علاقات » خليجي

ماذا جرى بين واشنطن والرياض وأبوظبي قبل ساعات من دخول القوات السعودية البحرين؟

في 2016/05/14

مرآة البحرين-

كشفت صحيفة النيويورك تايمز عن أنّه "في صبيحة 13 مارس/آذار 2011، أرسل جيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشّرق الأدنى، رسالة مستعجلة عبر الايميل لأكثر من 20 من زملائه، يبلغهم بأن السّعودية والإمارات العربية المتحدة أرسلتا قوات إلى البحرين لإخماد الاحتجاجات المناهضة للحكومة".

وضمّنت الصّحيفة في المقال صورًا لوثائق إلكترونية مسربة من البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأمريكية السّابقة "هيلاري كلينتون".

وأشارت الصّحيفة إلى أن "ايميل فيلتمان أثار عددًا من الرّدود، وإعادة الإرسال في الساعات الـ 24 التّالية، بما في ذلك إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، حيث إن إدارة أوباما كانت تتناقش بشأن ما يجري وكيفية الرّد عليه".

وفي رسالته، قال فيلتمان إن "وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد أكد له أن السعودية والإمارات العربية المتحدة سترسلان قوات إلى البحرين، مشيرًا إلى أن الحكومة البحرينية طلبت ذلك اليوم، ومؤكدًا أن القوات كانت على الجسر في طريقها إلى البحرين وأنها ستدخلها". وذكر فيلتمان "سألته عما يتوقعون إنجازه، وكان الرّد الأساسي أن الإمارات لبت الدّعوة لإعادة إرساء النّظام".

ولفت فيلتمان إلى أنه أثار "مخاوف بشأن حقوق الإنسان" وذكر أنه يحس "بأن القوات السّعودية والإماراتية ستستفز الشّيعة المتشددين، وتؤدي بهم إلى المزيد من الحراك، كما أنها ستقوض الشّيعة المعتدلين، الذين لن يتوفر أمامهم إلا خيار انتهاج أسلوب الشّيعة المتشددين"، وأضاف أنه لفت إلى أن "الإمارات العربية المتحدة ليس لها تاريخ من الاحتجاجات في الشّوارع" معربًا عن قلقه بشأن قدرتها على تجنب العنف.

ونقل فيلتمان ردّ بن زايد الذي قال إن "الإمارات العربية المتحدة ليست بصدد الدّخول لقتل النّاس" وإن "ملك البحرين مد يده طويلًا" وإن "دول مجلس التّعاون الخليجي لن تقف على الحياد وتشاهد الآخرين يأخذون البحرين رهينة".

وفي معرض الرّسالة، أوضح فيلتمان لـ "بن زايد" أنه في حال حصول أي عنف، قد يكون هناك أزمة مع الولايات المتحدة، فكان أن رد الأخير بالقول إنه "نفهم ذلك، لكن هذه قضية داخلية لمجلس التّعاون الخليجي".

وأشار فيلتمان إلى أنه لم يكن يسجل الملاحظات، غير أنه بدا "من كل ما قاله بن زايد، أن دول مجلس التّعاون الخليجي ضاقت ذرعًا بالتّظاهرات في المنامة".

ولفت فيلتمان إلى أن بن زايد "نصحه بعدم الذّهاب إلى البحرين في اليوم التالي، وأضاف أنه لا يتوقع مشاكل كبيرة" مشيرًا إلى أن "وزير الخارجية البحريني الشّيخ خالد قال للسّفارة الأمريكية في المنامة في وقت سابق إنّه يجب أن لا أسافر، والآن نعلم السّبب".

الإيميل أثار ردود عدة ، بما في ذلك السّفيرة الأمريكية السّابقة في الكويت ديبوراه جونز، التي أشارت في ردها  إلى أنها " أنهت لتوها مكالمة هاتفية مع "د. محمد" " وأنه "في حين لا يشكل وجود قوات خارجية تدخل البحرين النهج المفضل بالنّسبة للكويت، إلا أن الكويتيين لم يعترضوا على الاقتراح السّعودي حيث بدا أن المعارضة كانت عازمة على التّصعيد، وربما الصراع مع المناطق السّنية"، مشيرة إلى أن "د. محمد" سألها: "ما هو القول المأثور لتوماس جيفرسون عن أن شجرة الحرية تحتاج لأن يتم ريها بدماء الشّهداء والمواطنين؟ حسنًا، يبدو أنهم [أي البحرينيين] اختاروا القيام بذلك".

وأضاف فيلتمان في ايميل آخر أنه "حظي بالمحادثة ذاتها مع عبد الله بن زايد-نقاش حول مظاهر حقوق الإنسان والعنف وحقيقة أن الشّيعة المعتدلين سيتم تقويضهم سياسيًا بهذا الأمر" مضيفًا "حذّرته من أزمة سياسية بين الولايات المتحدة والسّعودية"، لافتًا إلى أن "بن زايد قال له إن القوات ستنطلق "اليوم" على الجسر، وأن هناك متظاهرين بحرينيين يحاولون إغلاق الجسر، وأن الشّرطة السّعودية كانت هناك حوالي 6 إلى 7 ساعات، نتيجة لحركة المتظاهرين".

وذكر فيلتمان في ردوده المختلفة على الايميل أمورًا عدة منها أن "عادل الجبير كان يحاول الاتصال بوزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون لمناقشة هذه المسألة"، مضيفًا إلى أنه "ذكر أنه مسافر إلى البحرين غير أن الجبير لم يعلق على الأمر".

وقال فيلتمان أن "السّفير السّعودي عادل الجبير هاتفه ثانية وقال إن القوات المستخدمة ستكون من الحرس الوطني السّعودي، وأنه يتوقع أن يشارك آخرون من مجلس التّعاون الخليجي، غير أنه لا يعرف عددهم"، ونقل عن الجبير قوله إنه "يعتقد أن الهدف هو الدّعم المعنوي أكثر من أي شيء آخر".

وقال فيلتمان في رد آخر له في سلسلة المراسلات البريدية هذه إنّه "لا أعتقد أنه بإمكاننا ثني مجلس التّعاون الخليجي عن إرسال القوات، الذي يتم على ما يبدو وفقًا لاتفاقية أمنية في مجلس التّعاون الخليجي"، مضيفًا أن "حكام دول مجلس التّعاون الخليجي ينظرون إلى ما يحدث في البحرين على أنّه تهديد وجودي"، وأن "التّظاهرات المستفزة والتّظاهرات المُضادة لها فقط تبرهن لمجلس التّعاون الخليجي على أن الوضع في البحرين أصبح لا يُطاق".

ويضيف فيلتمان أنّه "حتى إن لم يكن ممكنًا بالنّسبة لنا ثني مجلس التّعاون الخليجي عن فعل ذلك، آمل أن يستخدم الأشخاص في البيت الأبيض ووزارة الدّفاع علاقاتهم لدعم النّقاط التي أحاول إيضاحها، وهي أن العنف ضد المحتجين المسالمين سيتسبب بأزمة في علاقاتنا وأن قوات مجلس التّعاون الخليجي تحتاج إلى ممارسة الانضباط والعناية، وأنّه سيُطلب منا علنًا التعليق على ذلك (غير أن مجلس التّعاون الخليجي سيُصِر على أنّها مسألة داخلية)"، موضحًا أن "مضمون تعليقاتنا العلنية سيكون نتيجة لسلوك قوات مجلس التّعاون الخليجي في البحرين".

ولفتت الصّحيفة إلى أن "الإدارة الأمريكية  كانت قد ناقشت الوضع في البحرين على شبكات الكمبيوتر الحكومية غير السّرية، باستثناء السيدة كلينتون، التي استخدمت سيرفر ايميل خاص في الفترة التي شغلت فيها منصب وزير الخارجية".

وقالت الصّحيفة إنه "مهما كان وضع هذا التّحقيق، غير أن مناقشة إرسال قوات إلى البحرين يكشف عن موضوع إرسال معلومات حساسة عبر البريد الإلكتروني على سيرفرات حكومية غير سرية، ويعكس ما وصفه كثير من المسؤولين بالدّبلوماسية في عصر الإنترنت، خاصة في المسائل الطاّرئة والسّريعة التّطور".

وتضمنت سلسلة المراسلات مجموعة من المعلومات المُصَنفة سرية الآن، بما في ذلك أجزاء من رسائل كتبها السيد فيلتمان، والسفيرة السابقة في الكويت ديبوراه جونز، والمدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان.

الجدير ذكره أن السيرفر الخاص بكلينتون "يخضع لتحقيق من قبل مكتب التّحقيقات الفدرالي بشأن ما إذا كان هناك سوء تعامل مع المعلومات المُصنفة سريًا، وقد يُختتم هذا التّحقيق الشّهر المقبل على الأرجح".