سياسة وأمن » تصريحات

التطبيع السري بين أبو ظبي وتل أبيب يخرج للعلن

في 2016/06/09

كواليس وأسرار تكشف عمق العلاقات الإماراتية الإسرائيلية من التعاون بمجالات أمنية وحيوية واستراتيجية إلى العلاقات التجارية والاقتصاية، هي في مجملها تشهد تناميا ملحوظا برغم وصفها ب"السرية" لعدم وجود تطبيع رسمي مع الكيان الصهيوني، إلا أن حقائق عديدة تكشف وجود تطبيع عملي واسع النطاق بين البلدين وبشكل مضطرد ومتسارع، يؤدي لتغلغل واختراق أمني وسياسي واقتصادي يثير التساؤل بشأن من يستطيع أن يوقف عجلته؟

 تصدير من منصور بن زايد لتل أبيب   

أكد الموقع البريطاني الشهير "ميدل إيست آي" في تقرير له على أن الشيخ منصور بن زايد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة يمتلك شركة تورد لحوم الأبقار لتل أبيب.

 المسؤول الإماراتي الكبير مساهم رئيس في شركة كبرى تعمل بمليارات الدولارات تقوم بتصدير لحوم البقر إلى سوق اللحوم الإسرائيلي سرا، على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين أبوظبي وتل أبيب.

كشف "ميدل إيست آي"، أن حصة الشيخ منصور من هذه الشركة (شركة مستقبل الإمارات) يبلغ 40% من أسهمها، وهي شركة إماراتية للمواد الغذائية تقوم بعدد من المعاملات التجارية المعقدة مع الشريك التجاري الإسرائيلي المرتبط بنجل رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أرييل شارون.

شركة مستقبل الإمارات     

وأفادت مصادر بأن شركة "مستقبل الإمارات" أن الشيخ منصور "يمتلك أكثر من 40 في المئة" من "مستقبل الإمارات"، ومع ذلك معلومات الشركة المعلنة لا تشير إلى اسم الشيخ منصور كواحد من كبار مالكيها، ولكن شركة أردنية كشفت أنها احتفلت مع الشيخ منصور عندما قامت بشراء حصته.

وقد قام الشيخ منصور بصورة علنية  في عدة مناسبات بتوسيع أعمال الشركة، بما في ذلك، في أبريل 2014 عندما ساعد الشركة في تأمين صفقة تهدف إلى زيادة المبيعات في صناعة الأغذية الحلال.

كما أنه قام في يناير من هذا العام، بصفته رئيس هيئة أبوظبي للرقابة الغذائية، حيث أشرف  على مجموعة من الشركات التي حققت صفقات بقيمة 3.7 تريليون درهم إماراتي(1.3 مليار $) ،

معلومات الشركة تفيد، أنها عملت  عام 2012 على إطلاق مشروع تجاري مشترك مع شركة مواد غذائية أردنية كبرى، هي "مجموعة حجازي وغوشة"، وهي شركة نافذة بالأردن في مجال الأغذية. وأفاد مصدر طلب عدم الكشف عن هويته أن "مستقبل الإمارات" و "حجازي وغوشة" شركتان شقيقتان تملكهما شركة واحدة، ولكنها شركة مجهولة، بحسب بيانات غرفة تجارة وصناعة عمان.

وتقوم شركة مستقبل الإمارات بتصدير اللحوم إلى إسرائيل عبر ميناء إيلات، ثم يتم نقلها فورا إلى مكان الفحص الصحي في "إيلوت". ليس معروفا حجم تجارة لحوم الأبقار التي تقوم بها الشركة لإسرائيل ولكن التقديرات تفيد أنها بملايين الدولارات.في مرحلة أخرى، يتم تسليم هذه اللحوم إلى شركة "صالح دباح وأبناؤه"، وتعود ملكيتها للفلسطيني أحمد دباح الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع عائلة شارون وخاصة نجله.

علاقات سرية متنامية    

 في حين يمكن للشركات الأردنية والإسرائيلية القيام بأعمال تجارية في التجارة المفتوحة، فإن التجارة بين الإمارات وإسرائيل هي أكثر سرية حتى الآن بسبب عدم وجود علاقات دبلوماسية.ومع ذلك، من وراء الكواليس في السنوات الأخيرة أصبح القادة الإسرائيليون والإماراتيون وثيقي الصلة على نحو متزايد، بما في ذلك  علاقة أمنية سرية، حيث قامت شركة إسرائيلية بتركيب "نظام المراقبة المدنية الشامل في أبو ظبي".

العلاقات المزدهرة بين اسرائيل وأبوظبي تقتضي أن تبقى سرية لأنها، على الأقل بالنسبة للإماراتيين، هي قضية حساسة محليا لأن الشعب الإماراتي داعم بقوة للقضية الفلسطينية.

وقال اسحق غال، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة تل أبيب،  للموقع البريطاني، التجارة التي تجري بين الشركات الإسرائيلية والإمارات هي "نعمة" لكلا القائمين عليها في كل بلد.

اختراق أمني..شراكة على مستوى عال          

الأكثر خطورة الاختراق الأمني الذي رصده الصحفي في ميدل إيست آي، روري دوناغي في تقرير بعنوان "عين الصقر: نظام المراقبة في أبو ظبي الذي أقامته لها إسرائيل" نشر في 3 -3-2015 يقول فيه "برزت إلى السطح مؤخرًا تفاصيل علاقة أمنية سرية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة تكشف عن شراكة على مستوى عال تمخضت عن تكليف شركة مملوكة لإسرائيل بالمسؤولية عن حماية البنية التحتية الهامة في أبو ظبي.

فبحسب مصادر جيدة الاطلاع وتعمل عن قرب مع الشركات ذات العلاقة، علمت ميدل إيست آي أن السلطات الإماراتية تعاقدت مع شركة أمنية مملوكة لإسرائيل لتقوم بتأمين حماية مرافق النفط والغاز في الإمارات العربية المتحدة وكذلك لإقامة شبكة مراقبة مدنية فريدة من نوعها على مستوى العالم في أبو ظبي، مما يعني أن "كل شخص سيخضع للرصد والرقابة من اللحظة التي يغادر فيها عتبة بابه إلى اللحظة التي يعود فيها إلى منزله"، كما قالت هذه المصادر.

الروابط التجارية السرية       

وأشار تقرير ميدل ايست آي أن "ميدل إيست آي" علمت من مصدر تجاري في أبو ظبي لديه اطلاع جيد على المهام التي تقوم بها إيه جي تي بأن كوتشافي يحتل موقعًا في الصميم من النشاط التجاري الأمني الإسرائيلي في الإمارات العربية المتحدة وأنه هو الذي استأجر الطائرة الخاصة، وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن كوتشافي أصبح "زائرًا دائمًا تقريبًا لإمارة أبو ظبي".

وكان كوتشافي بعد أن أسس شركة إيه جي تي التي تتخذ من سويسرا مقرًا لها في عام 2007 قد فاز بأول عقد له مع حكومة أبو ظبي في عام 2008، وقد كُلفت شركته بموجب هذه الاتفاقية التي تقدر قيمتها بما يقرب من 3 مليار درهم إماراتي (أي ما يعادل 816 مليون دولار) بالقيام "بحماية كافة المرافق الحيوية داخل إمارة أبو ظبي"، بحسب تقرير نُشر في نفس ذلك العام في صحيفة الاتحاد، وهي ثاني أكبر صحيفة ناطقة باللغة العربية تصدر في دولة الإمارات العربية المتحدة.

يشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تعترف بإسرائيل كدولة ولا توجد بين الدولتين أي علاقات رسمية دبلوماسية أو اقتصادية، وذلك طبقًا لسياسة عربية نابعة من التضامن مع معاناة الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك قد يزعج الكشف عن وجود علاقات أمنية، والتي يقول محللون إنها تتطلب إذنًا مسبقًا من القيادات السياسية في البلدين، مواطني هذه المملكة الغنية نفطيًا والذين يعتبرون معارضين بشدة لإسرائيل ولاحتلالها للأراضي الفلسطينية.

 

تنسيق أشبه بالدبلوماسي..تغلغل سياسي        

ليس فقط علاقات تجارية وأمنية بل سياسية أيضا فقد رصد المحلل السياسي الفلسطيني عادل الأسطل في تقرير بعنوان "العلاقات الإماراتية - الإسرائيلية: مثالٌ للفخر!" بموقع "نون بوست" في 20-11-2015 أنه قد طالعتنا الأنباء بأن إسرائيل خلال أسابيع قليلة ستقوم بافتتاح ممثلية ديبلوماسية رسمية (علنية) تابعة للوكالة الأممية للطاقة المتجددة (IRENA)، في دولة الإمارات العربية، وتحديدًا في إمارة أبو ظبي، وبتعيين الديبلوماسي "رامي هاتان" ليكون رئيسًا لها، وذلك في أعقاب الاتفاق الذي تم بين مدير مكتب الخارجية الإسرائيلية دوري غولد، مع مدير الوكالة دكتورعنان أمين، وذلك خلال زيارته السرية التي قام بها غولد للعاصمة الإماراتية، حيث شارك في مؤتمر الوكالة، الذي عقد دورته العاشرة يومي 24 و25 نوفمبر الحالي.

اختراقات مزدوجة     

وأشار إلى أن إسرائيل قد أعربت عن غبطتها، باعتبارها ستكون الدولة الوحيدة من بين 145 دولة المنتمية لتلك المنظمة، التي سيكون لها الحق بامتلاك ممثلية (مستقلة) تابعة للوكالة في الإمارات، خاصة وأنها جاءت بناء على تطورات إيجابية بشأن العلاقات المتبادلة، ولاشتمالها على اشتراطات إسرائيلية سابقة، بشأن الدعم الإسرائيلي للإمارات ضد ألمانيا في منافستها على الفوز بمقر الوكالة خلال 2009، والتي تفيد بألا تقوم الإمارات بعرقلة النشاطات الإسرائيلية ضمن الوكالة بمعزل عن الواقع السياسي.

وتابع:"وبغض النظر عن التصريحات الإماراتية التي فاخرت بنجاحها في علاقاتها بإسرائيل بما عجز عنه العرب، وكانت تلك النجاحات قد توضحت من خلال تبادل الزيارات الرسمية، وتبادل العلاقات التجارية، وغيرها من الأمور الطويلة والتي لا يسعفنا المجال لذكرها، فإن مجرد السماح لإسرائيل بافتتاح ممثلية خاصة دائمة ومستقلة، يثير العجب، وحتى لو اقتصر الأمر على ما تدافع به الإمارات في هذه المسألة، فإن إسرائيل تعتبر فتح الممثلية في حد ذاته اختراقًا سياسيًا عميقًا في المنطقة العربية، وخاصة الخليجية منها، باعتبارها تأتي ضمن أهدافها الإستراتيجية باتجاه ترويضها ونسيانها الزمن الأول."

تل أبيب تفرض شروطها

تحت عنوان "الاختراق الإسرائيلي لمنطقة الخليج، نشر موقع الداعية السعودي الشيخ سلمان العودة، تقريرا عن مركز أبعاد للدراسات، يشير إلى أن دول الخليج من منظور الاستراتيجية الكونية منطقة حيوية، وأشار إلى أن الإمارات قامت بإغلاق مركز زايد للدراسات وتسريح موظفيه وباحثيه خضوعا للضغوط الصهيونية.

شؤون خليجية-