علاقات » اوروبي

هل المرأة إنسان؟

في 2016/03/07

أمل العودة- الشرق السعودية-

انتشر فيما مضى مقطع مسجل لداعية مشهور يدعو فيه للامتنان للخاطب الذي يتقدم لخطبة ابنتك؛ لأنه بفعله ذلك واقترانه بها فهو متفضل عليك لأنه أزاح عن كاهلك ثقل «الهم والعار»، وهو فعل نبيل يستوجب منك التقدير والعرفان. وعندما استدركه الناس وأنكروا عليه، لم يحاول أن يقر بزلة لسانه أو يعتذر، بل أصر وبررّ قوله بأن كلمة «عار» تستخدم في لهجة منطقتهم المحلية لتعني «الأهل أو البنات»، وهو ما أنكره كثير من أهل هذه المنطقة بشكل قاطع، ليجتمع لدينا بعد ذلك ما يمكن أن يقال عنه «أحشفاً وسوء كيلة»!

هل المرأة إنسان؟ هذا ليس تساؤلاً حيّر الأوروبيين في عصور الظلام أو في عام 568 للميلاد، بل هو عنوان لدورة تدريبية أقيمت قبل أيام لمستشار أسري وتربوي، وعندما استفز عنوان المحاضرة البعض وطالبوه بالتوضيح، وضح أن هذا التساؤل كان يشغل ذهنه لوقت طويل إلى أن وصل إلى النتيجة الحاسمة -التي كانت في صالحنا نحن معشر النساء- وهي أن المرأة إنسان كامل الحقوق، وهو ما يؤكد عليه كمضمون لمحتويات دورته التدريبية.

بين تساؤلات عن إنسانية المرأة وبين وصفها بالعار والهم والامتنان للعريس ذي الفضل، تتولد الحيرة وتكثر علامات الاستفهام والتعجب! هذه العبارات لم تصدر من رجال يسكنون القمر، بل جاءت من ناس طبيعيين يعيشون بيننا، أحدهم شيخ والآخر مستشار أسري ممن لديهم منابر يعتلونها ولهم مريدون وأتباع يؤمنون بأقوالهم ويصفقون لها.

قد كان بعضهم في السابق عندما يرد ذكر المرأة في حديثه يسبقه أو يليه بقوله «تكرم أو أعزك الله» طلباً لتكريم المستمع، وغني عن القول كيف ينظر صاحب هذه العقلية للمرأة، لكن ربما هذا هو الامتداد الثقافي لمن يراها عاراً أو يرتاب في كونها إنساناً. مزاعم مثل تلك تدعو للتساؤل من أين جاءت، وما الذي أفرزها؟ وإذا كان الدين الإسلامي كرّم المرأة وكفل لها حقوقها وبيّن لها واجباتها، فلماذا يحاولون إعادة اكتشاف العجلة من جديد!

ولأن الله عز وجل هدانا النجدين –أي الطريقين- أعتقد أن لكل إنسان حرية ما يختار أن يؤمن به ويعتقده تجاه قضايا الحياة المختلفة. ومن الإنصاف بلا ريب أن لا نصادر على الآخرين حقهم في أن يكون لهم رأي حتى لو كان مختلفاً عن رأينا، ولذلك فالذي يرى في المرأة هماً وعاراً له ذلك، والذي يشك في إنسانيتها له أيضاً ذلك، لكن الإشكالية تكمن في اعتلاء المنصات والتبشير بتلك الآراء والاعتقادات. إن حرية الرأي لا تعني مطلقاً حرية التعبير عنه، وهذا ما نحتاج وعياً وفهماً أكبر له؛ حيث يبقى الفرق كبيراً جداً بين أن يكون رأيك حبيس رأسك، أو مقتصراً على مشاركته مع خاصتك ومن يجالسك في الملحق أو الاستراحة وبين ما يمكن بثه على الملأ ولملايين من المتابعين، فلماذا يستسهل بعضهم الخلط بينهما؟