ملفات » عامٌ على عاصفة الحزم

محمد بن سلمان: خذوا كل شيء واعطوني نصرا اعلاميا في اليمن

في 2016/04/11

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

عند نشر هذا المقال من المفترض ان يكون قد بدأ سريان وقف اطلاق النار في اليمن او وقف الاعمال القتالية كما نص عليه الاتفاق. لكن السؤال الابرز سيكون الى اي مدى سيصمد هذا الاتفاق؟

ان هذا الاتفاق على وقف اطلاق النار ليس هو الاول، فقد سبقته اتفاقات عدة لم تصمد لساعات، كانت بمعظمها اعلان وقف اطلاق النار من طرف واحد وهو السعودية وتحالفها، اكثر منه اتفاقات بين طرفين، وكانت جميعها اعلانات غير جدية تأتي عقب جرائم ومجازر ترتكبها الطائرات السعودية بحق المدنيين، فيأتي الحديث عن وقف لاطلاق النار في سياق امتصاص اي تحرك ضد هذه المجازر.

ما يميز هذا الاتفاق هذه المرة انه يجري بين طرفين: الطرف الاول هو الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، فيما الطرف الثاني هو المملكة العربية السعودية.

المهم انه عند الحديث عن هذا الاتفاق وما جرى خلال عمليات التفاوض حوله يمكن تسجيل الملاحظات التالية:

انه فيما كان الحوثي وجماعة علي عبد الله صالح، وهما طرفان يمنيان، يفاوضان فان الطرف الاخر قد غاب عنه اليمنيون وغالبا ما كانت المفاوضات الحقيقية والقرار النهائي للطرف المقابل بيد الطرف السعودي.
ان المملكة قدمت اقتراحاتها المتعلقة بوقف اطلاق النار بصيغة تلحظ موقف الحوثيين وحزب المؤتمر فيما غاب تسمية الطرف الاخر، وبحسب المعلومات المتوفرة فان المملكة تعمدت هذا الامر لاظهار وقف اطلاق النار بمظهر المستسلم بالنسبة للحوثيين.
خلال المفاوضات كان الطرف السعودي يقدم تعهدات شفهية ويطلب عدم ادراجها بأي اتفاق كتابي. ويمكن فهم ذلك على انه يهدف الى امرين : الاول التنصل منه لاحقا والثاني عدم الظهور بمظهر من يقدم التنازلات فيما لو نجح وقف اطلاق النار.
طلب الحوثيون وحلفاؤهم ادراج ان يقوم المبعوث الدولي بتحديد من يخرق اتفاق وقف اطلاق النار، لكن هذا الطلب رفضته المملكة وادرجت المملكة مكانه ان لا يقوم الموفد الدولي ولا الامم المتحدة بتحديد المخل بالاتفاق. وفي الواقع فان هذا البند كاد ان يطيح بالاتفاق ما يشير الى نوايا سعودية بعدم الالتزام بالاتفاق والخوف من تحميلها لمسؤولية الخرق او ربما انهيار الاتفاق.
بحسب معلومات من الدائرة السعودية الضيقة المتابعة للملف اليمني فان احدهم قال وبالحرف الواحد : الامير محمد بن سلمان يتسول اتفاقا مع الحوثين يظهره بمظهر المنتصر. وتقول هذه المصادر ان كل ما قام به محمد بن سلمان من خطوات لتقريبه من العرش بعد والده بات مرهونا بملف اليمن، وان التربع على عرش المملكة اصبح في صنعاء. وختم المصدر قائلا: لم أرَ بحياتي متسولا يشترط على من يريد التصدق عليه فيحدد له نوعية العملة التي سيتصدق بها ولا قيمتها ولا متى يتصدق.
وايضا وبحسب بعض المصادر فان اكثر ما تسعى اليه المملكة في المرحلة المقبلة هو محاولة اختراق صفوف الطرف المقابل ومحاولة زرع الشقاق بينهما، اما قضية وقف اطلاق النار فليست سوى لعبة في هذا الاطار، وستثبت الايام المقبلة ان المملكة ليست جدية في وقف اطلاق النار بل هي تسعى لتكريس نوع من الامر الواقع في فرض وقف من جانب واحد فيما يبقى سلاح الجو فاعلا لناحية استهداف تحركات الجيش اليمني واللجان الشعبية.
قامت المملكة بتشكيل خلايا امنية وقوات خاصة من بعض اليمنيين تقوم بتدريبها وهدفها القيام بعمليات امنية من تفجيرات واغتيالات لشخصيات قيادية من جماعة الحوثي وجماعة علي عبد لله صالح، وهذا في سياق محاولة زرع الشقاق واثارة الفتنة.
ستقوم المملكة قريبا بحملة تضليل اعلامي عن معارك وهمية بين تحالفها وبين تنظيمي القاعدة وداعش وذلك للترويج عن انها تحارب هذين التظيمين بعد الانتقادات الواسعة التي وجُهت للمملكة والامارات العربية المتحدة في ان الجماعات الارهابية والتكفيرية تنشط بشكل لافت في المناطق التي يسيطر عليها التحالف.
يسعى بن سلمان، بحسب مصادر مقربة، لتخفيف حجم نفوذ الامارات العربية المتحدة في اليمن، وهو يعتبر بحسب هذه المصادر ان انهاء الحرب وفق تقسيم النفوذ الحالي ليس لمصلحته على الاطلاق من هنا فانه سيقوم باجراءات تظهر فيه المملكة اكثر نفوذاً.

وعلى اي حال، من الواضح لمن يتابع خفايا المفاوضات ان وقف اطلاق النار لن يصمد، وان المفاوضات لن تصل الى نتيجة الا بشرط واحد : على واحد من الاطراف ان يحقق نصرا ميدانيا واضحا يكون ضاغطا على الاخر في سبيل تقديم التنازلات المؤلمة لنجاح المفاوضات. وبحسب المعلومات فان محمد بن سلمان مستعد لتقديم كل شيئ من ناحية عملية شرط ان يكون النصر حليفه من ناحية اعلامية لتوظيف ذلك في صراعه مع محمد بن نايف. لكن المشكلة الابرز هنا ان الطرف الآخر لا يثق بهذه التنازلات ما دامت غير موثقة في دوائر الامم المتحدة التي ترعى المفاوضات.