ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

الرؤية السعودية (2030) بين الطموح الكبير والواقع المر

في 2016/05/14

شؤون خليجية-

احتفت وسائل الاعلام السعودية والعربية برؤية ولي ولي العهد الامير سلمان بن عبدالعزيز" السعودية2030" والتى يبدو من محتواها انها رؤية طموحة تستهدف مرحلة ما بعد النفط، وإن كانت تفتقد للأسس والمقومات التى يمكن ان تبنى عليها، خاصة ما يتعلق بتوفير البيئة السياسية الحاضنة التى تكفل اطلاق تلك الرؤية وتحويلها الي ارض الواقع، إذ في الوقت الذي ركزت فيه الرؤية بشكل كبير علي الابعاد الاقتصادية والاجتماعية، اهملت بشكل كلي عملية الاصلاح السياسي والتى تعد اساس كل نجاح، فبدونها لا تستطيع اي دولة ان تؤسس لنظام اقتصادي قوى وقادر علي المنافسة علي المستوى العالمي، وذلك علي اساس ان الاصلاح السياسي يطلق الطاقات البشرية وينميها ويدفعها للرقي والتطور ، مثلما حدث في المجتمعات الغربية التى بدات بالاصلاح السياسي قبل ان تنطق اقتصاديا في مختلف المجالات لتصل الي ما وصلت اليه، وذلك بعد عقود من التخلف والاستبداد، الا انه وبالنظر الي الدول العربية وفي القلب منها المملكة العربية السعودية، سنلحظ ان عملية التحول الديموقراطي تسير ببطء شديد، بل ونستطيع ان نقول انها تتقدم خطوة الي الامام وخطوتين الي الخلف، وذلك ما يعكس خوف النظام من استكمال متطلبات هذه العملية التى تعد اساس تقدم المجتمعات المتحضرة، وطريقها الي تحقيق طفرات اقتصادية مثل تلك التى تتضمنها الرؤية السعودية، ما يعني انه بلا اصلاح سياسي حقيقي يتيح للشعب السعودي المشاركة الحقيقية في الرؤية المقترحة، ويكفل له حرية الراي والتعبير بحيث يتمكن من اصلاح الاخطاء وتصحيح المسارات، فقد لا ترى هذه الرؤية النور، وقد يعجز ولي ولي العهد عن تحقيق حلمه لمرحلة ما بعد النفط.

رؤية طموحة ولكن قاصرة

لاشك في ان  " رؤية 2030" هي أمل ليس فقط السعودية وإنما كل الانظمة الخليجية التى تعتمد بنسبة كبيرة علي النفط في تلبية احتياجاتها الاقتصادية، وهو ما وضح بشكل كبير خلال الفترة الماضية، والتى كشفت عن ازمة كبيرة تعانيها الدول الخليجية لاول مرة في تاريخها بسبب انخفاض اسعار النفط، والتى ادت ببعض الدول للاستدانة من مؤسسات التمويل الدولية لاول مرة في تاريخها، وهو ما يعني ان الاقتصادي النفطي ( المعتمد علي النفط) هو اقتصاد هش من السهل كسره بل والقضاء عليه، لان اسعاره غير ثابتة وتتغير بتغير الظروف الاقليمية والدولية المحيطة بنا، وتتحكم فيه الدول الغربية والصناعية بشكل كبير، الامر الذي يجعل مستقبل الاجيال الخليجية القادمة في خطر شديد، بل وكذلك مستقبل الانظمة العربية في دول الخليج العربي والتى ستفاجئ بأنها عاجزة عن تلبية المتطلبات الضرورية لمواطنيها.

ورغم ان الرؤية السعودية تتضمن اهداف طموحة وتسعى لبناء: اقتصاد مزدهر، مجتمع حيوي، ووطن طموح، إلا انها تفتقد لاي ذكر لعملية الاصلاح السياسي التى يتوق اليها الشعب السعودي، الذي ثار كما ثارت العديد من الشعوب العربية من اجل الحرية والديموقراطية والكرامة الانسانية، لولا نجاح النظام السعودي السابق في القضاء علي تلك الثورة في مهدها بعد ان اغدق علي الشعب اموالا طائلة جعلته يعدل عن فكرة المشاركة في الربيع العربي علي وعد باجراء اصلاحات سياسية وحقوقية تتيح له المشاركة في عملية صنع القرار وتحديد مصيرة ومستقبله بنفسه بدلا من سياسة الوكالة التى يعتمدها النظام السعودي في الوقت الحالي.

فبالنظر الي واقع الاصلاح السياسي في المملكة سنلحظ انه بعد انطلاق ثورات الربيع العربي لجأ النظام السعودي بقيادة الملك عبدالله الي اطلاق جزئي للعملية السياسية من خلال اختيار مجلس شورى يعبر عن الشعب السعودي، وكان يتوقع ان تتبع تلك المحاولة تحويله من مجلس معين الي مجلس منتخب يعبر بشكل حقيقي عن اراء وطموحات الشعب السعودي، وبحيث يعكس حقيقة الواقع، ويقى البلاد شر الفتن التى تندلع من وقت واخر، خاصة في المناطق الشرقية البعيدة عن العاصمة والتى تسكنها اغلبية شيعية تستغلها دول معادية لاثارة الفتن والقلاقل الداخلية في المملكة، إلا ان تلك العملية قد توقفت بسبب خوف النظام السعودي من ان تؤدي عملية التحول الديموقراطي الي فقد النظام صلاحياته الكبيرة شيئا فشيئا، واضطراره في النهاية الي التحول الي النموذج البريطاني الذي تملك فيه الاسرة المالكة ولا تحكم، وهو ما يرفضه النظام السعودي الذي يسعى لامتلاك كافة اوراق اللعب في يده.

وفي الواقع ان النظام يعتمد في ذلك علي الالة الامنية الضخمة التى تقمع الحريات وتحول بين الشعب وبين المطالبة بحقوقه المشروعة في الديموقراطية، وهو ما يمثل عقبة كبيرة امام عمل تنمية حقيقية، مثل تلك التى يسعى لتحقيقها ولي ولي  العهد لتكون قاطرة توصله الي اعتلاء العرش بعد ابيه، خاصة وان جزء كبير من الخطة يعتمد علي جذب الاستثمارات الاجنبية، والتى تحتاج الي بيئة آمنة ومستقرة ونظام ديموقراطي قوى للعمل والانتاج والمساهمة في تحقيق  الطفرات التى يريدها النظام السعودي.

فالواقع انه بالرغم من امتلاك السعودية ثروات هائلة من الذهب والفوسفات واليورانيوم وغيرها، بالاضافة الي بدائل الطاقة التى تزخر بها المملكة، إلا أنها غير مستغلة بشكل جيد، وقد لا تستغل بل علي العكس قد تستنزف وتسرق لانه لا يوجد نظام محاسبي ولا شفافية مثل تلك الموجودة في المجتمعات الديموقراطية، التى تستطيع محاسبة حكوماتها بل واسقاطها  في حل عجزت عن تحقيق المطلوب منها، ما يجعل من الصعب علي المملكة خلال الفترة المقبلة، رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدل العالمي 5.7%، والانتقال من المركز 25 في مؤشر التنافسية العالمي إلى أحد المراكز الـ10 الأولى. ولا حتى رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال سعودي، كما تقول الرؤية، التى تتضمن رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75%. وذلك للعديد من الاسباب أهمها: دخول المملكة في صراع مفتوح ومباشر مع حلفاء ايران في المنطقة، خاصة في اليمن التى تشهد حربا تقودها السعودية وتعجز حتى الان عن وضع حد لها، بالرغم من التكلفة الباهظة التى تتحملها المملكة والتى اثرت بشكل كبير علي موازنة الدولة السعوية وكبدتها خسائر فادحة العام الماضي، الامر نفسه بالنسبة للدور السعودي في العراق وسورية، والمرجح ان يستمر الصراع فيهما لفترة طويلة، بسبب الدور الايراني المشبوه والدعم الكبير الذي تقدمه حكومة الملالي لحلفاءها في العراق وسورية والذي وصل لدرجة ارسال كتيبة عسكرية لدعم وجود بشار الاسد ومساعدته في استعادة بعض المناطق التى خسرها الفترة الماضية، ما يعني ان المملكة تواجه تحديات خطيرة قد تجعلها عاجزة عن تحقيق تلك الرؤية ولا حتى نصفها خلال الفترة القادمة.

وفي الواقع ان المملكة ماكانت لتقوم بهذا الدور المكلف ماديا وبشريا، إلا بسبب الخوف من استغلال القوى الاقليمية والدولية حالة الضعف الداخلية لتأليب الشعب السعودي علي نظامه مثلما حدث في دول ومع انظمة كانت حليفة للولايات المتحدة الامريكية، وهو ما يؤكد علي ان الضمانة الحقيقية لتلك الانظمة ليست في الدخول في حروب لاطائل من وراءها، وإنما في تقوية مجتمعاتهم الداخلية وتطويرها، ووضع اسس سليمة لبناء ديموقراطي قادر علي افراز افراد قادرين علي حماية اوطانهم وصيانتها في مواجهة المشاريع الاقليمية والدولية التى تسعى لالتهام دول المنطقة ونهب ثرواتها والقضاء علي مقدراتها.

خطوة للأمام وخطوتين للخلف

علي الرغم من التفاؤل الكبير الذي صاحب تولي الملك سلمان مقاليد الامور في السعودية، خاصة بعد سلسلة التغييرات التى اجراها في سلك الحكم، واقصاءه لبعض المحسوبين علي بعض القوى الاقليمية والدولية، ومحاولته ممارسة دور اقليمي كبير في المنطقة، وفضحه للدور الايراني المشبوه، وعمله علي القضاء علي حلفاءه في المنطقة خاصة جماعة الحوثي في اليمن، إلا أنه لم يستكمل عملية الاصلاح السياسي التى بدأها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتى نظر اليها المحللون علي  أنها بمثابة مؤشرات للتأسيس لمرحلة جديدة من مراحل تطوير النظام السياسي السعودي باتجاه اقرب الي الديموقراطية مقارنة بالمراحل السابقة.

ويعني ذلك أنه حسب العديد من المحللين أن قرارات القيادة السعودية لم تكن سوى محاولة لتهدئة الشعب السعودي، واستجابة للمتغيرات التى فرضتها الظروف والتطورها والتحولات الاقليمية والدولية، والتى جعلت من الصعب علي النظام السعودي في هذا الوقت تجاهلها، لذلك عندما تغيرت الظروف، وسقطت موجة الربيع العربي، وعادت الانظمة القديمة لممارسة ادوارها الاستبدادية في قمع الشعوب العربية من جديد، عاد كذلك النظام السعودي الي سابق عهده، ولم يف بالالتزمات التى قطعها علي نفسها باتمام عملية التحول الديموقراطي، واجراء اصلاحات سياسية تساهم في اقامة حياة ديموقراطية ، فضلا عن حفظ حقوق وحريات الشعب السعودي.

وفي الواقع ان المجتمع السعودي كغيره من المجتمعات العربية يتوق للديموقراطية، ولا يمل بالرغم من قوة القبضة الامنية من المطالبة بتحقيقها، حتى ولو من خلال بعض الدعوات التى يطلقها النشطاء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر وغيرها، إذ سبق وأن وجه مواطنون سعوديون رسالة للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ومن بعده الملك سلمان  طالبوهم فيها بتطوير نظام الحكم ليصبح ملكيا دستوريا والفصل بين السلطات الثلاث، مع إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية تتعلق بالقضاء على الفساد والبطالة والفقر وفتح الآفاق أمام الشباب وطاقاته المهدرة.

وقد عبر هؤلاء عن رفضهم اهدار الطاقات البشرية وحصارها بالإهمال والبطالة والفساد المالي والإداري والتزييف والصمت والوصاية المتسلطة بجميع أشكالها، وابعادهم عن دورهم المنشود في المساهمة في تطوير المجتمع، والمشاركة في كل ما يتعلق بمستقبل الوطن.

كما انه وفيما يتعلق بحرية الراي والتعبير نجد انه بالرغم من امتلاك السعوديين العديد من وسائل الاعلام المقروؤة والمسموعة والمرئية في اغلب الدول العربية وخاصة في مصر، إلا أن الوضع يبدو مختلفا داخل المملكة، فجميع الصحف السعودية تصدر بقرار ملكي، وهي تخضع للرقابة. وفقا لنظام المؤسسات الصحافية. ويتم إصدار قرارات تعيين رؤساء التحرير للصحف بواسطة وزير الثقافة والإعلام. وتمتلك الحكومة وكالة الأنباء السعودية، التي يُستدل بها لغرض اتخاذ القرار بشأن نشر الأخبار الخاصة بالقضايا الحساسة من عدمه.

وهو ما يعني انه لا يوجد اي مجال ولا وسيلة لتصحيح المسار من خلالها، وهي امور متعارف علي انها تزيد من وطأة الفساد في المجتمعات العربية ، فضلا عن انها لا تجعل هناك سوى الصوت الذي يرغب النظام في سماعه، بينما مئات بل والاف الاصوات الاخرى التى تسعى لتحقيق تلك الرؤية حقيقة علي ارض الواقع، فلا مجال لسماعها ولا الاخذ برأيها، بل في الغالب يكون مصيرها الكبت، إن لم يكن الاعتقال والحظر، مثلما هو حادث الان لمن يتعرض لتلك الرؤية بالنقد، علي الرغم من ان النقد البناء يساعد في تطوير الرؤى والمقترحات، خاصة وان هذه الرؤى جهد بشري يقبل التطوير والتغيير وفقا للظروف والاحداث والتطورات التى تشهدها مجتمعاتنا.

فحسب الخبراء والمحللون إصلاحات بهذا الحجم والطموح تتطلب أولا هيكلة إدارية متطورة ومتكاملة ومعالجة مشكلة الفساد التي تتسبب في إهدار جزء كبير من مداخيل الدولة ، إلا أن هذا صعب التحقيق في السعودية في ظل غياب برلمان منتخب يمارس المحاسبة والرقابة على السلطة التنفيذية وأيضا في ظل غياب صحافة حرة.

يضاف الي ذلك العديد من المشاكل الاخرى وعلي رأسها البيروقراطية التى تعتبر شرطا من شروط نجاح هذه الرؤية وغيرها، وعلاج التداخل الكبير بين المؤسستين الدينية والسلطة الحاكمة، إذ لا يمكن تحقيق اي اصلاح في ظل التركيبة الحالية للسلطة، وتركيبة التحالف بينها وبين المؤسسة الدينية المحافظة جدا، ونجاح تلك الرؤى مرتبط بإصلاح حقيقي يطال كافة مؤسسات وهيئات الدولة بل في ذلك اصلاح النظام السياسي نفسه واتاحة المجال لحرية الرأي والتعبير.

آليات ومعوقات التحول الديموقراطي في المملكة

إن تحقيق التنمية المستدامة والقضاء علي العنف والارهاب، وإطلاق الرؤى والتصورات الخاصة بمستقبل افضل قوامه الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الانسان، إنما يتطلب تغيير الخطاب السياسي السعودي، بحيث يتم دعوة كافة القوى والجماعات السياسية والدينية للمشاركة في عملية التنمية وإدارة شئون المجتمع والدولة السعودية، بشكل حقيقي يعكس رؤي صادقة في التغيير وليس مجرد شعارات رنانة تستهدف كسب الرضا الشعبي والدولي، لعدم الضغط علي المملكة لاجراء اصلاحات سياسية تؤثر علي نظام الحكم في المملكة.

ولن يتحقق الاصلاح الحقيقي الا اذا حدث تحول نحو نموذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والتي تشمل سائر أقاليم المملكة مع التركيز علي تلبية المطالب الرئيسية للمواطنين خاصة في مجالات الاسكان والصحة والتعليم وغيرها من الخدمات المرتبطة بالبنية الأساسية وتحسين مستوي الخدمات المقدمة للمواطنين .

وتفعيل مجلس الشوري وتحويله من مجلس معين الي مجلس منتخب  وتوسيع نطاق اختصاصاته بالتدريج سواء في مجال التشريع أو الرقابة ، واطلاق العنان له لمناقشة القوانين المقدمة من الحكومة والرقابة علي أعمالها، وتصحيح مسارها، بحيث تسهم بفعالية في رقي المجتمع وتطوره.

وفي نفس السياق يتعين تفعيل جهاز المحاسبة ونشر الملاحظات التي يقدمها بشأن الأداء المالي والاداري للأجهزة الحكومية وظهور الدعوة لمساءلة المقصرين في أداء اعمالهم.

فهذه الامور وغيرها تساعد كثيرا في نجاح تلك الرؤية وتحويلها حتى ولو لم تكن الامكانات كافية الي واقع ملموس يعيشه الشعب ويشارك في تحقيقه بارادة قوية ووعي كبير، أما اهمال المجتمع والاكتفاء بتقديم رؤية لايشارك ولا يساهم في انجازها، فلن يكتب لها النجاح.

وحسب علماء السياسة فإن أول مرحلة من مراحل عملية التحول الديموقراطي إنما تتمثل في بناء الوحدة الوطنية كمرحلة من مراحل الصراع علي الهوية، أما المراحل الاخرى فتتمثل في وجود صراع متواصل يؤدي إلى انهيار النظام السابق للمرحلة الديمقراطية، ثم حدوث قرار واع بتبني الإجراءات الديمقراطية في المرحلة الثانية، واخيراً تأتي مرحلة التماسك عندما يقبل الفرقاء السياسيون بقواعد اللعبة الديمقراطية.. وبتطبيق هذا الإطار على الحالة العربي وفي القلب منها الحالة الخليجية، نرى أن أغلب الدول العربية لم تحسم بعد مسألة الصراع على الهوية الجماعية، التي ارتبط الصراع حولها بقضيتين أساسيتين: الأولى، كيف يمكن التعامل مع حالة التقسيم التي يعاني منها العالم العربي؟ و الثانية، ما دور الدين (الإسلام) في بنية المجتمع وشكل أو نظام الحكم، وفي الحياة العامة؟

وحالة المملكة العربية السعودية يبدو أنها وقفت عند مرحلة معينة ولا تريد ان تتخطاها الي بقية المراحل، وهي الاكتفاء بتعيين مجلس شورى معين كإطار للمشاركة السياسية، دون الانتقال الي المرحلة الثانية والتى تتمثل في  مبدأ الانتخابات الجزئية على المستوى المحلي، و الاستعداد لتحويل مجلس الشورى من التعيين إلى الانتخاب.

فالمتابع للحالة السعودية يلحظ أنها لازالت تفتقد مقومات النظام الديموقراطي الحديث، حيث تعتمد علي فكر ورؤى الاسرة المالكة التى تسيطر علي كافة مناحي الحياة في الدولة، وترفض توزيع السلطة بينها وبين الشعب، وتتعامل بنظام الوصي  الذي يعتقد بأن ما يفعله هو الصواب وان الشعوب لاتحتاج سوى الي فرصة عمل ومسكن وان الحرية والديموقراطية رفاهية لا تصلح لشعوبنا وان تلك الشعوب لازال امامها عقودا طويلة علي تصل الي مصاف الشعوب الغربية.

 نخلص من ذلك الى ان تطبيق تلك الرؤية وتحويلها من الحديث النظري الي الواقع المأمول خلال الفترة المقترحة امرا صعب المنال، خاصة اذ لم تأخذ الحكومة في اعتبارها الاليات المختلفة للاصلاح والتطوير ، وهو علي الارجح مالن يحدث في ظل تمسك النظام برؤاه وتصوراته لمستقبل النظام السعودي، وهو ما يعني ان تلك الرؤية ما هي الا تسويق سياسي لولي ولي العهد لايجاد حاله من التناغم بينه وبين الشعب وبينه وبين المجتمع الدولي والنظر اليه علي انه صاحب الرؤية والقادر علي قيادة المملكة في المستقبل.