علاقات » اميركي

قبيل القمة الأمريكية الخليجية.. أمريكا تغازل الخليج بخطوات تصعيدية هشة ضد إيران

في 2016/04/09

شؤون خليجية-

قبل أسبوعين على انعقاد القمة الخليجية الأمريكية في21 إبريل الجاري قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمحاولة مغازلة الخليج باتخاذ عدة إجراءات ضد طهران قد تبدو ظاهريا أنها تصعيدية، إلا أن واقع العلاقات الأمريكية الإيرانية يثبت العكس ويؤكد وجود تحالف متنامي واستراتيجي بين البلدين، دشنته واشنطن بموجب الاتفاق النووي الإيراني الذي سينعكس على خزينة وزارة الدفاع الإيرانية وميزانية الحرس الثوري الإيراني وأنشطة أذرعه العسكرية التي تستهدف أمن الخليج وتخوض ضده حربا شرسة بالوكالة في عدة بؤر ساخنة.

الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن حقيقة الخطوات الأمريكية وعما إذا كانت تعكس تحول نوعي في مسار التحالفات الأمريكية بالشرق الأوسط وإعادة ترتيب أولوياته ليعود الخليج الحليف الاستراتيجي لأمريكا، أم أنها مجرد مغازلة وخداع استراتيجي ضمن سياسة التخدير الأمريكي، فيما تعد الساحة السورية والعراقية واليمنية أكبر دليل على استهانة واشنطن بأمن الخليج، حيث أطلقت العنان للميلشيات الأجنبية ومرتزقة إيران المدعومة من الحرس الثوري دون ردع حقيقي، أما تعطيل الصفقة الروسية لإيران، فلن تعطل خطة روسيا في تعزيز قدرات إيران الدفاعية، كما أن إيران قادرة على تطوير قدراتها الذاتية مع تعافي الاقتصاد الإيراني وتدفق النفط الإيراني مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، فواشنطن أطلقت المارد الإيراني، والآن تتخذ إجراءات جزئية ضعيفة غير مؤثرة لتحجيمه لتشتري ود الخليج فماذا تريد منهم في المقابل؟

دعوة لوقف النزاعات

دعا وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إيران إلى وقف تأجيج النزاعات في المنطقة، وذلك في زيارته الحالية إلى المنامة، حيث يشارك في الاجتماعات الوزارية لدول مجلس التعاون، تحضيرا للقمة الخليجية - الأمريكية المرتقبة في 21 أبريل الجاري، وقال كيري، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، اليوم الخميس، أن علاقة الولايات المتحدة بدول الخليج العربي "استراتيجية"، مؤكداً أن الجانبين "شركاء في التحالف ضد داعش".

وأضاف كيري أن "إيران لها دور سلبي في سوريا واليمن، وأننا منعنا إيران من حيازة السلاح النووي، مشيرا إلى أن أنشطة إيران في المنطقة "تثير القلق، وندعوها إلى وقف تأجيج النزاعات"، مضيفاً: "إننا لا نثق بكل ما تقوله إيران".

خطوات تصعيدية ضد طهران؟..تهديد صفقة أسلحة روسية

اتخذت الولايات المتحدة عدة خطوات تصعيدية ضد طهران سياسة واقتصادية واستراتيجية ولكنها غير ذات تأثير بحسب مراقبين حتى الآن، فبعد أن أعلنت موسكو أنها ستبدأ «في غضون أيام» تسليم طهران الدفعة الأولى من منظومات «أس-300» الصاروخية المتطورة، بعدما سوّى الطرفان «مشكلات عالقة» عرقلت تنفيذ الصفقة، أكد توماس شانون، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون السياسية، أن بلاده «نالت تعهداً من الروس في ما يتعلق بالعمل لمنع نقل تكنولوجيا البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية».

وأضاف في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن الروس "ملتزمون تعهداتهم عدم نقل هذه التكنولوجيا أو تسهيل نقلها" وشدد على أن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن، لمنع بيع طهران مقاتلات روسية من طراز «سوخوي-30».

في المقابل قلل مراقبون من تأثير هذه الخطوة بالتأكيد أن "روسيا ستتجاهل خط أوباما الأحمر بخصوص "سو 30" و C-300 لإيران" وكتب تود وود في صحيفة Washington Times.  أن واشنطن هددت باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لمنع تنفيذ الصفقة. وشكك في أن يمنع النشاط الأمريكي في الأمم المتحدة حصول إيران على الأسلحة المذكورة.

وقال الصحفي وود في مقالته أن روسيا لم تتستر قط على خططها المتعلقة ببدء توريد السلاح إلى إيران بعد رفع العقوبات الدولية عن الأخيرة. والحديث يدور عن توريد مقاتلات "سو-30 م" المتعددة الوظائف (سيتم التوقيع على الاتفاقية الخاصة بذلك في 2016) وعن نظم الدفاع الجوي الصاروخية "إس-300". وفي السياق، قال سيرغي تشيمزوف، رئيس شركة " روس تيخ" الروسية، إن توريد " إس-300" سيبدأ في أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول 2016.

وقال كاتب المقال ساخرا، إنه يخشى أن يكون مصير "خط أوباما الأحمر" الجديد شبيها بمصير "الخطوط الحمراء" السابقة وأن روسيا ستتجاهله تماما ولن يمنعها مجلس الأمن الدولي من كسب العملة الصعبة.

تحجيم برنامج الصواريخ البالستية             

 اقترنت هذه الخطوة بإرسال رسائل طمأنة أمريكية إلى دول الخليج، ويبدو أن ذلك لتهيئة الأجوار للقيام بدور أكبر في الحرب الدولية ضد داعش، حيث تحاول واشنطن تقييد بعض القدرات الإيرانية التي أطقلها الاتفاق النووي حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرا فرض عقوبات مالية جديدة على عدد من الشركات الإيرانية بسبب دعمها برنامج الصواريخ البالستية، وكذلك على شركتين بريطانيتين على علاقة مع شركة «مهان» الإيرانية الجوية المدرجة على اللائحة السوداء.

وقال «آدم زوبين» مساعدة وزير الخزانة لمكافحة الإرهاب إن "برنامج الصواريخ البالستية في إيران ودعمها للإرهاب يطرح تهديدا متواصلا للمنطقة وللولايات المتحدة وشركائها في العالم، سنواصل استعمال وسائلنا للتصدي لبرنامج الصواريخ البالستية ودعم الإرهاب بما في ذلك استعمال العقوبات."

تضييق اقتصادي ضد طهران     

أعلن محسن رضائي، سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، : «يحلم الأميركيون بتفكيك الحرس الثوري، وأوضحوا أن ايران لن تستطيع الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، إلا إذا فكّكت الحرس. وهذه أمنية».

نفي دخول إيران النظام المالي الأمريكي    

نفى توماس شانون، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون السياسية ما وصفه ب«إشاعات غير صحيحة» أفادت بأن إدارة الرئيس باراك أوباما تتخذ خطوات لتمكين إيران من دخول النظام المالي الأمريكي، أو استخدام الدولار في تعاملاتها. وأعلن أن الإدارة مستعدة لـ «تجديد قانون عقوبات إيران» الذي ينتهي تطبيقه نهاية السنة، إذا لم يتعارض ذلك مع الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست.

اعتراض شحنات أسلحة للحوثي

في تصعيد استراتيجي كشف الجيش الأمريكي، الاثنين، عن اعتراض سفينتين للبحرية الأمريكية في بحر العرب لشحنة أسلحة من إيران كانت في طريقها إلى المقاتلين الحوثيين في اليمن.

يعد الدعم الإيراني لجماعة الحوثي بالسلاح معلوم وموثّق حتى لدى منظمة الأمم المتحدة، والاعتراض جاء بالتزامن مع قرب بدء وقف إطلاق النار في 10 إبريل وبدء مفاوضات سياسية في الكويت بدءا من 18 من نفس الشهر، بما يثبت رغبة إيران في إدامة التوتر في اليمن وإطالة أمد الحرب.

أمريكا والاتفاق النووي..دعم مباشر لوزارة الدفاع

ما يقلل من تأثير الخطوات الأمريكية ويجعلها إلى حد ما شكلية أن واشنطن كانت أكبر دولة دعمت الاتفاق النووي مع إيران وما ترتب عليه من رفع عقوبات اقتصادية وعسكرية، ستتحول بحسب مراقبين إلى قوة دافعة لأنشطة إيران الإرهابية التوسعية، كذلك تتجنب واشنطن المساس بشبكة الميلشيات الطائفية الشيعية بسوريا والعراق واليمن والتي تعد الآن أهم مصدر تهديد لأمن الخليج.

بحسب دراسة لمنتدى العمل الأمريكي نشرت في 10 أغسطس 2015، فإن "إيران تحاول إخفاء طبيعة إنفاقها العسكري حتى عن شعبها، للتعتيم على سجلها الأسود في التدخلات العسكرية الخارجية، ونشاطها في تجنيد مقاتلين، وإرسال معدات عسكرية لخارج حدودها لمناصرة الجماعات الإرهابية التابعة لها".

وكشفت الدراسة التي حملت عنوان "ميزانية الدفاع الإيرانية بعد الصفقة النووية"، أن إيران تنفق 34% من إجمالي الميزانية العسكرية الحقيقية على الدفاع، بينما توجه 65% من ميزانيتها العسكرية على الحرس الثوري الإيراني، القوة شبه العسكرية التي تدعم بنشاط المنظمات الإرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ورصدت الدراسة  أن "النتيجة الكارثية للحقيقة السابقة، هي أن إيران وبعد توقيع الاتفاق النووي معها ستكون مطلقة اليد وبحوزتها 140 مليار دولار، هي جزء من حجم الأموال المجمدة لها في الخارج- والتي سيتم الإفراج عنها إلى جانب تجارتها في النفط وغيره، فإذا استمرت اتجاهات الميزانية الحالية لإيران، فإن هذا معناه أن الصفقة الغربية مع طهران ستزيد الإنفاق العسكري الإيراني نحو 5 مليارات دولار (4.8 مليار دولار تحديدًا وفقًا للمعهد)، وزيادة ميزانية الحرس الثوري الإيراني بمقدار 50%". أي مضاعفة حجم الإنفاق الإيراني على الإرهاب، وهذا سيكون له نتائج وخيمة على المنطقة والعالم بأسره.