سياسة وأمن » تصريحات

نـاصــر الـقـصــبـي: نـعـم للتعايش..لا للطائفية

في 2016/06/09

يتعامل الفنان ناصر القصبي مع الفن بمسؤولية ويستغله بوعي لفضح الأفكار التي تقود المجتمع إلى الخلف وتمنعه من التقدم نحو المستقبل، فمنذ الجزء الخامس من سلسلة "طاش ما طاش" وهو يتصدى سنوياً للجذور الفكرية لمشاكل المجتمع محاولاً نقدها في قالب كوميدي وبسخرية لاذعة وذكية لم ينزعج منها سوى المتشددين الذين اختاروا ممانعة تطور المجتمع. وفي مسلسل "سيلفي" رفع القصبي سقف النقد إلى مستويات عليا وتناول قضايا لم تطرق من قبل، مثل قضية التعايش بين مكونات الوطن، وكانت حلقة "إقلاع اضطراري" التي قدمها في "سيلفي1" العام الماضي بداية طرقه لهذه القضية الحساسة، والتي جسد فيها شخصية رجل سني ركب طائرة برفقة سعودي آخر اكتشف أنه ينتمي للطائفة الشيعية، لتنشأ من هذه العلاقة المضطربة صراع وسط الطائرة فضح الرواسب الكامنة في داخل كل واحد منهما، مع ما حمله هذا الفضح من إسقاط على المتشددين من كل جانب.

وفي "سيلفي" الجديد قدم القصبي حلقة أخرى بعنوان "على مذهبك" عالجت ذات المشكلة بجرأة ومسؤولية ومن زاوية مختلفة، ظهر فيها القصبي بشخصية رجل دين شيعي مقابل شيخ سني يمثله الفنان عبدالإله السناني، وكل واحد منهما يعيش حياته بقناعاته الخاصة، إلى أن جاءت لحظة الصدام عندما اكتشف الاثنان خطأ المستشفى الذي ولد فيه ابنيهما وأن الطفل الذي رباه كل منهما ليس طفله بل هو طفل الرجل الآخر، وليس هناك من تصحيح لهذا الخطأ سوى أن يتم تبديل الابنين وإعادة كل واحد منهما إلى عائلة الأصلية. وهكذا تم خلق المفارقة الكوميدية التي كشفت أن كثيراً من الأفكار التي يحملها كل طرف عن الآخر إنما هي في غالبها أوهام لا تستند إلى حقيقة، وأن الجيل الجديد الذي يمثله الابنان لا يؤمن بهذه الأفكار التصنيفية بل يسخر منها ومن كل الأفكار التي تؤثر على وحدة الوطن.

ناصر القصبي بهذه الجرأة في ملامسة الجرح، إنما يؤكد على مسؤولية الفنان الواعي المثقف الذي يتعامل مع الفن لا بوصفه أداة ترفيه فحسب بل عامل من عوامل التنوير، ولا يستخدم الكوميديا إلا لإيمانه بقدرة السخرية على زحزحة الأفكار المتجذرة ووضعها تحت مجهر النقد، وهو منذ "طاش" يؤكد على إنسانية الفن وتعاليه على الكراهية، مردداً في كل مسلسل: نعم للتعايش.. لا للطائفية.

وكالات-