دول » الكويت

رسائل متعددة لحكم «التمييز» بالتجنيس

في 2016/03/26

د.حسن عباس_ الراي الكويتية-

حكم محكمة التمييز، يحمل رسائل متعددة وباتجاهات مختلفة:

رسالة اولى موجهة الى الحكومة التي حاولت ان تُرهب الناس بتصرفاتها التقليدية. رسالة محكمة التمييز قوية ضد الحكومة حينما ارادت ان تتصرف وكأنها تعيش في القرن الماضي، وتستخدم الكبت والتهديد بسحب الجناسي لاسكات صوت المعارضة. فهذه الرسالة لجمتها وجعلتها تعود الى وعيها وتوقفها عند حدها ولا تتصرف من دون رقيب او حسيب.

الرسالة الثانية الى الخارج، اكدت محكمة التمييز للمجتمع الدولي، ان الكويت دولة مؤسسات واحترام للقوانين. فالسلطة التنفيذية ليست مبسوطة اليد كغيرها من الدول الاقليمية والعربية الاخرى، بل هنا القضاء يلعب دوره المحوري، كما يلعب البرلمان والتنفيذية وغيرهما من المؤسسات، في شكل يجعل الدولة قوية وقائمة على احترام القوانين ومواد الدستور وتقسيم المسؤوليات والاختصاصات المنوطة بكل جهة من دون طغيان فئة على فئة.

الرسالة الثالثة موجهة الى الشعب الكويتي الذي يجب عليه ان يحترم السلطة القضائية، كونه الملجأ الأخير لتطبيق العدالة. فبالنظر الى تاريخ الخصوم السياسيين، اذا ما حكمت لمصلحتهم هللوا بنظافة القضاء، واذا ما ذهب الحكم بخلاف رأيهم، رموها بالتسييس والانحياز. الحكم الحالي جاء لمصلحة المعارضة، وهذا الحكم جاء بعد مجموعة من الاحكام السابقة التي صبت في مصلحتها، لذا عليهم ان يحترموا احكام السلطة مستقبلا ولا يتلونوا، حسب مزاجيتهم في المستقبل.

الرسالة الرابعة الى الائتلاف الحكومي من القوى السياسية او النواب، التلاعب على الحبال السياسية خطر خصوصاً اذا ما جاء الحديث عن الجنسية. اتذكر ان العديد من الشخصيات فرحت واستبشرت لسحب الجنسية من فلان كونه «عدو» سياسيا، لكن هذه الفرحة تقف على ارض خطرة جدا، فلا ضمانة الا تستخدمها الحكومة اذا ما دارت الدوائر ضدها هي، على قاعدة الثور الابيض. الرسالة السادسة اخلاقية، وهي معنية تحديدا بالتلاعب بملف الجنسية واستخدامها كورقة ضغط وعقوبة يسهُل الاستفادة منها لترويض المعارضة واخمادها. الحكومات الديموقراطية هي تلك التي تستمد قوتها من الاختلافات الفكرية والتوجهات بين افراد الشعب وبينه وبين الحكومة. والحكم خرج ليرسخ هذا المفهوم الاخلاقي بأن احترام تاريخ الانسان بانتمائه للبلد وحمله للجنسية، يخوله فكريا واخلاقيا ودستوريا ان يمارس حقه في التعبير بلا خوف.