اقتصاد » احصاءات

المنازل التعويضية في «الباطنة الساحلي».. قبول ورفض!

في 2016/05/30

بين الرفض والرضا تراوحت ردود الفعل بخصوص المنازل التعويضية للمتأثرين من طريق الباطنة الساحلي التي قدمت إليهم من وزارة الإسكان، وإذا كان الرضا مدعاة للقبول والسكوت فإن الرفض -بلا شك- له أسبابه، التي أجملها البعض في غياب الخصوصية العمانية عن هذه المنازل من حيث الحجم وضيق المرافق وعدم ارتفاع السور الحائل بين المنازل فضلا عن أن هذه المنازل لا تتناسب مع الأسر الكبيرة التي لا تكفيها غرف معدودة، ليس ذلك فقط فهناك أيضا أسر مركبة داخل المنزل الواحد في حين أن التعويض يشمل أسرة واحدة دون مراعاة لباقي الأسرة، ولم تكن مساحة المنزل من الداخل وما يحتويه من مرافق هي الحل الذي توقعه المواطنون من الجهة المختصة، ناهيك عن أسباب أخرى تتمثل في التخطيط العشوائي للمنازل وإنشائها بالأودية والشعاب والمستنقعات وجميعها أسباب تحول دون رغبة المواطنين في هذه المنازل ورفضهم لها.
الموضوع في غاية الأهمية، ونحن في «عمان» قد تطرقنا إلى تحقيقات سابقة في تأخر التعويضات بطريق الباطنة الساحلي، كما فتحنا ملف المجمعات السكنية وعرضنا مطالب المواطنين في الإسراع بالانتهاء من إنشاء المجمعات السكنية، فإننا هنا نبحث في أسباب رفض المنازل التعويضية، وخطط الإسكان في التعامل مع المتضررين الذين رفضوا هذه المنازل.

رد الإسكان

في البداية وحتى تكتمل خيوط التحقيق تمت مخاطبة وزارة الإسكان حول هذا الموضوع، فجاء ردهم على لسان مصدر مسؤول بالوزارة على النحو التالي: إن الوزارة شرعت في استكمال الأعمال المتبقية من منازل تعويضات طريق الباطنة الساحلي في أغلب الولايات حيث قامت بتقسيم مشاريع البناء إلى عدة مناقصات لكل موقع على حدة، كما تقوم حاليا باستكمال أعمال الوحدات السكنية في ولايات بركاء والمصنعة وشناص من خلال مقاولين محليين، كما تم تكليف مقاول آخر لاستكمال أعمال المساكن في موقعين بولاية السويق وعددها (130) منزلا في الوقت الذي تقوم فيه الوزارة بإجراءات التناقص والإسناد للوحدات السكنية في ولايات السويق وصحم والخابورة وصحار مشيرا إلى أنه من المتوقع استلام بعض هذه المشاريع خلال العام الجاري، واستكمال أغلب المشاريع خلال العام القادم منوها إلى أنه تم توزيع عدد من المنازل للمواطنين كدفعات أولى في ولايتي بركاء والمصنعة.
وحول كيفية تعامل الوزارة مع المواطنين الذين رفضوا استلام المنازل البديلة عن منازلهم المتأثرة بطريق الباطنة الساحلي قال المصدر: «إن ذلك يعود إلى أسباب الرفض والتي يمكن إيجازها إما في رغبة المواطن في الحصول على منزل بديل يحتوي غرفا أكثر من عدد الغرف في المنزل المتأثر علماً بأن آلية توزيع منازل التعويض تضمنت حصول المواطن على منزل بديل بعدد غرف يساوي عددها في المنزل المتأثر وفي أغلب الحالات أكثر من عددها في المنزل المتأثر حسب عدد طلبات المنازل البديلة، وإما رغبة المواطن في الحصول على منزل بديل قريب جداً من موقع التأثير، وإما أن هناك خلافا بين ورثة المنزل المتأثر في الحصول على منزل التعويض، واستبداله بتعويض نقدي، وإما تغيير صاحب المنزل المتأثر لاختياره في آخر لحظة قبل سحب القرعة».

غياب خصوصية المسكن

وفيما يخص غياب خصوصية المسكن كعامل رفض للمساكن من قبل المواطنين، وهل هناك إجراءات جديدة لإصلاح المساكن أو السماح لإضافة ملاحق بها قال المصدر: «إن تصميم مجمعات منازل التعويض روعي فيه النمط المعماري السائد بالسلطنة بما في ذلك مساحات الغرف والفضاءات الداخلية للمنزل وفقاً لمتطلبات وتقاليد الأسرة بما في ذلك ارتفاع سور المنزل إضافة إلى مراعاة الظروف المناخية السائدة».
وأشار المصدر إلى «أنه يمكن لمالك المنزل أن يجري بعض الإضافات والإصلاحات على منزله وفقا لمتطلبات أسرته وذلك بعد الرجوع إلى الوزارة لتزويده بالتفاصيل الإنشائية المطلوبة، والمصادقة على الإضافات المقترحة بما يتلاءم مع الطابع المعماري لعموم المجمع السكني، كما يمكن زراعة بعض الأشجار التي تتلاءم مع الظروف المناخية للبيئة وتعزز خصوصية المنزل، علماً بأن المنازل التي يقوم ببنائها المواطنون حالياً تتشابه تصاميمها مع منازل التعويضات».
هذا هو رد وزارة الإسكان على الموضوع فماذا عما يقوله المواطنون؟

العشوائية

يقول علي الشبلي: المجمعات السكنية التي أنشأتها وزارة الإسكان لا ترتقي لخصوصية المنازل العمانية، وعدد الغرف قليلة ولا تكفي للأسر الكبيرة، كما إن تخطيطها عشوائي في الأودية والشعاب والمستنقعات، ولم يأخذ برأي المتضررين قبل إنشائها، مما دفع عدد كبير منهم لعدم قبول هذه المساكن، بينما رأى فريق آخر أن يقبل بما هو متوفر مع القيام بشيء من التعديلات على المنازل، وذلك لما آلت عليه أوضاعهم من سوء.
وأوضح الشبلي أن هناك مساكن في بعض الولايات ما زالت معلقة ولم تصل نسبة الإنجاز فيها إلى 30% على الرغم من مرور أكثر من 7 سنوات عليها.
مشيرا إلى أنه من استطاع الحصول على التعويض المالي من الجهات المعنية بدأوا في بناء منازل جديدة لكي يتخلصوا من الإجراءات الطويلة لحلقات هذا المشروع.

ضيق المرافق

وتشير فاطمة الغملاسية إلى أن المنازل التي تم بناؤها من وزارة الإسكان يصعب فيها المعيشة فهي صغيرة، وغير كافية لأفراد الأسرة، كما أن مرافقها ضيقة، ولا توجد بها مساحة كافية، وأن وزارة الإسكان عند إنشائها لم تراعِ رأي المواطن فيها، ومعرفة المنازل التي كان المواطنون يسكنونها قبل نزع الملكية.
وعن أسباب تأخر تسكين المواطنين في المساكن الجديدة، وتعثر بعض الوحدات السكنية، أرجعت الغملاسية ذلك إلى الأخطاء التي سجلت على الإسكان من حيث التعاقد مع شركات لبناء المنازل أو اختيار المواقع غير الصالحة للبناء كالأخوار والمستنقعات.
وأوضحت أن المواطنين منقسمون إلى ثلاثة أقسام منهم من لا يرغب بالانتقال، ومنهم من يرغب بسبب أوضاعهم المعيشية وحاجتهم لها بسبب تصدع المنازل وانهيار بعضها، ومنهم من يرغب ولكن بشروط مثل أن يعطى كل طالب منزل مبلغا ماليا حتى يتمكن من عمل بعض التصليحات مثل بناء مجلس خارج المنزل لأنه لا توجد دورات مياه في مجالس المنازل الجديدة وكذلك رفع سور المنزل.
ويشير سالم الشبلي إلى أن المواطنين قابلوا العديد من القائمين على الطريق لكن دون فائدة تذكر، وتساءل: «كيف يمكن لمواطن ضعيف الدخل أن يرتب أوضاعه بالعرض المقدم من وزارة الإسكان».
وقال: إن بعض الوحدات السكنية لم يكتمل بنيانها على الرغم من صرف مئات الملايين لهذه الوحدات السكنية، متسائلا: متى سيستقر الوضع ويرتاح ضمير المواطن؟
ويؤكد حمد بن علي الفزاري أنهم تفاجئوا بمنازل لا ترتقي للخصوصية العمانية، فبعد الوعود بمنازل مريحة ومهيئة لم يجدوا شكل المنزل العماني فيها، فالغرف الموجودة والممرات وساحة (الحوش) ضيقة، ولا توجد مساحة ورحابة المنازل العمانية.
ويقول: أما الموقع فهو كما انتشر عنه غير صالح للمسكن، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر غرق الوحدات السكنية التي نفذتها الوزارة: فكيف بعد هذا الغرق والموقع المخيف للمنازل تريد من المواطنين أن يسكنوا في هذه المنازل.
وأضاف الفزاري: هنالك عدم رضا عن الوحدات السكنية التي صرفت عليها مئات الملايين، التي كان بالإمكان أن تنشأ بشكل عصري جميل يراعي حقوق المواطن العماني.
وتساءل عن تكلفة البناء للمتر الواحد الذي فاق سعر البناء في السوق المحلية، وتكلفة بناء منزل صغير التي فاقت تكلفة بناء منزل كبير!.
الخصوصية

وفي هذا الإطار يؤكد عضو المجلس البلدي بصحم أحمد الفزاري أن المجمعات السكنية بصحم لم تنجز إلى الآن، على الرغم من المطالبات المتكررة لتعديل تصميم المنازل، كما أن المساكن البديلة التي أعدت للمواطنين ما زالت في طور الإنشاء، ولم تتوفر فيها مواصفات المنزل العماني، فالمواطن العماني له خصوصياته في طريقة المسكن والمرافق المتضمنة بداخله. فضلا عن أن هذه المنازل جاءت في مواقع غير ملائمة جغرافيا، وأصبحت هذه المنازل بعد توقف الشركة المنفذة للمشروع تشكل تهديدا خطيرا لسكان المنطقة حيث أصبحت مرتعا للحيوانات السائبة ومتعاطي المخدرات. أضف إلى ذلك سرقة الأبواب والنوافذ أو تكسيرها من قبل العابثين.
وأضاف الفزاري قائلا: الحال نفسه ينطبق على المساكن التي هجرها أصحابها بعد انتقالهم إلى المنازل الجديدة التي قاموا ببنائها أو انتقلوا إلى منازل أخرى مستأجرة.
وأكد عضو المجلس البلدي بصحم أن هذا الموضوع لم يغب عن طاولة المجلس البلدي لمحافظة شمال الباطنة حيث تمت مناقشته في عدة اجتماعات على مستوى المجلس وعلى مستوى اللجان الفرعية، وتم رفع عدة توصيات بهذا الشأن إلى الجهة المختصة ونأمل أن يتم الأخذ بها.

عمان اليوم-