سباستيان كاستلر | المونيتور - ترجمة الخليج الجديد-
أصبحت الإمارات أول دولة في الخليج تتبنى أسبوع العمل الغربي الذي يبدأ من الإثنين حتى الجمعة بالنسبة للقطاع العام وذلك في ظل تفوق عدد المقيمين الأجانب على المواطنين حيث تبلغ النسبة 9 إلى 1. أما الشركات الخاصة فقد ترك لها حرية اختيار "ما يخدم مصالحها".
ومن خلال التخلي عن أسبوع العمل الممتد من الأحد إلى الخميس، تخالف الإمارات بقية دول الخليج ذات الأغلبية الإسلامية التي تجتمع وتحضر خطبة الجمعة. ومع ذلك، قالت الإمارات إن الشركات يجب أن تعطي الموظفين "استراحات واسعة" لأداء صلاة الجمعة، فيما سيعمل موظفو الدولة لمدة نصف يوم في الجمعة.
وقال وزير الموارد البشرية والتوطين "عبدالرحمن العور" أن "التغيير لا يأتي بمعزل وإنما في سياق إصلاحات متعددة".
ومنذ عام 2020، أوقفت الإمارات تجريم العيش المشترك لغير المتزوجين والجنس قبل الزواج، كما سمحت بالزواج المدني وقالت إنها ستنشئ محكمة جديدة لأفراد الأسرة غير المسلمين.
وتسعى الإمارات السبع، خاصة دبي، إلى وضع نفسها كمركز اقتصادي ولوجيستي عالمي على قدم المساواة مع المدن الدولية مثل سنغافورة وهونج كونج.
ويرى البعض في دول الخليج أن التغيير في أسبوع العمل الإماراتي جاء بمثابة مفاجأة. ويعتقد هؤلاء أن بقية دول مجلس التعاون الخليجي قد تحذو حذوها "إذا رأوا أن ذلك مفيد وإذا حاولوا الانفتاح على العالم أكثر".
رفض المجتمع المحافظ
لكن لا يوافق الجميع على ذلك، حيث إن هذه الإصلاحات "الغربية" تثير غضب الأشخاص الأكثر تحفظا في مجتمعات الخليج. ويقول البعض إن المنطقة العربية يجب أن تلتزم بهويتها الإسلامية. وقال المفتي العام لسلطنة عمان "أحمد بن حمد الخليلي" في تغريدة له: "العولمة تهدم هوية الشعوب كما أنها بمثابة أتون متأجج يلتهم ثروات الأمم".
وقال المواطن السعودي "فارس المعري"، وهو طالب علوم سياسية بجامعة جونز هوبكنز يعرّف نفسه بأنه ليس ليبراليًا ولا محافظًا، لموقع "المونيتور": "هناك احتمال كبير بأن تنظر السعودية في التحول إلى أسبوع عمل يمتد من الإثنين إلى الجمعة".
لكنه استدرك: "أشعر أن وتيرة التغيير تسير بسرعة كبيرة في السعودية، حتى أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يطالبون التغيير يقولون: تمهلوا قليلا.. دعونا نهضم الأشياء أولا".
وفيما تعد استطلاعات الرأي العام السعودي نادرة، ولا تعتبر استطلاعات الرأي عبر الإنترنت موثوقة، إلا أن 57% من أكثر من 7500 شخص شاركوا في استطلاع على "تويتر" رفضوا فكرة تحويل عطلة نهاية الأسبوع في المملكة إلى السبت والأحد.
وقال "أنور الرشيد" ناشط حقوق الإنسان ورئيس "الحركة الليبرالية الكويتية": "إن أسبوع العمل الممتد من الإثنين إلى الجمعة غير مرحب به في الكويت. الظروف مختلفة؛ سوف يمنع برلماننا ذلك. قررت الإمارات تحويل البلد كله إلى دولة تركز على الأعمال التجارية لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لدول الخليج الأخرى".
وقالت مصادر قريبة من مراكز اتخاذ القرار في الكويت لوكالة "بلومبرج" إن الدولة الأكثر ديمقراطية من بين دول مجلس التعاون الخليجي (الكويت) ليس لديها خطط لأن تحذو حذو الإمارات في تغيير أسبوع العمل.
الظروف أصبحت مختلفة
وفي عام 2006، خالفت الإمارات دول الخليج الأخرى حين حولت عطلة نهاية أسبوع إلى الجمعة والسبت بدلًا عن العطلة التقليدية يومي الخميس والجمعة، وتبعتها دول الخليج الأخرى لتصبح السعودية الأخيرة في القيام بهذا التغيير في 2013.
لكن هذه المرة مختلفة، وفقًا لما يراه "محمد السويد"، المتخصص في إدارة الأصول والثروات، والذي قال لـ"المونيتور": "بالنسبة لصناعة التمويل، فإن أسبوع العمل من الإثنين إلى الجمعة كان يعتبر ميزة كبيرة قبل 20 عاما، ولكنه الآن ليس كذلك فالمعاملات أصبحت إلكترونية، وسيكون لهذا التغيير آثار اجتماعية سلبية تفوق الفوائد الاقتصادية؟".
وأضاف "السويد": "أراها مجرد خطوة يائسة من الإمارات لمحاولة إحياء اقتصادها المتضخم بالفعل وتحفيز النمو الاقتصادي، لقد نمت الإمارات إلى ما هي عليه الآن من خلال استغلال كل جزء من مواردها والاستفادة من سلبية دول المنطقة وخاصة السعودية .. أما الآن، فقد تصاعدت المنافسة الاقتصادية لأن المملكة تتحرك لتنويع اقتصادها بحيث يتجاوز إيرادات النفط".
هل انتهى أسبوع العمل التقليدي؟
تعد الإمارات حاليا الدولة الوحيدة في العالم التي تعتمد أسبوع عمل مكون من 4 أيام ونصف للقطاع العام، فيما قالت إمارة الشارقة المحافظة إنها ستتحول إلى أسبوع عمل مكون من 4 أيام فقط.
وقال الغربيون الذين يعملون في الإمارات إن أسبوع العمل الممتد من الإثنين إلى الجمعة سيسمح لهم بمزامنة أفضل مع الزملاء والأصدقاء وأفراد الأسرة في الوطن.
في المقابل، تتساءل "ناديا الهارون"، وهي محللة أداء للأعمال التجارية في قطاع الطاقة القطري: "لماذا يتعين علينا أن نتكيف مع الغرب دائمًا؟ لست متدينة على الإطلاق لكنني أشعر أننا دائمًا من يصنع التعديلات للتكيف مع الغرب".
ووجد استطلاع أجرته شركة الاستخبارات الاقتصادية "EICN" في أكتوبر/تشرين الأول أن حوالي نصف قادة الأعمال التجارية في الإمارات يفضلون أسبوع العمل من الإثنين إلى الجمعة. وقال مدير الشركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "من شأن ذلك أن يرضي الشركات متعددة الجنسيات لكنه سيحبط بلا شك الشركات التي تتركز أنشطتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
ولكن إدخال المزيد من التكنولوجيا والميكنة إلى الاقتصاد القائم على الوظائف المستقلة يعني أن فكرة "يوم عمل مدته 8 ساعات على مدار 5 أيام في الأسبوع" أصبح بالفعل شيئًا من الماضي.