ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

المرأة في عصر التحول الوطني

في 2016/04/27

نبيلة حسني محجوب- المدينة السعودية-

التحولات الكبرى داخل الأوطان لا بد لها من رؤية إستراتيجية شاملة وطويلة الأجل لتحدث التحول النهضوي المأمول، كرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية حول رؤية المملكة «2030».. وخطة التحوّل الوطني الاقتصادي، وتعدد مصادر الدخل، التي أُعلنت الاثنين الماضي 25 أبريل، تؤكد العزيمة والإصرار والجرأة لمواجهة انخفاض أو نضوب المصدر الواحد «النفط»، والتحول من الاعتماد الكلي عليه إلى استغلال نقاط القوة الثلاث التي تكمن خارج المنافسة الإقليمية لمملكتنا الحبيبة، وانفرادها بتلك النقاط دون سواها من دول المنطقة العربية والإسلامية، وهي: «العمق العربي والإسلامي، القوة الاستثمارية، والموقع الجغرافي» وفي حديث سموه لـ»بلومبيرغ نيوزBloomberg News»، وهي وكالة أنباء دولية تأسست في 1990م مقرها نيويورك/ أمريكا، أسسها مايكل بلومبيرغ رجل أعمال أمريكي وماثيو وينكلر صحفي أمريكي، تحدث سموّه عن المرأة السعودية التي تعوقها بعض القيود وتُكبِّل انطلاقتها للمساهمة في التنمية والازدهار الوطني، لذلك تضمن حديث سموه الحقائق أو التشخيص الدقيق لمعاناة المرأة السعودية مع قيادة السيارة وإذن السفر، وهي معوقات انعكاساتها السلبية تؤثر ليس فقط على المرأة، بل على المجتمع وتقدمه وازدهاره وهو أمر لم يغب عن إدراك الأمير الشاب الذي يقود اقتصاد الوطن لحقبة التحرر من الرضوخ الكامل لأسعار النفط وبورصته المتذبذبة دومًا، فجاء تأكيده بأن «المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تزدهر في الوقت الذي تحد فيه من حقوق نصف مجتمعها»، ونصف المجتمع هو الذي تمثله المرأة التي لا تستطيع القيادة والسفر من دون إذن أحد أقاربها الذكور، كما يدرك الأمير جيدًا من خلال التنشئة الدينية التي ينشأ عليها أبناء الأسرة الملكية، كما ينشأ أبناء العلماء وعلماء الدين ومعظم الأسر السعودية بأن «المرأة لديها حقوق في الإسلام لم تحصل عليها بعد»، ويضيف سموه قائلاً: «بما أنه كان يسمح للنساء بركوب الجمال (في عهد النبي محمد) فربما علينا تركهن يركبن الجمال الحديثة»، التي تمثلها السيارة في عصرنا.

عبارات سمو الأمير ترسم خارطة الطريق لمستقبل وطن يضع ضمن أهدافه المشاركة الفاعلة للمرأة السعودية التي ظلت تعاني من الأمية عقودًا تخطتها خلالها قريناتها في الوطن العربي ودول الخليج، فجاء القرار الجريء والحكيم والحاسم من الملك فيصل -رحمة الله عليه- لتعليم المرأة وفتح المدارس، وبعدها تتابعت وتنوعت مجالات تعليم المرأة وتقدم الممانعون والمثبطون والخائفون صفوف المقبلين على مدارس البنات لتعليم بناتهم وحجز الوظائف في قطاعات التعليم المختلفة ولا زالوا يحصدون ثمار قرار الفيصل -رحمة الله عليه-.

كذلك استطاعت المرأة إحراز العديد من النقاط على طريق المشاركة السياسية والتنموية في عهد الملك عبدالله -رحمه الله- كدخول مجلس الشورى في «2013م» والمشاركة في انتخابات المجالس البلدية «2016م» ناخبة ومرشحة، واقتحمت ميادين العمل في الأسواق المركزية وبيع المستلزمات النسائية المختلفة بقرارات حكيمة وشجاعة أيضًا.

والمرأة السعودية اليوم بحاجة إلى قرار لحل عقدة قيادة المرأة للسيارة، بعدها تصبح أمرًا واقعًا وبديهيًا، كما هو الحال في دول الخليج من حولنا التي تشترك معنا في كثير من الخصائص الثقافية والاجتماعية والعادات والتقاليد، ولكنها أزاحت عن كاهل نسائها الكثير من القيود والمعوقات التي تحد من عطائهن ومشاركتهن في ازدهار أوطانهن بحماس وفاعلية.

والتحول الوطني الذي تبنَّاه سمو الأمير محمد بن سلمان ووافق عليه مجلس الوزراء في جلسته الاثنين الماضي؛ لن تعيقه الأفكار الرجعية وأصحاب النوايا السيئة الذين يوقفون حركة التقدم للوصول إلى أهدافهم وتحقيق مطامعهم على أنقاض الأوطان، كما حدث في أفغانستان، وكاد أن يحدث في مصر وتونس، ولا زال يحدث في ليبيا.

لن يخضع وطن كبير وقوي لقوى الظلام التي تعمل على إعاقة النساء عن المشاركة في التنمية والتحول الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي يعمل عليه الأمير منذ فترة طويلة لتحقيق نمو اقتصادي لا يعتمد على مورد واحد، بل تنوع مصادر الدخل، لذلك أتوقع أن يذخر المستقبل بتحقيق طموحات ومطالب المرأة السعودية بالسماح لها بقيادة السيارة وتجاوز أزمة إذن السفر والعمل والدراسة، والتي تمثل مكابح انطلاق المرأة.