دول » البحرين

لا يجوز إهانة وضرب الطالب وكذلك المعلم

في 2016/03/07

حسين التتان- الوطن البحرينية-

كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة ضرب الطلبة في بعض مدارس البحرين بل وربما في الكثير من مدارس الدول العربية من طرف بعض المعلمين، وهذا السلوك بطبيعة الحال يتنافى مع التربية الحديثة، إذ يعتبر عملاً وحشياً أو ربما سيئاً للغاية إذا صدر من الجهة المعنية بتربية الطالب، فالدراسات الحديثة اليوم تؤكد أهمية استخدام وسائل تربوية متطورة من طرف المؤسسات التعليمية في سبيل تهذيب سلوك الطالب، وأن تلجأ لكل الطرق التربوية الناعمة التي تبتعد عن الوسائل القمعية كالضرب والشتم والإهانة.
هذا كلام لا غبار عليه، ونحن نتفق معه بالمطلق، كما أننا نحارب كل الممارسات التربوية الخاطئة من جهة المعلم ضد الطالب، كتلكم التي تعتمد على الاعتداء اللفظي والجسدي بعيداً عن احتضان الطالب وتهذيب شخصيته، من خلال إعطائه المزيد من الثقة بالنفس وتعزيز مهارات التعليم لديه، مما قد يشكل هذا السلوك الحاد في المستقبل شخصيات عدوانية الطلاب، سيظهر أثر ذلك عندما يكبر الطفل ويندمج في المجتمع.
لكن، ما قد يؤاخذ على هذا الاستغراق والمبالغة والغلو في اصطفاف القوانين التربوية الحديثة إلى جانب الطالب بشكل كبير للغاية، هو أن هذه القوانين تجاهلت أو أغمضت عينيها عن الانتهاكات الممكنة التي قد تحصل للمعلم ذاته، فقوانين المؤسسات التعليمية الحديثة تشددت بشكل مفرط في الوقوف إلى جانب الطالب، وتجاهلت ما يمكن أن يحصل للمعلم من جهة الطالب، لو قام بممارسة ذات السلوك. هذا الأمر، أفقد المعلم البحريني والعربي بشكل عام هيبته وقدرته على التحرك والقيام بدوره الحقيقي في التربية والتعليم، إذ بدأ المعلم يخشى العقوبة من جهة المؤسسة التعليمية أكثر مما يخشاها الطالب، ولهذا بدأنا نسمع في الآونة الأخيرة عن بروز بعض الاعتداءات والانتهاكات اللفظية والجسدية من طرف بعض الطلبة تجاه المعلم، بل أصبح المعلم مادة للتندر والسخرية في بعض المدارس، وكأنه بات لا حول ولا قوة، في الدفاع عن نفسه والحفاظ على كرامته وهيبته خوفاً من العقوبة!
في الوقت الذي نرفع أصواتنا في المدارس من أجل حماية الطالب من أي اعتداء محتمل من جهة المعلم، سنظل نرفع أصواتنا في ذات الوقت وبالقدر نفسه من أجل حماية المعلم من أي اعتداء جسدي أو معنوي من طرف بعض الطلاب الذين يستغلون القوانين الخاصة بحمايتهم ليقوموا بالاعتداء على معلميهم حتى من دون أي سبب.
يجب أن تكون هذه المسألة خاضعة لقوانين منصفة وعادلة وحكيمة، إذ يجب أن يجرم كل اعتداء على أي طالب، في مقابل أن يجرم كل اعتداء على أي معلم، حتى لو سحبتنا عواطفنا كآباء للوقوف بشكل عاطفي مع أبنائنا الطلبة، فالتوازن الأخلاقي داخل البيئة التربوية والتعليمية أمر مطلوب للغاية، حتى لا تميل القوانين لجهة على حساب جهة أخرى، فاصطفاف القوانين إلى جانب الطالب بشكل حاد، أفقد المعلم هيبته وبريقه ومكانته في مدارسنا، وهذا أمر بلا شك سيؤثر على العملية التربوية التعليمية برمتها، وسيكون الخاسر الحقيقي لهذا الأمر الأعرج هو الوطن ومعه المستقبل.