دول » السعودية

الإرهاب.. تكتيك مبني على أيديولوجيا

في 2016/02/11

ناصر محمد الجهني- مكة نيوز السعودية-

لا يمكن لعاقل سوي أن يختلف على ضرورة محاربة الإرهاب ودحره والتخلص من الإرهابيين وأعمالهم الإجرامية المدمرة، وذلك باعتبار الإرهاب تكتيكا واستراتيجية ووسيلة يتخذها البعض لا كغاية أو هدف في حد ذاته، وإنما لتحقيق أهداف ورؤى ومفاهيم وقناعات مؤطرة لفكر الإرهابيين تمثل البنى التحتية لأعمالهم ومنطلقاتهم.. أو بمعنى آخر الأيديولوجيا التي منها وبها ولها يقومون بما يقومون من أعمال قتل ونحر وحز رقاب وتدمير وتشريد وحرق.

ولئن كان من رغبة حقيقية في التعامل مع الإرهاب والإرهابيين والقضاء عليهم فإن هذا التعامل وهذه المواجهة والحرب يجب أن تستهدف الأيديولوجيا ذاتها التي يقوم عليها الإرهاب، والتي يعتنقها الإرهابيون.. أي أن استهداف الإرهاب يجب أن يكون في العمق، حيث المنطلقات والمفاهيم والرؤى، وليس فقط في آليات تحقيقها بالطرق الوحشية اللاإنسانية المرعبة.

إن الإرهاب الحقيقي هو الإرهاب الفكري الذي يشكل البنية التحتية لأي فعل إرهابي.. يؤطره ويمنطقه ويشرعنه ويحلله ويجيزه ويدفع إليه.. باختلاف أشكاله وصوره وطرق تنفيذه.. حز الرقاب إرهاب.. وتفجير دور العبادة إرهاب.. وقتل أجنبي في محطة بنزين إرهاب.. واستهداف المسؤولين إرهاب.. وتعامل مسؤول مع المواطنين خارج إطار صلاحياته وبعنف إرهاب.. ومنع رجال الدفاع المدني من إطفاء حريق بمدرسة لتموت الطالبات حرقا إرهاب.. وتجاوز الأنظمة بمطاردة مشتبه به ليلقى حتفه نتيجة المطاردة إرهاب.

بنية تحتية واحدة تفرز صورا شتى وأشكالا متنوعة كلها من أعمال الإرهاب.. هذه البنية التحتية هي ما يجب أن يكون الهدف الأساسي والأهم في الحملة الدولية على الإرهاب.

هذا الفكر المؤطر لكل هذا العنف هو ما تجب مواجهته والتعامل معه ومع حامليه ومعتنقيه ومناصريه والحاضين عليه المؤيدين له.. ليس الهدف وحده هو التكتيك والآلية والأسلوب وطريقة التنفيذ الظاهرة على السطح، وإنما يجب أيضا استهداف الفكر الإرهابي.. الأيديولوجيا.. الأطر والمفاهيم والقناعات التي يقوم عليها الفعل الإرهابي بأي شكل كان وبأي صورة ظهر.. في أي دولة.. وأي مجتمع.. ومن أتباع أي دين ومذهب وملة.. ولأي هدف كان.

إن القضاء على الفعل الإرهابي وحده ليس سوى مسكنات موقتة تقضي على الأعراض ولا تقضي على المرض.. وستنشط تلك الأعراض مجددا وبصور أقوى وأعنف وأكثر صعوبة في القضاء عليها مستقبلا.. وستتطور بشكل أخطر وأشد حدة.. وهذا في حكم المؤكد.. للقضاء على الإرهاب يجب القضاء على أصل الداء وأساس البلاء.. يجب التركيز على القضاء على الفكر الإرهابي من جذوره وفي العمق، وإلا فإننا سنرى بالتأكيد أعمالا إرهابية بصور وأشكال أخرى أشد وأعنف.. وأصعب في القضاء عليها والتعامل معها مستقبلا.