مجتمع » حريات وحقوق الانسان

الرجال أبو شماغ!

في 2016/03/29

محمد العصيمي- عكاظ السعودية-

في زاوية واسعة من تويتر خلال اليومين الماضيين كان (الرجال أبو شماغ) هو حديث الناس وشاغلهم عن مشاغلهم. والحكاية أن رجلا جلس في مطعم مع زوجته، وبما أن المطعم بلا أسوار داخلية سورها بشماغه حين وضعه على الحاجز الزجاجي لتكشف وجهها وتأكل براحتها. ولست ممن يعترضون على ما يختار الناس لأنفسهم طالما هم راضون ومقتنعون به، فهذه حريتهم بشرط، أيضا، أن يحترموا حريات الآخرين وهو، على كل حال، ما لايحدث من البعض.

ما اختلفت فيه مع عدد من المشاركين بهاشتاق (الشماغ) أن البحث عن رأي للمرأة، أي امرأة، في هذا الموضوع مضيعة للوقت. وبغض النظر عن هذا التصرف الفردي فإن كثيرين في مجتمعنا يتربون على أن المرأة عورة، وجهها وصوتها وحضورها بشكل عام. ولذلك نرى كل يوم هذه الاجتهادات، الفئوية أو الفردية، التي يضع فيها بعض الرجال مقاييسهم الخاصة، وليس مقاييس الدين، للنظر إلى المرأة أو التعامل معها. بل إن البعض ألفوا قصصا ورسموا أشكالا لحشمة المرأة على هواهم ودعوا الناس للاقتداء بها باعتبارها من أصول الدين. وهذا هو الأخطر من تصرف شخص بطريقة وجد عليها جده أو أباه.

إذا كان هناك من يرى أن المرأة يجب أن تتشح بالسواد من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها فهذا رأيه وشأنه، لكن ما يجب أن يدركه هذا الشخص أن بين العلماء المسلمين، حتى في مسألة تغطية الوجه، خلافا عميقا نجده واضحا مفصلا في كتاب (جلباب المرأة المسلمة) للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله. أي أنني في هذه المسألة لا أضيف جديدا ولا آتي ببدعة من البدع. من هو أعلم مني ومن كثيرين أفاض في النقاش والأدلة على هذه المسألة وترك الأمر لمن يريد أن يقتنع أو لا يقتنع من باب أن كل إنسان حر فيما يختاره. وهذا، أيضا، هو رأيي باعتبار أن ليس أحدا وصيا على أحد فيما يختار لحياته.

شيء آخر في موضوع شماغ المطعم وهو أن التصرف ذاته يتعارض مع الذوق العام، إذ لا يمكن أن نتصور أن مطاعمنا تتحول إلى حبال غسيل يعلق عليها كل زائر قطعة من ملابسه بحجة ستر وجه زوجته. الأفضل في هذه الحالة أن يأكلوا في بيتهم ويتقوا عيون الأماكن العامة ما دام أن هذه الأماكن لا تناسبهم ولا تتفق مع قناعاتهم. ولا تنسوا، بالمناسبة، أن الذوق العام ملك للجميع.