخدام هذا اللقاح في عدد محدود من دول أوروبا يعد خطوة احتياطية ومؤقتة".
بدوره قال وزير الصحة الكويتي باسل الصباح: إن "كل التطعيمات المستخدمة في الكويت مأمونيتها عالية، ونتائجها مطمئنة، ومقاومتها للوباء مُؤَكَّدة".
ووجه نصيحة للكل "بالمبادرة بالتسجيل للتطعيم؛ حماية لأنفسهم، ومساهمة بتسريع عجلة الوصول للمناعة المجتمعية".
من جانبه قال عضو الفريق الوطني للتصدي لكورونا في البحرين، مناف القحطاني، إنه لم يتم رصد أي وفيات من جراء تلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في الدولة الخليجية، مؤكداً في الوقت عينه أمان التطعيمات المتوفرة.
وقالت وزارة الصحة العُمانية: "لم يتم تسجيل أية آثار جانبية جسيمة للقاحات المستخدمة في السلطنة ضد كوفيد-19".
وأكدت الوزارة أنه ليس هناك أي أفضلية بين اللقاحات المستخدمة حالياً في عُمان من حيث الفاعلية والأمان، مشددة على أنه "لا يتم تسجيل أي لقاح لاستخدامه في السلطنة إلا بعد اعتماده من بلد المنشأ أو الهيئات التنظيمية الدولية المعتمدة في هذا الشأن".
وفي أحدث بيانات هيئة الغذاء والدواء والسعودية أكّدت، في 16 مارس 2021، أنها لم ترصد أي حالات لجلطات الدم أو التخثر بسبب لقاحات فيروس كورونا المتوفرة في المملكة.
ورغم أن لقاح "أسترازينيكا" وصل إلى الإمارات في 12 فبراير 2021، فإن السلطات لم تتحدث ضمن أي بيان عن خطورته أو تعليقه، مؤكدة استمرار عملية التلقيح ضمن خطتها المعلنة.
ويظهر أن دول الخليج التي أكّدت أمان اللقاح اعتمدت على تقارير الشركة ومنظمة الصحة العالمية، ووكالة الأدوية الأوروبية، الأمر الذي يدفعها للاستمرار في استخدامه، خصوصاً مع عدم وجود أي حالات وفاة مرافقة لتلقي اللقاح في عموم دول الخليج.
ونقل الكاتب الكويتي سعد العجمي عن الدكتورة الباحثة في أكسفورد راشيل كلارك قولها: "للمتخوف من أخذ لقاح أسترازينكا، بعد 10 ملايين جرعة أكسفورد أصيب 28 شخصاً بتجلطات الدم، وبعد 11 مليون لقاح فايزر أصيب 25 شخصاً بتجلطات الدم، لماذا أوقف الأول وليس الثاني؟ الإجابة: لأسباب سياسية وليست علمية. كلا اللقاحين آمن".
وبخصوص دولة قطر فهي لم تبدأ باستخدام هذا اللقاح حتى الآن، حيث تعتمد في حملة تطعيم سكانها على لقاحي "موديرنا وفايزر" الأمريكيين، ولم تحدث أي حالة وفاة بسبب تلقي اللقاح على أراضيها.
ما هو لقاح "أكسفورد - أسترازينيكا"؟
ويعد لقاح "أسترازينيكا" أحد أبرز اللقاحات العالمية المضادة لفيروس كورونا، يُعطى عن طريق الحقن العضلي، وعملت جامعة أكسفورد البريطانية مع شركة أسترازينيكا البريطانية-السويدية على تطويره وإنتاجه، منذ فبراير 2020، (أي بدايات تفشي فيروس كورونا عالمياً).
بلغت فعالية اللقاح 90% عند اتباع نظام الجرعات الذي يعتمد إعطاء نصف الجرعة متبوعةً بجرعة كاملة بعد شهر على الأقل، وهذه نتيجة تجارب متنوعة شملت مشتركين جميعهم تقل أعمارهم عن 55 عاماً، حيث أظهر نظام جرعات آخر فعاليةً بلغت 62% عند إعطاء جرعتين كاملتين بفاصل شهر واحد على الأقل.
ويتصف اللقاح بالاستقرار في حرارة الثلاجة، وتبلغ كلفته 3 إلى 4 دولارات أمريكية لكل جرعة، وخططت الشركة لتجهيز نحو 200 مليون جرعة للتوزيع في أنحاء العالم بحلول نهاية 2020، وامتلاك القدرة على إنتاج 100 إلى 200 مليون جرعة شهرياً حال تسريع عملية التصنيع.
نال اللقاح الموافقة على إدراجه في برنامج التلقيح الخاص بالمملكة المتحدة، في 30 ديسمبر 2020، وأُعطيت الجرعة الأولى في 4 يناير عام 2021.
في 29 يناير 2021، أوصت وكالة الأدوية الأوروبية بمنح تصريح التسويق الشرطي للقاح لمن تجاوزوا سن الـ18.
كما نال اللقاح أيضاً موافقة السلطات التنظيمية على الاستخدام الطارئ في أكثر من 40 دولة حول العالم.