دول » السعودية

أما حان وقت كشف (شيفرة الانتحاريين)؟

في 2016/03/30

حمد علي قدس- الشرق السعودية-

حين أقدمت الانتحارية الكردية «سحر تشاغلا»، التي لم تتجاوز ربيعها الثاني إلا ببضع سنوات، على تفجير نفسها في محطة قطارات أنقرة، وحين احتضن الانتحاري «إبراهيم البكراوي» شقيقه خالد، ليفجر نفسه معه في مطار بروكسل ببلجيكا..! وحين فجَّر «شبان إرهابيون» أنفسهم في بيوت الله الآمنة في المنطقتين «الشرقية»، و«الجنوبية» من السعودية، ما الذي كان يجري في عقول أولئك الأشخاص، الذين غُرِّر بهم، وغُسِلت أدمغتهم ليكونوا أداة، تنفذ بها جهات خارجية منظَّمة حربها على الإسلام والمسلمين؟!

أيَّاً كانت الغايات والأهداف، وتحت أي شعار من الشعارات، لا يمكن تبرير ما حدث ويحدث من قِبل هؤلاء إلا بأنهم يسيرون وفق أهداف مبرمجة كما هو مخطط لها، ووفق أجندات نظن أن المستفيدين منها ما هم إلا مَنْ يقفون وراء جرِّ العالم إلى نفق مظلم بترويع الناس، ونشر التفجيرات، والتهديد بالقتل والموت، ولعلنا نقف طويلاً أمام العبارة التي كتبها أحد الانتحاريين الهالكين من منفذي تفجيرات مطار بروكسيل، كما وردت في وصيته، حيث قال فيها: «أنا لا أعلم ماذا أفعل». هذه العبارة تعبِّر عن حالة الضياع واليأس التي يعيشها مَنْ يُقدم على الانتحار، وتعد دليلاً يؤكد أن أولئك الإرهابيين مسيَّرون في مصيرهم المجهول، لا مخيَّرون فيما أقدموا على فعله وتنفيذه. مَنْ يجني حصاد انتحارهم، وقتلهم الأبرياء؟ بالطبع ليس مَنْ غرَّر بهم من رؤوس الفتنة والإرهاب، ومَنْ يقف وراءهم حينما يرفعون رايات جهادهم الخاسر، سواء كانوا أحزاباً، أو منظمات إرهابية، تلك التي تعلن مسؤوليتها بعد كل عملية تخريبية، المستفيد الأكبر هو مَنْ رسم، وخطط، ويبتز العالم بإرهابه. هناك علامة استفهام كبيرة حول «عبدالسلام» مدبر تفجيرات باريس قبل أكثر من شهر، وبروكسل الأخيرة، فهو عربي خريجُ مدرسةٍ كاثوليكيةٍ في ضاحية شايبريك.

في مقال نُشر مؤخراً للكاتب الصحفي عبدالسلام الوابلي، بعنوان «انتحار بروكسل: ضوء في نهاية النفق» جاء فيه: «يصعب وصف عملية انتحارية، يقوم بها شخص قادم من مجتمع بعيد، كما قد يفعل تونسي في الرمادي، أو حلب، بوصفها انتحاراً إيثارياً، فهو لا يقتل نفسه من أجل مجتمعه، الذي نشأ فيه، وطوَّر فهم العالم من خلاله، بل فعل ما فعل من أجل جماعة بديلة، نسب نفسه إليها، أي أنه ليس انتحاراً إيثارياً، وهو ما ينطبق على كل إرهابي ينتسب إلى داعش، والقاعدة، نفذ عمليته الانتحارية الدنيئة في السعودية، وأنا أقول ربما كان انتحار الكردية سحر تشاغلا إيثارياً، إلا أنها قامت بعملها الإرهابي الإجرامي من أجل حركة تنظيم سياسية، تنادي بحقوق الشعب الكردستاني في تركيا، سعياً إلى المطالبة بالعدالة لشعبها، فقامت باسم مَنْ تنتمي إليهم بالانتحار. إن العدالة لا تتحقق، ولا يستساغ تحقيقها، والمناداة بالسلام بقتل الأبرياء، والإفساد في الأرض، والجريمة ليست باباً شرعياً، ليسمع الناس صوتنا، ولا يجوز استخدام (الإرهاب) لكي ينال شعب، أو جماعة، مهما بلغت مأساة الظلم والاضطهاد، التي وقعت عليهم، فكيف بالأخوين خالد وإبراهيم البكراوي، ومحرضهما عبدالسلام، الذين جاءوا من بلادهم المغرب مهاجرين إلى أوروبا بحثاً عن الحياة الآمنة، والعيش الرغيد، والحرية بأن يكونوا مسلمين آمنين منعَّمين؟».

إن العالم اليوم يشهد فوضى فكرية عارمة، تعقدت بها الأمور، واختلطت الأوراق، بما يربك كل عاقل يستطيع بحيادية قراءة ما نشهده، وما نتفاجأ به من أحداث. إننا في حاجة إلى قراءة دقيقة ومعمَّقة لإزالة كل ما علق بعقول الشباب من شوائب، وإعادة الوعي إلى كثير من الدعاة المضلّلين، والمفكرين المغيّبين، والعمل على تلافي كل الأخطاء والعلل، التي أفسدت علينا حياتنا، لقد آن أوان فك شيفرة المضلّلين، وإصلاح ما يعاب على خطابنا الفكري.