مجتمع » حريات وحقوق الانسان

تعزيزاً لدورها الإقليمي.. السعودية تسعى لتصنيع منظومتها العسكرية

في 2016/02/25

ياسين السليمان - الخليج أونلاين-

أقدمت المملكة العربية السعودية على توقيع عدد من الاتفاقيات العسكرية والأمنية مع شركات عالمية متطورة في صناعة الأسلحة والطائرات والأقمار الصناعية، لتعزيز منظومتها الدفاعية وتوطين ودعم تصنيع قطع غيار الأسلحة محلياً بسواعد سعودية، بالإضافة إلى دخول المملكة مجال تصنيع وتطوير وتسويق الطائرات والمعدات العسكرية، والأقمار الصناعية، ومنتجات الطاقة النظيفة.

وشهد معرض القوات المسلحة "أفد"، الذي استضافته الرياض الأحد 21 فبراير/ شباط، لدعم توطين تصنيع قطع الغيار، توقيع أكثر من 5 اتفاقيات مع شركات عالمية رائدة بمجال التقنية والصناعة العسكرية والفضائية، لتأسيس شركات في المملكة متخصصة في نقل وتوطين تقنيات صناعات الطائرات العسكرية والمدنية والأقمار الصناعية والرادارات والطاقة النظيفة.

الدكتور خالد الدخيل، أستاذ علم الاجتماع السياسي، قال في حديث لـ"الخليج أونلاين"، إن المملكة العربية السعودية الآن ليست كما كانت سابقاً، حالياً هناك توجه لدى المملكة لإقامة صناعات عسكرية ومنظومة أمنية وطنية متطورة لدول الخليج في السعودية، حيث تسعى على المدى القريب إلى توفير نحو 50% من صناعاتها الدفاعية الحالية، لوجود الإمكانيات المادية اللوجستية في السعودية.

وأضاف الأكاديمي السعودي والأستاذ الجامعي في جامعة الملك سعود سابقاً، أن الرياض مقبلة على توقيع المزيد من الاتفاقيات مع الشركات العالمية لإقامة مصانع على أراضي المملكة على أن تعمل تلك المصانع بأيادٍ محلية، كما أن هناك توجهاً لدى حكومة الرياض إلى دعم منظومة دول الخليج من هذه المصانع لتطوير منظوماتها الدفاعية والعسكرية خلال السنوات القادمة، وللحد من الاعتماد على الشركات الخارجية.

وتأتي خطوات المملكة في توطين الصناعة الدفاعية وتوقيع الاتفاقيات، بناء على توجيهات وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، التي تجلت بفتح المجال للقطاع الخاص السعودي لمساندة منظومات القوات المسلحة بتضمين عقود وزارة الدفاع مع الشركات العالمية، لضمان استمرار جاهزية القدرات العسكرية للقوات المسلحة في عملياتها، إضافة إلى التقليل من تكاليف الاستيراد.

الدخيل أشار، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن مكانة المملكة العربية السعودية الإقليمية تستوجب دعم منظومة دول مجلس التعاون العسكرية من خلال الصناعات المحلية وبالأيادي الوطنية، مع أن المملكة لن تستطيع الاستغناء عن الدعم الخارجي على المستوى القريب، لكن برنامج "التحول الوطني" في الاقتصاد والأمن والتجارة والاستثمار والطاقة والصناعات الدفاعية، الذي تسير الرياض ضمن خططه للاستفادة من القطاعين الخاص والعام وتحقيق أهداف المملكة، سيمكنها بالنهاية من التأثير أكثر في الملفات الإقليمية، وتعزز دورها إقليمياً ودولياً أكثر.

وفي ظل تصاعد وتيرة التناغم في العلاقات بين أنقرة والرياض، لا سيما في تطابق وجهات النظر بشأن العديد من ملفات المنطقة، وقعت المملكة مع شركة "أسلسان" التركية اتفاقاً على تأسيس شركة سعودية لغرض تطوير وتصنيع وتسويق معدات وأنظمة الحرب الإلكترونية والرادارات والكهروبصريات، وتهدف إلى نقل التقنيات من الشركة التركية إلى المملكة، وتأهيل وإعداد موارد بشرية محلية، وتقديم خدمات الصيانة والتطوير المتعلقة بمجالاتها للقطاعات العسكرية والأمنية، وسط تنامي سياسة المملكة واهتمامها في ملفات المنطقة.

وتمثلت الاتفاقيات في تأسيس شركة سعودية مع "سايكروسكي" لتصنيع طائرات "بلاك هوك" الأمريكية، وشركة "أنتينوف" الأوكرانية، التي سيجري إطلاق تجربة أول طائرة سعودية منها خلال العام المقبل، بالإضافة إلى طائرات الاستطلاع الجوي والبحري والنقل والشحن متعددة الأغراض وتسويقها عالمياً، والاستفادة من خبرات الشركات المصنعة في نقل التقنيات وتدريب وتأهيل الطواقم الوطنية.

واتفقت شركة تقنية "الفضائية" و"الطاقة" وشركة "ديجتال قلوب" و"سورا" الأمريكية على تأسيس شركة سعودية لغرض تصنيع وتسويق الأقمار الصناعية الصغيرة المخصصة للاستطلاع الفضائي، وتهدف إلى تسويق ستة أقمار صناعية، لتدخل المملكة ضمن الدول الرائدة في مجال الاستشعار عن بعد وتقنية الأقمار الصناعية.

وكذلك تصنيع وتسويق مصابيح الإنارة المعتمدة على الصمام الثنائي الباعث للضوء التي تعتبر من أحدث تقنيات الإضاءة في العالم، كما شهد المعرض أيضاً توقيع اتفاقيات لتنفيذ معهد دراسات وخدمات استشارية لمصلحة القوات البحرية، وإقامة العروض الفنية والتقنية للمنظومات القتالية للسفن والطائرات والمعدات، وتقييم أنظمة الرادارات والهوائيات وأجهزة الاستشعار وتنمية قدرات الاختبارات الفنية لأداء الأجهزة والمعدات على سفن وطائرات القوات البحرية.

وخلال المعرض، كشفت الرياض عن عرض لمدرعة سعودية حديثة الصنع أطلق عليها "سلمان الحزم" من إنتاج 2016، وتتميز بصلابتها وقوتها الهجومية والتكتيكية، وتتفوق على نظيراتها الـ"همفي" الأمريكية والأوروبية، بحسب نائب رئيس الشركة المصنعة للمدرعة أحمد القحطاني.

ويرى مراقبون أن الرياض تسعى من خلال تأسيس شركات الصناعات العسكرية المحلية للتقليل من الاعتماد على الشركات الخارجية، لا سيما أن التقارير السنوية تظهر بأن السعودية من أكثر الدول استيراداً للأسلحة على مستوى العالم، بالإضافة إلى قيادتها لتحالفين عسكريين عالميين، والمشاركة في تحالف ثالث ضد الإرهاب، وتعمل على إدخال قوات برية إلى سوريا لإنهاء حكم نظام الأسد الذي يقتل بالشعب السوري منذ أكثر من 5 سنوات، الأمر الذي جعل من الرياض تخطط لتطوير منظومتها الأمنية والدفاعية، بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل تعزيز دورها أكثر في ملفات المنطقة خلال العقدين المقبلين.