دول » السعودية

عندما أختلف أريد خصما شريفا

في 2016/02/20

ناصر محمد آل سعيدان- مكة نيوز السعودية-

مليئة هذه الحياة بالمتاعب، بالمواقف المختلفة والاتفاقات والاختلافات التي لا حصر لها، وهذه هي سنة الكون كما لمسنا وعشنا واعتدنا.

نصبح على قضية ونمسي على غيرها، ولكل منا موقفه فمع أو ضد أو بين هذا وذاك اختار أن يكون، ولولا الاختلاف لما كنا أحياء تفاعليين كل على طريقته.

وفي خضم هذه الاختلافات والخصومات التي منها ما يكون نزيها ومنها ما يفوح فجورا سنجد مآلاتنا نتيجة ذلك.

لو سألتني ما الذي أحتاجه وأنا أحمل لواء أي فكرة تخالف السائد الذي يستمد قوته من كونه سائدا، لقلت: أحتاج (خصما شريفا).

ما أبسط الطلب وما أصعب الحصول عليه، لا تكمن العلة لأي مفكر أو ناقد لأي فكرة بالنسبة لي إلا في أن يجد له خصما شريفا لا يفجر في خصومته.

ذلك أن خصمي إن كان خصما شريفا فلا بأس علي ولا أنا من المحزونين، فجدالي معه لن يتعدى إطار الفكرة وتفكيكها وتحليلها وتركيبها وماهيتها، وفي أسوأ الأحوال لن نخرج بشيء سوى (السلامة) التي باتت مطمعا لكثير من الذين يفكرون خارج الصندوق أو الناقدين لأشياء امتلكت قدسية ضد النقد بتراكمات فكرية خاطئة تماما تجاهها.

لك أن تمسك بأي فكرة هي خصم لفكرتك لدى أحدهم وتحاول الحديث معه حولها في سياق نقدي محترم ومرموق، لن تخرج عن شيئين إما أن يكون خصما شريفا فلا يتعدى حدود نقاش الفكرة في ذاتها، أو أن يكون شخصا حاملا للواء فكرة يعجز أساسا عن أن يفهمها فضلا عن أن يدافع عنها وهذا بالتأكيد لن يستطيع معك صبرا.

ومن منطلق عدم الاستطاعة هذا سيبحث عن متاهة ليواري بها عيوب فكرته التي فشل في أن يثبت جدارتها في مواجهتك فيبدأ في النيل من شخصك والهمز واللمز بك شخصيا أو اتهامك أو اتهام فكرتك في أحسن الأحوال، فيحاول استدراجك إلى منطقته الجدلية التي يجيدها وهي (السباب والاتهام والشتم عند العجز)، فإما أن تخدع فيجرك إلى هناك ويلقنك درسا استحققته بغبائك - من وجهة نظري - أو أن تكون فطنا فتقف في منطقتك السوية فلا تندفع معه فتخسر نقاء فكرك وفكرتك.

وما أحسب ناقدا أو مبتكرا خارج المألوف اليوم يحتاج إلا خصما شريفا، يجعل الفكرة خصمه لا صاحبها. وما سوى ذلك فالسلامة السلامة.