دول » الكويت

من هنا يبدأ الإصلاح

في 2016/03/11

علي يوسف المتروك- الراي الكويتية-

يسود الكويتيين شعور عام بالرضا لتقبل حزمة الاصلاحات وإجراءات التقشف الموعودة التي تتحدث عنها أروقة ومنتديات الحكومة ومجلس الأمة، ويتردد صداها في الصحف كل يوم، ولكن تساورهم في الوقت نفسه الشكوك أن تأتي حزمة الإصلاحات مجزأة، فلم يكن الإصلاح يوما ردود أفعال لحدثٍ طارئ، ولكنه يحتاج إلى رجال مصلحين لا تأخذهم - أمام ما يجب اتخاذه من قرارات وإصلاحات اقتصادية - لومة لائم، فعند الشدائد والأزمات يعد رجل بألف، وألف برجل.

نحن نحتاج اليوم إلى نقلة نوعية وفزعة كويتية لاتخاذ قرار تاريخي يقلب الموازين رأساً على عقب، فلكل فعل ردة فعل تعادله بالقوة وتخالفه بالاتجاه، وقد لفت نظري المجهود الكبير الذي يقوم به مقرر لجنة الأولويات في مجلس الأمة النائب الفاضل أحمد لاري ومن معه من أعضاء اللجنة، والمتابعة الجادة للنائب الفاضل عبد الله الطريجي، وغيره من النواب الأفاضل، لاتباع أنجع الطرق لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية التي تواجهها البلاد، وأقترح عليهم - ونحن في هذه الظروف الصعبة وانخفاض أسعار النفط مما أثّر على موارد الميزانية العامة - أن يوصوا الحكومة لتحويل مئة مليار دينار من أموالنا المكدسة في بنوك الغرب، والتي تُغطّي معظم أصقاع الدنيا، ليتم استثمارها في الكويت بإشراف لجنة متخصصة من أشخاص مشهود لهم بالأمانة والخبرة، لفتح المجال للشركات الكبرى العالمية للمشاركة في إقامة مشاريع، ومصانع برؤوس أموال مشتركة، لتحول هذا الوطن إلى ورشة عمل، يجتذب كثيرا من رؤوس الأموال العالمية والخليجية، كما أن علينا ألا نغفل عن ودائع الكويتيين المكدسة في البنوك، والتي تُقدّر بحوالي 130 مليار دولار، التي ستنشط من عقالها فتنطلق عندما تجد البيئة الحاضنة في الكويت، وتشعر بالثقة التي أولتها الحكومة لاقتصادها في شتى المجالات.

لم ينشأ هذا البلد من فراغ ولم يأت على طبق من ذهب، وإنما تحمل الكويتيون الصعاب من أجله، وحفروا الصخر بأظافرهم وشقوا عباب البحر بسفنهم جيئة وذهابا من البصرة إلى موانئ الهند وإفريقيا، محملين بالتمور وشتى أنواع البضائع والتوابل في إيابهم، فخلقوا من بلدهم الصغير، رغم شحة الموارد، بلدا تجاريا جذب إليه الكثير من دول الجوار ليستوطنوه.

والكويتيون هم أبناء الرواد الأوائل ويحملون نفس العزائم والطموح، لو تهيأت لهم البيئة المناسبة للانطلاق والمشاركة.