دول » دول مجلس التعاون

عودة الخليجيين إلى لبنان

في 2016/03/08

محمد العصيمي- عكاظ السعودية-

ما لا يفهمه، أو لا يريد أن يفهمه، بعض اللبنانيين أن وقت (الفرجة) العربية على حبل إيران الذي يلتف حول رقبة بلدهم قد ولى. ولذلك لا يصدق، كل اللبنانيين وليس بعضهم هذه المرة، أن المملكة ليست بعد الآن مستعدة للتساهل مع ما يرتكبه حزب الله في لبنان وفي كل مكان خارج لبنان. في المثل الشعبي يقول السعوديون: (ما دون الحلق إلا اليدين)، أي ربما أتجاوز أو أتغافل وأصبر على اعتداءاتك ومناوشاتك لكن متى نفد صبري ووصلت يداك إلى حلقي فإنه لا خيار لدي سوى أن أصدك، بكل ما أملك من قوة، لكي لا تخنقني.

في باريس، أثناء زيارة ولي العهد الأمير محمد بن نايف إلى هناك، قال وزير الخارجية عادل الجبير، إن الجيش السعودي سيتسلم أسلحة فرنسية تم طلبها في الأصل من أجل لبنان. وهذا يؤكد أن المملكة ليست في وارد التراجع عن موقفها طالما لم يحزم اللبنانيون أمرهم ويضعوا حزب الله في مكانه الطبيعي كحزب وليس كدولة، مع ما في ذلك الآن من ثغرات قانونية إقليمية ودولية بعد اعتبار هذا الحزب منظمة إرهابية.

تذاكي حسن نصرالله واستعراض عضلاته، في أن حزبه سيواجه المواقف السعودية والخليجية وحده معفيا باقي اللبنانيين من ذلك، لا ينفع لبنان في شيء، فالضرر الأمني والاقتصادي واقع على البلد كلها حيث لا يتخير هذا الضرر الضاحية أو أي محيط يخضع مباشرة لسلطانه. مع أن اللبنانيين على قناعة بأن مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش، مخترقة ومحكومة من عناصر الحزب أو عناصر موالية له وإن كانت محسوبة على تيارات أخرى.

لذلك يفترض بكل لبناني ألا يصدق مسرحيات حسن نصر الله الخطابية أو يصدق أكذوبة أن السعودية أو دول الخليج تعتدي عليه وعلى رزقه، فمن يعتدي عليه ويهدد لقمة عيشه، بل ويهدد وجوده ذاته ومستقبل أولاده هو حزب الله، الذي صبر عليه أشقاء لبنان طويلا منعا لتحمل كل اللبنانيين نتائج معاقبته. لكن بما أن الجرح أصبح غائرا ومسمما فلم يعد بمقدور دول الخليج أن تعض عليه كما كانت تفعل في السابق، فجرح الشعب اللبناني هو جرح شعوبها ولا بد من أن تلجأ للكي باعتباره آخر العلاج لشفاء هذا الجرح. وعلى اللبنانيين أنفسهم أن يتحملوا مسؤوليات الحفاظ على بلدهم، إذا لا تسمح أحداث المنطقة ومخاطرها التي تتهدد دول الخليج بأن تتحمل هذه الدول المسؤولية لوحدها. وإذا عاد لبنان، القادر والمتحكم كدولة بقراره العربي، فإن الخليجيين سيعودون بنفس الود والمساندة الذي عرفها اللبنانيون منهم لما يقرب من خمسة عقود.