دول » الامارات

الإمارات والإخوان المسلمين والحرب بينهما

في 2016/06/24

خمس سياسات اتبعتها دولة الإمارات العربية المتحدة في محاربة جماعة الإخوان المسلمين واستئصالها وتجفيف منابعها هي وجميع التيارات والأحزاب والقوى السياسية المنبثقة عنها أينما وجدت وعلى أي أرض حلت، داخل وخارج الإمارات وبخاصة في الدول ذات ثقل ونفوذ إماراتي أهمها مصر واليمن وليبيا، ويعد أبرز الأدوات الاستئصال المباشر بالزج في داخل السجون والمعتقلات، والتي طالت قيادات وشباب داخل الإمارات وفي مصر والتي بلغت بالقاهرة أعضاء الجماعة حتى الصف الرابع، يأتي ذلك عبر أداة أخرى هي القوانين القمعية وحظر وتصنيف الجماعة وما انبثق عنها بالإرهابية، أما السلاح الثالث فهو الأذرع الإعلامية التابعة للإمارات وحملات التشويه والتحريض والقتل المعنوي، والقتل المادي عبر انقلابات خشنة في الميادين بتحريض إماراتي كما حدث بمصر، والحصار والإنهاك كما الحال في اليمن، وشراء شخصيات نافذة دوليا للتحريض على الإخوان.

1-الاستئصال والسجن وتجفيف المنابع

قضية تنظيم الإخوان اليمني

الحكم بالسجن ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير إذا تعلق الأمر بالإخوان المسلمين، ففي ظل استمرار المحاكمات السياسية في دولة الإمارات، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية أمس الاثنين إن دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا أصدرت أحكامها في قضية " تنظيم الإخوان المسلمين اليمني" تراوحت بين السجن ثلاث سنوات والبراءة والتي يحاكم فيها /15/ يمنيا و/4/ إماراتيين.

 وجاءت الأحكام وفقا لمزاعم المحكمة التي استخدمت تهما يغلب عليها طابع التسييس، وتستخدم ضد المعارضين لتبرير سجنهم وإيقاع العقوبات عليهم من أمثال: إنشاء وتأسيس فرع لتنظيم الإخوان المسلمين بالدولة وجمع تبرعات وأموال دون ترخيص مسبق من الجهة المختصة والانضمام إلى التنظيم غير المشروع في دولة الإمارات والمقضي بحله والذي يدعو إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة.

 وبالقضية ذاتها أمرت المحكمة كذلك بمصادرة مبلغ 3 ملايين درهم يعود للتنظيم و"مصادرة الأجهزة المضبوطة محل الجريمة"، وفقا لما تزعم المحكمة من اتهامات كان الشهود فيها ضباط أمن الدولة ولم تتح فيها ظروف المحاكمة العادلة للمتهمين.وأصدرت المحكمة أحكاما ضد ستة أشخاص بذريعة "التعاون مع تنظيم إرهابي" بالسجن من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات بينهم عرب وأمريكيين وأوروبيين.

الخلية الإخوانية

ليست هذه الأحكام هي الأولى التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات بحق متهمين في الارتباط بجماعة "الإخوان المسلمين". حيث كانت المحكمة قد قضت في يناير/كانون الثاني 2014 بمحاكمة 30 متهماً مصرياً وإماراتياً بالقضية المعروفة إعلامياً بـ"الخلية الإخوانية"، وتراوحت الأحكام حضورياً، وغياباً على المتهمين في القضية بالسجن بين 3 أشهر و5 أعوام. كما قضت بتغريم 21 متهماً في ذات القضية بمبلغ 3 آلاف درهم لكل منهم، وفقاً لما ذكرته صحيفة الإمارات اليوم.

السلطات الإماراتية كانت قد بدأت تحرياتها في قضية الخلية المصرية - الإماراتية منذ العام 2012، وأكدت أن "الخلية كانت تهدف إلى تأسيس فرع لجماعة الإخوان المسلمين المصرية، ووجود مكاتب موزعة على مختلف إمارات الدولة".

ووجهت السلطات الإماراتية اتهامات لأعضاء الخلية بأنهم يهدفون إلى "جمع الأعضاء المنتمين إلى تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، وترسيخ فكر الإخوان في عائلاتهم، إضافة إلى تجنيد أعضاء آخرين من الجنسين، من الجالية المصرية في الدولة، والمواطنين، لنشر فكر الإخوان، ومساعدة أعضاء التنظيم السري في الدولة على الإطاحة بالحكم".

القتل البطيء بالسجون المصرية         

الموت البطيء لقيادات الإخوان في السجون المصرية بتحريض إماراتي أحد أبرز طرق استئصال الإخوان في مصر، والضغط عليهم وإنهاء وجودهم، باعتبار الإمارات أكبر دولة داعمة للانقلاب ونظام السيسي الذي أطاح بحكم الإخوان الذي جاء للسلطة بانتخابات نزيهة، سجن نظام السيسي الإخوان المسلمين قياداتهم والرئيس المنتخب وحكومته ومستشاريه ونواب الشعب والمنتمين حتى الصف الرابع، ويتعرضون للقتل البطيء والإهمال الطبي بحسب منظمات حقوقية.

نظام السيسي ذراع الإمارات

أكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي عن مصر، لعام 2015 /2016 استمرار وضع حقوق الإنسان في التدهور. وفرضت السلطات بشكل تعسفي قيوداً على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي، وسنَّت قانوناً قمعياً جديداً لمكافحة الإرهاب، وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة وزعماء ونشطاء المعارضة السياسية وزجَّت بهم في السجون، كما تعرض بعضهم للاختفاء القسري. واستخدمت قوات الأمن القوة المفرطة ضد متظاهرين ولاجئين وطالبي لجوء ومهاجرين. وتعرض بعض المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وأصدرت المحاكم مئات من أحكام الإعدام والسجن لفترات طويلة إثر محاكمات جماعية فادحة الجور. وكان هناك افتقار فادح للمحاسبة، وكانت معظم انتهاكات حقوق الإنسان تُرتكب مع بقاء الجناة بمنأى عن العقاب والمساءلة.

وتشير المنظمة إلى أن قوات الأمن قبضت على 11877 من أعضاء "الجماعات الإرهابية" خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نهاية سبتمبر/أيلول، وذلك وفقاً لما ذكره مساعد وزير الداخلية للأمن العام. ويُعتقد أن الحملة شملت أعضاء في جماعة "الإخوان المسلمين" وأشخاصاً اعتُبروا من مؤيديها وغيرهم من منتقدي الحكومة. وقد سبق للسلطات أن ذكرت أنها قبضت على ما لا يقل عن 22 ألف شخص في عام 2014 للأسباب نفسها.

2-تصنيف جماعة الإخوان بالإرهابية     

سعت الإمارات إلى توفير غطاء قانوني يفتقر للعدالة، بتصنيف جماعة الإخوان بالإرهابية داخل الإمارات وخارجها، ففي 16 نوفمبر 2014 ، جاء إصدار الإمارات قائمة بالجماعات التي تعتبرها إرهابية، بعد قرار مماثل اتخذته السعودية في مارس 2014 .

القائمة الإماراتية تضم 85 كيانا، ووضعت على رأسها جماعة الإخوان المسلمين وجمعية الإصلاح التابعة لها كما أدرجت هيئات ومنظمات إسلامية غربية للمرة الأولى ضمن القائمة وهي جهات معروف بارتباطها فكريا أو تنظيميا بجماعة الإخوان.

ومن أبرز تلك المنظمات، الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه د.يوسف القرضاوي ومقره الدوحة في قطر. واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، ومجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) في الولايات المتحدة، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، والمنظمات الشبيهة في بلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وعدد آخر من الدول الأوروبية.

3-حصار الإسلاميين في الميادين

في الميادين والشوارع وساحات المعارك تسعى الإمارات إلى التضييق على الإسلاميين والنماذج الصارخة مصر واليمن وليبيا، حيث دعمت الإمارات أعداء ثورات الربيع العربي التي قادها الإخوان، ففي اليمن تشكل الاتهامات الإماراتية جزء من الاستراتيجية الإماراتية ضد الإسلاميين باليمن لكنها تشكل نقلة نوعية لأنها تأتي بتوقيت حرج بين الحسم العسكري والحل السياسي.

حصار إخوان اليمن        

في خلط للأوراق واصل وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، هجومه على إخوان اليمن، واتهمهم بالتحالف مع تنظيم القاعدة الذي كان يسيطر على مدينة المكلا كبرى مدن حضرموت، قبل العملية العسكرية الأخيرة التي شنتها وحدات من الجيش اليمني بإسناد بري وجوي من التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

وكتب قرقاش تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" يتهم فيها الإخوان المسلمين الممثلين بـ"حزب التجمع اليمني للإصلاح" بالتحالف مع القاعدة في حضرموت.

يشار إلى أن الإمارات لديها موقف سلبي متنام من الإسلاميين ففي نهاية مارس 2016 أدى التخاذل الكبير من قبل الحكومة الشرعية والتحالف العربي للمقاومة الشعبية والجيش الوطني في محافظة تعز، عقب فك الحصار الذي استمر عشرة أشهر، لعودة الحصار مرة أخرى للمدينة، وسط سخط شعبي وسياسي من هذا التخاذل غير المبرر.وسبق أن أثار موقف الإمارات من تعز، والمقاومة بها خلاف بين دول التحالف، وفقًا لتقارير نشرتها صحف أحنبية، تكشف قلق الإمارات من تصاعد نفوذ جماعة الإصلاح المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، في المدينة والأزمة اليمنية ككل حال دعمهم.

حصار الإسلاميين في ليبيا

في ليبيا دعمت الإمارات انقلاب خليفة حفتر لإجهاض الثورة الليبية على حساب أموال الإماراتيين، بهدف إقصاء الإسلاميين الذين صعد دورهم بعد الإطاحة بالقذافي، وقاد حفتر محاولة انقلاب فاشلة ضد حكومة طرابلس، وشنت الإمارات في أغسطس 2014 ضربات جوية سرية على الفصائل الإسلامية في ليبيا بدعم مصري، وفي مارس 2015 أكد تقرير للأمم المتحدة، أن الإمارات ومصر تخرقان حظر تصدير السلاح إلى ليبيا المفروض منذ الإطاحة بالقذافي قبل ثلاث سنوات، عبر تهريب سلاح إلى حكومة طبرق. كما زار حفتر أبو ظبي في إبريل 2015، لزيادة الدعم المالي والعسكري الإماراتي.

4-شيطنة الإسلاميين عبر الأذرع الإعلامية

تعد شيطنة الإسلاميين والإخوان المسلمين وحملات التشويه الممنهجة ضدهم أبرز أدوات الإمارات والثورات المضادة التي قادتها في إفشال ثورات الربيع العربي، وساهمت في القتل المعنوي والتحريض على قتل الإخوان، ومنها التحريض على فض الاعتصامات برابعة والنهضة في مصر، واستمرار الدعاية السوداء ضد رافضي الانقلاب، وأكد مراقبون دعم الإمارات المالي للأذرع الإعلامية في مصر وغيرها.

بدوره رصد الكاتب والمحلل السياسي خليل المقداد في مقال بعنوان "مصر..عندما نجح الإعلام في إسقاط ثورة" بموقع "هافينغتون بوست عربي" في 21 يناير 2016 " كيف أن "الإعلام المصري بجناحيه الرسمي والخاص ساهم بشكل كبير في نجاح انقلاب العسكر على الشرعية التي أفرزتها الثورة، وسيمجد لاحقا حرب الكيان الصهيوني على غزة، وسيطالب بحصار غزة وعدم السماح بدخول أي مواد إغاثية إليها، بل وسيطالب السيسي بقصفها.."

5-شراء شخصيات دولية لمحاربة الإسلاميين

عملت الإمارات على شراء شخصيات نافذة للتأثير في القرار الدولي بشكل يحاصر الإسلاميين ويمنع تمددهم، منهم برنارد ليون، وتوني بلير، يعد "برنارد ليون" أحد أدوات الإمارات لتدمير الثورة الليببة وتحويلها لحرب أهلية ممتدة واتهت صحيفة "الغارديان" البريطانية الإمارات باستخدام ليبيا ساحة حرب بالوكالة ضد الإسلاميين، حيث عرضت على المبعوث الأممي برنارد ليون راتبا يوميا مقداره ألف جنيه إسترليني.

شخصية أخرى مثيرة للجدل تربطها علاقات وطيدة ومريبة بدولة الإمارات إنه "مهندس غزو وتدمير العراق واحتلالها" السياسي البريطاني الشهير "توني بلير" والذي لعب دورا في دعم وتثبيت انقلاب السيسي في مصر حيث كشفت صحيفة "ذي فاينانشيال تايمز" في 25 يونيو 2014 : "أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، أصبح وسيطاً سياسياً وتجارياً، يعمل خلف الكواليس بين حكومة الامارات ودول العالم، ويشاركها انتقاد الصارخ للجماعات الإسلامية.

شؤون خليجية-